الوطن سكن كل فرد يفترش ترابه ويلتحف سماءه سواء كان مواطناً او مقيماً او قاصداً لغرض من الأغراض يأوي إليه من الحر والقر ويعود إليه عندما يريد الراحة من عناء العمل ويحن إليه عندما يكون بعيدا عنه للنزهة والاستجمام.
الوطن: مصدر الرزق يغدو صباحا في أرضه الرحبة يحترف فيه الإنسان أسباب معاشه ليدفع عن نفسه وأسرته غائلة الجوع او يسد حاجته الملحة أو يراكم رصيده، فالوطن يفتح خزائنه صباح مساء يعطي كل انسان ما هو مقدر له من السماء وفق ناموس بذل الأسباب.
الوطن: الوجاهة الاجتماعية يهيء الأسباب لاهل الطموح لمزيد من العطاء ومزيد من الرغبة في خدمة الآخرين ليرتقي سلم الهرم الاجتماعي وفق قابلياته وسعده والمكتوب له.
الوطن العمل: فكل ترابه فرص عمل وكل فضائه فرص عمل ومياهه فرص عمل. في جوفه نفط وغاز ومعادن ورمله مادة لكثير من الصناعات وشمسه طاقة وبحاره ماء قراح وطاقه.
الوطن الهوية وليس منا بدون.
الوطن: الانتماء ومن منا لا يحرص على الانتماء لأشرف مكان وأقدس بقعة (مكة والمدينة).
الوطن: النسب فهو الدوحة المتجذرة من البحر الى الخليج.
الوطن موقع الإنسان في هذا العالم.
الوطن الإيمان (حب الوطن من الإيمان) فحب الوطن من العبادة.
الوطن العبادة: يوجد فيه مكة التي يؤمها ملايين المسلمين في اليوم خمس مرات منذ ابراهيم عليه السلام وإلي قيام الساعة وفيه المدينة التي يذكر صاحبها عليه أفضل الصلاة والسلام في اليوم أكثر من خمس مرات.
الوطن فيه ذكرى الفروسية وأطلال الشعراء وقصص الكرم والوفاء، الجزيرة العربية بحجازها ونجدها انطلقت منها الدعوة المحمدية لاسعاد الانسان على وجه الكرة الأرضية من أجل تمكينه من معرفة الله وتخليصه من الوثنية والكهنوتية والرق ونقله إلى فضاء أرحب من الحرية والسعادة الابدية.
الوطن هو الإسلام وكل مسلم مواطن مهما كان يعيش على أي بقعة من هذا الكوكب.
ومن هذه القناعة المتجذرة في نفس كل فرد. فإن تحصين الوطن واجب المسؤول والمواطن والمقيم كل وفق ما فرض عليه الوطن من واجبات وما منحه من صلاحيات، وهو مسؤولية كل مسلم مهما كانت إقامته.
الوطن هو الأم وكل منا يحب أمه ولكن هل كل منا يقدم لأمه ما يقوم دليلا قويا على حب أمه.
وهل العاطفة الجاهلة هي الدليل الوحيد لحب الأم. هناك فرق بين ابن يحب أمه من خلال تحقيق رغباتها حتى وإن كان فيها مضرة صحية أو اجتماعية له وبين ابن واع لمضار امه الصحية، والاجتماعية ويعمل ما وسعه لعدم تعرض أمه لاقتراف ما يضر صحة امه.
هناك فرق بين ابن يحرص على أمه أن لا تبرح الفراش أو الغرفة ويجعلها تمارس عادات صحية سيئة حتى يدب إليها السكر والروماتيزم والضغط وكساح العظام، رغم عدم قناعته بذلك ولكن حبا لامه ورحمة، وبين ابن واع لمثل هذه الامراض ويحث امه على المشي وممارسة الرياضة ومنعها من العادات الصحية السيئة من أكل وشرب وغيره حتى وإن ظهر لامه أو من بعض محيط مجتمعها أن في ذلك تعباً ومشقة ولكنه يفعل ذلك بدافع الحب الواعي من اجل مستقبل صحة وعافية أمه ومن هنا أصل إلى ان الحب الواعي للمحب أن يحرص على أن يفعل محبه ما يديم بقاءه بصحة وعافية وحيوية حتى وان كان لا يوافق مزاج محبه.
ومن هنا فحب الوطن لا يقتصر على شعر العشق بالوطن أو تمجيده على كل الاوطان وتخدير كل محبي الوطن على هذا التمجيد.
بل حب الوطن قد يتمثل بالجرد السنوي واعداد خطة سنوية منبثقة من تلك المراجعة وتكرار المراجعة وإعداد الخطة سنويا على هذا الاساس.
ولابد من تحسس السلبيات في الوطن مثل ما تعلن الايجابيات عنه.
تلمس هذه السلبيات ليس من اجل التشهير بها او جلد ذات الوطن ولكن من اجل التشخيص ووصف الدواء ومتابعة الحالة واستعراض الحالات المشابهة من الآخر واستقرائها قراءة استنباط واستنتاج لمحاولة تجنب الوطن سلبيات الآخرين وافادته من ايجابياتهم، فلسنا أسوأ الناس كما أننا لسنا أحسن الناس والدول والشعوب مثلنا كذلك لها سلبيات ولها ايجابيات وعلينا بزيادة ايجابياتنا والتقليل ما أمكن من سلبياتنا وليس فينا معصوم كل ما يفعله صح، وليس فينا أحد كل ما يفعله خطأ، ولابد من التعويل على المؤسسات سواء كانت مؤسسات حقيقية كمؤسسات المجتمع المدني او المؤسسات البديلة كاللجان والرأي العام والموثوق بهم من اهل المشورة والدراية وجماع ذلك حسن اختيار اهل التكليف مهما كانت دونية موقعة في التكليف. ولابد من تأهيل أهل التكليف بالتعليم والتدريب والتطبيق والممارسة والملازمة وتمثل القدوة الصالحة النافعة، ولابد من تعبيد مسارات النقد والتقويم وفق قنوات بناءة وليست هدامة من خلال التجريح والتشهير ولابد ان تأخذ القدوة مكانها اللائق بها في طول وعرض المجتمع الرسمي والمدني.
المواطن:
المواطن ليس حامل الرعوية السعودية أو المولود أبا عن جد في السعودية حتى الجبال والسهول والاودية موجودة في الجزيرة العربية منذ آلاف السنين المواطن في نظري هو الشعور هو الإحساس هو الهاجس هو المهموم بالوطن هو الهوية الإسلامية هو النسب العربي هو كل ذلك في كل نفس تعيش على هذا الوطن ذكراً أو أنثى. إذا ما ارتضينا هذا التعريف فحتى المقيم مواطن سعودي بدون رعوية حتى الإقامة السعودية تعني المواطنة فالوطن للجميع.
الرياح عندما تهب المطر عندما ينزل الكواردث عندما تحل لا تفرق بين سعودي برعوية ومقيم باقامة بل تحل على الجميع، من هذا فالمواطن هم كل سكان المملكة كل مسؤول مواطن وكل مكلف مواطن وكل تابع مواطن الوطن للجميع وطالما الوطن للجميع فالحقيقة يجب ان تكون مشاعة للجميع رجل الأمن مواطن قبل ان يمتهن حرفة الأمن والمواطن والمقيم رجل أمن لأن أمن الوطن أمن لنفسه واسرته وجيرانه ومجتمعه فلابد ان يكون المواطن عين الأمن رجل الأمن حصن المواطن ومن تلك القناعة لابد أن تكون الجسور ممتدة للجميع وأن تكون الحقيقة متاحة والشفافية موجودة حتى نقضي على الإشاعة.
ولابد أن نجعل من المؤسسات العامة منتديات للمواطن من خلال نجدته ومساعدته والأخذ بيده أو إرشاده.
ومن هنا نكون قد دفعنا الى الأمام رفع درجة الحس الوطني وتعزيز الجبهة الداخلية في المجتمع الذي يتأتى من خلال مؤسسات وكوادر تعنى بتنشئة وتربية الشباب تربية سياسية ووطنية وعربية وإسلامية. مؤسسات الدولة السياسية لابد أن تلتصق بالشباب من خلال تنظيمات تربوية وتوعوية وفق خطط منهجية. ولا نترك شبابنا كالشعرة في مهب الريح تتلقفها جمعيات حتى وإن كانت تحت لافتة براقة انها تدخلهم في نفق مظلم لا يرون الشمس الساطعة على الكرة الارضية إلا من خلال تلك الفتحة الصغيرة وفق المقاس الذي تريده تلك الفئة الساعية به الى الأدلجة واحتكار المرجعية، أو أن تتلقفهم أدلجات خارج الوطن تعمل في الظلام وفي داخل السراديب المظلمة لا تعلن عن نفسها إلا وهي في كثرة الطيور المهاجرة في وقت موسمها، أو نترك الفئة الباقية من الشباب في المقاهي والأسواق والمجمعات المظللة والمكيفة يصل الواحد منهم إلى منتصف العمر وهو (عيل) يصرف عليه والداه.
|