كان حماري عابثاً لاهياً لا يأبه بأوامري ولا يستجيب لي بمطلب مع انني كنت أسبل عليه الأطمعة وبدلات الصوف بلا حساب.. وكنت أتوقع ان حماري سوف يثب إلى رشده ويشكر نعمتي عليه بيد ان حماري أمعن في عبثه.. يرتاد الحفلات والمقاهي ويشرب ويأكل على حساب وعلى نفقة جيبي الخاص وإذا عاتبته على هذا ابتسم وأدار لي كتفه وقال: انه لا يستطيع ان يصبر على الحياة داخل المزرعة! مع ان المزرعة مجهزة ومنظمة وملائمة لحياة حمار ارستقراطي مترف مثله.. وكنت شهرياً أطوف بأصحاب المقاهي والحوانيت وأسدد ما على حماري من ديون.. حتى انني كنت أصرف عليه ضعف ما أصرفه على نفسي، وكان لدي جملة من الحمير التي أحسرت عليها في مزرعتي وكانت هذه الحمير لا تعصي لي أمراً ولا ترد لي مطلباً وتقنع بالنزر اليسير من الطعام والملابس..
ولكن حماري هذا أفسد علي تلك الحمير.. فأرتئين ان يسرن على نهجه ويمشين على دربه.. فكان ان حدث ما كنت اتلافى حدوثه.. حيث أصبحت حميري كلها مثل حماري الأول وصرت أصرف على هؤلاء الحمير صرفاً أودى بخزينتي إلى الافلاس!! فأدركت ان ليس ثمة طريقة أحسن من ان اتخلص من هؤلاء الحمير المترفة والتي اصبحت تضاهي أكبر خنفس «الشباب المخنفس» في العالم، وفعلاً بعت الحمير على مزارع كان يعمل قريباً من مزرعتي.. فكان ان استعمل هذا المزارع الشدة مع حميري حتى أصبحت «بني آدمين».
وذات يوم مررت من المزرعة التي تعمل بها حميري.. أتدرون ماذا قال لي حماري؟ لقد قال لي كلاما أدركت معناه جيداً.. وغنى حماري «ألا يا عين هلي.. دموعك يا شقية.. على عهد مضى لي».
|