يتملكني العجب.. أو بالأحرى تملكني العجب في السابق.. في كل مرة تم دعوتي«أثناء الدراسة في الخارج» إلى حفلة احتفال بعيد ميلاد. فلأسباب ثقافية/ إقليمية لدي في الحقيقة موقف هو أقرب إلى السلب منه إلى الإيجاب تجاه الاحتفال بعيد الميلاد فلكأني بلسان حال هذا الموقف يقول لي لماذا أعبأ في توثيق اقترابي إلى النهاية..؟ ولماذا أكترث بتعداد دقائق الحياة وإحصاء ثوانيها في وقت:
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني..
فمن وجهة نظر شخصية«بحتة!» أعتقد أن في توثيق سنين العمر- عن طريق إقامة احتفال خاص بها- دخول في معمعة التفاصيل وللزمن بكل تأكيد في التفاصيل الزمنية القول الفصل.. فالحياة ركوب طائرة مصيرها التحطُّم ومع حقيقة حتمية كهذه أفضل التحطُّم الفجائي على الآخر المرتقب المنتظر الموثق..
بالإضافة فمن الناس من لو احتفل بعيد ميلاده لأضحت ليلته تلك شر ليلة ولبات مهموما مغموما.. ولهاجت في كيانه الذكريات المؤلمة من ذكريات«الظروف» القارعة لأجراس بعض إيلام مراحل الحياة السابقة.
ومما زادني في الحقيقة نفوراً لا من الاحتفال بعيد الميلاد وحسب، بل أيضا تلبية ما يردني من دعوات لذلك هو ما حدث أيام الدراسة حين قام أحد الزملاء«الآن!» بدعوتنا إلى حفل عيد يوم ميلاده«المجهول!» وهناك تطورت الأمور حيث دخل هذا الزميل في خضم معمعة جدلية مع أحد المدعوين الذي أصر على تفنيد ما ادَّعاه صاحبنا المحتفى من السنين الأمر الذي كاد يتحول إلى معركة جسدية لولا ما تم بذله من جهود تهدئة ودعوات إلى الجنوح إلى السلم والانسحاب ليلتها..
فلماذا إذن«نعد الليالي والليالي تعدنا..؟!» كما يؤكد ذلك شطر البيت الشعري المشهور شعبياً، بل ألا يكفي ما توصل إليه الشاعر الفصيح من حقيقة مفادها.
وما كذب الذي قد قال قبلي إذا ما مرَّ يوم مرَّ بعضي؟! |
|