* القاهرة - مكتب الجزيرة - عاطف عوض:
يجري حاليا العمل على قدم وساق بين فريق مشترك من علماء الحاسب وخبراء صناعة النسيج، بتمويل من وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» من أجل إخراج نوعية من النسيج تتضمن إلكترونيات تستطيع مساعدة الجيش الأمريكي في تحديد مواقع الأصوات وعدد آخر من التطبيقات ذات الأهمية العسكرية أثناء الحرب المتوقعة ضد العراق.
وقد قام الباحثون في جامعة جنوب كاليفورنيا ومعهد فيرجينيا للتكنولوجيا بتطوير نوع من النسيج يضم أسلاكا كهربائية، وعنقودا مكونا من سبعة ميكرفونات في حجم الأزرار يمكن استخدامها في تحديد مواقع الأهداف البعيدة مثل اقتراب شاحنة معادية.. ويقول مارك جونس،استاذ هندسة كهرباء الحاسب الآلي في معهد فيرجينيا للتكنولوجيا: يسمح هذا النسيج الجديد بتصميم أنظمة حوسبية كبيرة للغاية بها وحدات استشعار ومصادر طاقة داخلية وفوق كل ذلك: عدم وجود تكاليف باهظة بل ان التكلفة ستكون رخيصة للغاية حيث سيتم استغلال مرافق ومعدات صناعة النسيج القائمة بالفعل بعد اجراء تعديلات عليها لتوائم التقنية الجديدة.
وتسمح دائرة كهربائية صغيرة ملحقة بالنسيج الجديد بمقارنة الأصوات التي تأتي اليها من كل ميكرفون من الميكرفونات الست ثم تستخدم مجموعة من المعادلات والصيغ الرياضية المعقدة لتحسب في ثوان وتقرر الجهة الصادر منها الصوت.
ثم تقوم الدائرة بعد ذلك بارسال رسالة لاسلكية عن ذلك الاتجاه القادم منه الصوت - يطلق عليه «مسار الاتجاه» - إلى الحاسب المحمول أو حاسب الجيب الذي يقتنيه الجندي.
وفي الوقت الحالي، يتم وضع البطاريات التي يعمل عليها النظام الجديد في جيب الجندي. أما في المستقبل فإن الموديلات الجديدة سوف تشهد اندماج البطاريات والدوائر الكهربائية داخل النسيج نفسه.
ويمكن وضع النسيج على الأرض أو تعليقه على شجرة في المناطق غير الآمنة مثل ميدان المعركة أو أثناء مواجهة حروب العصابات. ويمكن استخدام هذا النسيج «الذكي» في صناعة الخيم والمظلات.
يقول بوب باركير نائب رئيس معهد يو اس سي لعلوم المعلومات: ان النسيج الجديد رخيص، وبديل غير مكلف لأنظمة الاستشعار عن بعد المتحركة التي يستخدمها الجيش الأمريكي حاليا وهي عادة يتم تركيبها في الشاحنات أو العربات الجيب التابعة للجيش.
وسوف يتم اختبار النموذج الأولي لهذا النسيج الذكي في مطلع نوفمبر القادم.
ومن المتوقع أن يكون بامكان النسيج الذكي تحديد الأهداف على مسافة أكثر من 100 متر. ومن أجل إنتاج ذلك النموذج الأولي، كان على الباحثين أولا أن يجدوا نساجا ذا قدرات ذهنية خاصة للتفاهم معه. وكان هذا النساج- او بالأحرى النساجة - امرأة هاوية تدعي دانا رينولدز والتي لم تكن خبرتها تتعدى نسج الأوشحة والملابس المطرزة قبل أن تفاجأ بطلب عجيب من القائمين على المشروع.. وكان الطلب بسيطا ولكنه في غاية الغرابة: نحن نريد نسيجا الكترونيا!
تقول دانا عن تلك التجربة: كان الأمر في البداية مخيفا لأنني لم أتعامل مع نسيج به أسلاك بدل الخيوط من قبل. ولم يكن لدي أدني فكرة عن طريقة تصنيعه أو حتى طريقة عمله. ثم انقلب الأمر بعد ذلك ليصبح سهلا للغاية.. أسهل مما قد يتصوره أكثر المتفائلين. وكانت دانا تقوم بالنسج في حوالي 24 لفة من السلك في كل اتجاه باستخدام خيط قطني رفيع وخفيفا وكانت تنسج ثلاث طبقات مختلفة من المواد: طبقة بها الأسلاك الرأسية بالأسفل، وأخرى بها الأسلاك الأفقية في الأعلى، والطبقة الوسطي بين الاثنين هي طبقة عازلة. وتشرح دانا مهمتها الجديدة: كان على أن أنبش الطبقات لأسحب تقاطعا من الأسلاك الرأسية والأفقية ثم أمسكهما باستخدام قلم بصفة مؤقتة حتى يأتي خبراء المعهد ويضعوا عند نقاط الالتقاء هذه الميكرفونات اللازمة.
وتستغرق العملية برمتها وقتا طويلا يقدر بمئات الساعات بما فيها النقاش مع باحثي المعهد واعداد المنسج ثم القيام بالنسج. واستخدمت دانا 40 كرة من الخيط الرفيع بجانب الأسلاك من أجل صنع النموذج الأولي، أما النموذج التالي - الذي يتم الاعداد له الآن- فمن المتوقع أن يكون أكبر حجما.
| 
