برغم تصريحات وزير المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي المتكررة حول ظاهر انتشار شركات توظيف الأموال أو الاستثمار، والتي أصبحت تنتشر بشكل واسع وملحوظ بمناطق معينة ومحددة لدرجة ان تفاجأ وأنت بمكتبك أو من خلال هاتفك ان تجد شخصاً أمامك ويعرض عليك استثمارات «مضمونة العائد» ويجلس هذا الشخص أو المسوق ويشرح باسهاب وانطلاق تصل لدرجة أنك تعتقد أنه متيقن جدا من العوائد والأرباح بلا جدال ويؤكد هذا المسوق أو المندوب لهذه الشركات على تحقيق عوائد بوقت وجيز ومغرٍ جداً.. وتصل الأرباح إلى 30 أو 40% وحتى 60% خلال ستة أشهر أو سنة على أكثر تقدير ولاجدال في ذلك طبقا لحديثه.
ومن خلال رؤية وتحليل الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية، والتي لا تخفى على كل مطلع ومهتم ومتابع ومدرك بالشأن الاقتصادي في كل أنحاء العالم من حالة الكساد والركود المتزايدة وانخفاض أسعار الفائدة بل هناك توجه لخفض آخر لسعر الفائدة الأمريكي للمرة الثانية عشرة لكبح حالة الركود وإعادة دفع وحفز الاقتصاد للنمو من جديد كذلك قلة حجم الإنفاق مما يعني انخفاض نسبة النمو الاقتصادي من ذلك يصعب معها بل ويستحيل في ظل هذه المعطيات والمسلمات تحقيق عوائد مالية وأرباح تصل إلى 40 أو 60% فلا يوجد مشروع أو توظيف لأي أموال ممكن له ان يحقق هذا العائد من الاستثمار خلال هذه الفترات القصيرة أو حتى الطويلة نسبيا وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية.
لقد نشأت كثير من شركات توظيف الأموال في العالم العربي وحتى داخل المملكة وبمستويات مختلفة والمفارقة الأساسية غير مرخص لها رسميا من أي جهة حكومية!!.. وغالبها أفلس وأفلس معها صغار المستثمرين وهي تنظر الآن في المحاكم لتصفية وإعادة ما يمكن ان يعاد من أموال وهذه الشركات الموظفة للأموال لاتخضع لأي مظلة أو تشريع أو رقابة قانونية وتؤكد ذلك مؤسسة النقد بإعلانات بالصحف بصورة متكررة وتحذر منها وبرغم توزيع أرباح مالية كبيرة في البداية من قبل هذه الشركات، ولكن في النهاية كان مصير هذه الشركات الإفلاس الكامل وخسائر كبيرة للمستثمرين الصغار وغيرهم، والغريب هو استمرار هذه الشركات التي توظف هذه الأموال بدون أي رقابة من قبل الجهات الحكومية المعنية سواء وزارة المالية أو وزارة التجارة أو مؤسسة النقد؟! وأيضا الملاحظ قلة الوعي لدى الكثير من المستثمرين الصغار ممن يبحثون عن تعظيم رؤوس أموالهم بأكبر عائد وينجرفون خلف وعود تتحقق في البداية وتكون أكبر الخسائر في النهاية.
إن تفسير تلك العوائد الضخمة التي تتحقق، هي اتباع طريقة «البيع الهرمي» بمعنى ان يتم أخذ أموال المستثمرين الجدد وتوزع كأرباح على المستثمرين القدماء أو الأقدم وحسب تسلسل يظهر خلال فترات محددة انها عائد استثمار، وهناك نشرات وإعلانات رسمية من مؤسسة النقد تبين مخاطر هذه الاستثمارات غير المشروعة من قبل أي جهة رسمية حكومية أو ترخيص لها، وقد استخدمت هذه الطريقة «البيع الهرمي» بطريقة جاذبة للأموال ومغرية جدا بلاشك ولن يتردد أي مستثمر في الاندفاع لها، حتى ان البعض لايفضل ان يعرف أو يسأل ما هو نوع هذا الاستثمار الذي يحقق هذه العوائد الكبيرة فهو يكتفي بالربح دون السؤال عن المصدر أو المصادر فالربح مغرٍ وكل شيء مغرٍ فلماذا السؤال؟! وماهو مبرره؟! ولكن حين تحدث الطامة بتحقيق الخسائر الكبيرة والإفلاس فإنهم عند تلك اللحظة يسألون أين الجهات الرسمية؟ أين الرقابة وغيرها؟ من سمح لهم؟ وغيره... ويبدو ان اغراء الربح يعمي أو يطمس نصائح مؤسسة النقد العربي السعودي التي تنشر بشكل دوري مخاطر ذلك ولكن ما لا مجيب.
إننا نحتاج إلى وقفة حازمة من قبل الجهات الرسمية والمعنية هنا مباشرة هي مؤسسة النقد، بحيث تمنع هذه الظاهرة المنتشرة بإجراءات رسمية لحماية المواطنين اننا أمام اندفاع بشكل متزايد وخارج السيطرة أيضا وهي تتم من الباب الخلفي ولا تظهر على السطح بوضوح، وهي تمارس بالخفاء وبتسارع يثير الاستغراب والسؤال وبحملات اغراء لا قبل للمواطن أمامها ان يقف على الحياد أو حتى التفكير والتردد نهائيا، يجب العمل على توعية المواطنين بهذه الاستثمارات المشبوهة وغير الآمنة والتي لايعرف لها بداية أو نهاية فهي أموال صغار مساهمين ومستثمرين يبحثون عن تعظيم رؤوس أموالهم بأسرع الطرق وأقلها مخاطرة وهذه معادلة لم توجد بعد فهل يدرك هؤلاء المستثمرون؟؟!!
FAX403314@HOTMAIL.COM |