صديقتي التي.. رأت ان الإناء به شرخ.. فكسرته!!!!..
وحولته «بسحقة قدم» إلى نثار تلعب به الرياح.. معلنة ان عطراً كان هنا.. وروحاً كانت هنا.. وصدقاً كان هنا.. والآن لا هنا ولا هنا.. سوى البقايا فقط!!!!..
لك ما أردت.. سمعا وطاعة.. لعاصفة تقتلع الحنين من جذوره وتحول اغصانه إلى «حطب يدفئ هذا الشتاء».. وينتهي رمادا يغسل بقاياه مطر كمطر الرياض.
سأقول شيئاً قبل أن اصدر للذاكرة قراراً بالتوقف عن استقبال تشوهات الحياة التي ترسمينها بدقة على ملامح زمنك وزمن غيرك.. قبل ان أهمس للذاكرة نفسها ان ترفع ما كان بيننا إلى مكان مرتفع لا تصله فيضانات غضبك على كل شيء حتى نفسك.
منذ فترة قصيرة كنت أشرح لطالباتي كيف اننا لا نرى الذكاء كما نرى الملامح والأشياء، أي اننا لا نستطيع ان نقول ان الذكاء هو رجل طيب، أو امرأة جميلة، أو طفل شقي، ورغم ذلك لا ننكر وجوده ودوره وإمكانية التعرف عليه.
ولكن الآن لي ان اعتذر لهم جميعاً، فلقد أخطأت يا سيدتي التي.. أخطأت وبقوة.. وساعترف لهم بخطأ ارتكبته وتماديت فيه.. سأقول لهم لقد كذبت عليكم عندما اخبرتكم جميعاً اننا لا نستطيع رؤية ما هو غير مادي.. والامساك به بين أناملنا.
سأقص عليهم حكاية قصيرة جداً كتلك التي تنشر في الصحف لمحترفي الكلام..
في صباح مشرق..
وكعادتي دخلت إلى مكتبي وصنعت لي كوباً لذيذاً جداً من الشاي.. انتظاراً لموعد المحاضرة الأولى.. فإذا.. بالغباء يدخل مسرعاً.. بكامل أناقته.. مصففاً شعره كأنه ينتظر موعداً مع حبيب حضر بعد غياب.. جلس أمامي.. وبدأ يتحدث.. وينفعل ويغضب.. ويستنتج.. ويقرر.. ويتهم.. ويلوح بيده تأييداً لصدقه.. ثم هدد بعقاب أشد لو ان ما حدث فعلاً حدث!!!!..
وخرج مسرعاً..
واغلق الباب خلفه..
وأظنه ابتسم..
وأعتقد انه اطمأن انه مازال غبياً..
وأظنه فكر انه انتصر.. لهذا كسر الإناء..
وربما استنتج ان خسارة من لا أهمية لهم.. مكسب بحد ذاته..
اعتذر للذكاء فقد كنت قاسية وأنا أتحدث عنه..
وتحياتي للغباء الذي.. يعبر عن نفسه بذكاء غبي!!!!!
وشكراً لكأس الشاي فقد كان لذيذاً كالصمت تماماً!!!.
ص.ب 28688 الرياض 11447 |