Saturday 9th November,200210999العددالسبت 4 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لماذا تختلف آراء الناس؟؟ لماذا تختلف آراء الناس؟؟
بقلم: مطلب عبدالله النفيسة
29-12-1388هـ - 18-3-1969م العدد 235

ان أي قضية موضوعية تطرح للبحث والنقاش لا تحتمل إلا رأيا واحداً صحيحاً ورغم هذا نجد آراء متعددة كل رأي يعتقد انه حل المشكلة وانه هو الصحيح فكيف ذلك؟
ان حل هذه المشكلة مهم جدا لنعرف هل تعدد الآراء أمر حتمي ولنعرف السبب الذي يؤدي الى تحزب الأحزاب وتصارع الآراء.
وهذا يقتضي تحليل هذه المشكلة وتبيان عناصرها الأساسية:
1- ظروف الخلاف.
2- أسباب الخلاف.
3- موضوع الخلاف.
أولاً: ظروف الخلاف:
أ- اختلاف الآراء في أزمان متباعدة في مكان واحد.
ب- اختلاف الآراء في أماكن متباعدة في زمن واحد.
ج- اختلاف الآراء في أماكن متباعدة في أزمان متباعدة.
د- اختلاف الآراء في مكان واحد في زمن واحد.
ان اختلاف الآراء بين مفكري جيل سابق ومفكري جيل لاحق أو بين مفكري زمن معين ومفكري زمن آخر أمر طبيعي لأن كل قضية لها ظروف خاصة ولا يمكن حلها إلا بإدراك هذه الظروف وتكييف الحل طبقا لها.
أما الحلول المستوردة لمسائل محلية فلا تزيد الأمر إلا تعقيداً وكذلك الحلول المستقاة من التاريخ عند تطبيقها تطبيقاً آلياً.
هذا ما ناحية ومن ناحية أخرى قلما ينشأ خلاف حول هذه المسألة لأن التطبيق العملي لمثل هذه الحلول قد باء بالفشل.
ولكن جوهر الموضوع والذي يجب بحثه هو سبب الخلاف بين مفكري جيل واحد في مكان واحد.
ولمعرفة هذا نحلل أسباب الخلاف.
ان أسباب الخلاف قد تكون راجعة لذات الشخص صاحب الرأي وقد تكون راجعة لذات الواقعة ولذا فهي:
1- شخصية.
2- موضوعية.
الأسباب الشخصية هي التي تنبع من مصلحة الشخص الذاتية فصاحب المصلحة الخاصة سيتعصب لرأيه مهما برهن الزمن على خطئه.
فمثلا لو أردنا حلا لقضية ما: ولتكن قضية ارتفاع الأسعار أننا سنجد المستهلكين والتجار على طرفي نقيض وستختلف آراؤهم وكل يتحزب لرأيه لا لأنه الحق بل لأن لكل منهما مصلحة شخصية في وضع معين.
فطالما أنت تريد حل مشكلة معينة مع شخص له أو لكما معاً مصالح شخصية في حلها بكيفية معينة فإنكما لن تتفقا رغم معرفة الحل الصحيح.
ان هذا هو السبب الرئيسي وهو ليس حتمياً ولكنه مرهون بوجود المصلحة الخاصة.
ويمكن حل مثل هذا الخلاف عن طريق تدخل الدولة والدولة عبارة عن مجموع من الموظفين أي أنهم بشر مثل المختلفين في الرأي تماما. ولذا فالدولة في حلها لمثل هذه المشكلة تتبع طريقين.
1- طريق يتفق مع رأي الأغلبية ويضحي بمصالح الأقلية.
2- طريق يتفق مع رأي الأقلية ويضحي بالغالبية.
واتخاذها هذا الطريق أو ذاك هو الأساس الذي يبنى عليه الحكم على الدولة ويبين عدالة سياستها وسيرها مع الحق ولذا فلا بد في الوضع الراهن ان تكون سياسة الدولة مهما كانت عادلة - موضع خلاف طالما للمصالح الشخصية أثر في تحديد المفاهيم بل ان أساس وجود الدولة كسلطة لها جيوش وشرطة وأجهزة عديدة هو الملاءمة بين هذه المصالح الشخصية ولو لم يوجد خطر من ورائها لفقدت الدولة - كسلطة - شرطها الأساسي وأصبحت مجرد منظمات ادارية تقوم بحل المشاكل التي تواجه جميع الناس واستراحت من حل المشاكل التي تثور بين الناس أنفسهم. ولذا فلا توجد في الأرض اليوم حكومة ذات عدالة مطلقة وإنما تتفاوت الحكومات في تمثيلها للأكثرية أو للأقلية.
2- السبب الموضوعي: هذا نابع من طبيعة الواقعة ذاتها ولا تحدده المصالح الشخصية وهذا السبب لا يشكل خطراً إذ الحقيقة واحدة وهي ان خفيت اليوم فستظهر غداً والتطبيق والممارسة كفيلان بإيجاد اتفاق في الآراء بعد مدة معينة.
والخلاف الراجع الى الموضوع يتصل بموضوع الخلاف.
فقد تكون القضية حسية:
1- تدرك بالحواس.
2- معنوية: تدرك بالمعنى.
أما المسائل الحسية فهذه لا تثير صعوبة فمهما اختلفت أنت وآخر على لون شيء معين أو وزنه أو قياسه أو.. إلخ فما عليكما إلا رؤيته ووزنه قياسه.. وبعد القيام بمثل هذه الأعمال ستتفقان.
أما المسائل المعنوية فمقياسها فهم معناها وهذا المقياس مرن ولذا فالاختلاف عليه وقياسه صعب ويحتاج لدراسات ومناقشات طويلة وتحضير فكري ولذا فكثيراً ما يشتد الخلاف وكل رأي له أسانيده وحججه.
وهنا قد يكون الخلاف حول مسألة خاصة كالخلاف حول مستوى كتاب معين أو مؤلف معين فهذا الخلاف راجع الى ذات الكتاب أو المؤلف وأثره في صاحب الرأي وكل من المتجادلين رآه بعين غير التي رآه بها الآخر ولكن مثل هذ الخلاف لا يثير صعوبات كثيرة وليس حتمياً فبعد التحقق من الشخص أو المؤلف ودراسته تماما يزول الخلاف.
ولكن الخلاف يكون أكثر أهمية حين يدور حول مسألة عامة اجتماعية كالخلاف بين شخصين حول قضية عامة لا مصلحة ظاهرة لاحدهما فيها كالمسألة الوطنية أو القومية أو الاستعمار الى غير ذلك من المواضيع العامة فكل قضية من هذه القضايا لها مفهومان: مفهوم شكلي ومفهوم جوهري.
فقد يتجادل اثنان احدهما يفهم أي قضية مما سبق فهما شكليا سطحيا وأحدهما يفهمها فهما موضوعيا واقعيا وهذا الخلاف بدوره ليس حتميا ويزول بزوال المفاهيم الشكلية وادراك حقائق الأمور أو بعد حكم التاريخ إذ التطبيق العملي هو المقياس لكشف الخطأ من الصحيح.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved