لقد بدأ الصيام تدريجياً فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ويصوم عاشوراء قبل أن يفرض صيام شهر رمضان، وعندما فرض الصيام كان اختيارياً فمن شاء صام ومن شاء أطعم عن كل يوم مسكيناً وذلك تخفيفا على المسلمين حتى تستجيب له نفوسهم وتتروض عليه قال تعالى {يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون<83> اياماَ معدودات فمن كان منكم مريضاً او على سفر فعدة من ايام اخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وان تصومو ا خير لكم ان كنتم تعلمون <84>} روي عن ابن مسعود وبن عباس وغيرهما رضي الله عنهم أن الصحيح المقيم الذي يطيق الصيام فخير بين الصيام وبين الاطعام إن شاء صام وإن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً وذلك عندما فرض الصيام قال تعالى { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وان تصومو ا خير لكم ان كنتم تعلمون <84>} ثم أنزل الله الآية الأخرى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ<185>} فنسخت هذه الآيةُ الآيةَ الأخرى آية التخيير فأثبت الله صيام الشهر على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر. إن هذا التدرج الذي حصل في فرضية الصيام يشبه التدرج الذي حصل في فرضية الصلاة والتدرج الذي حصل في تحريم الخمر، وهذا يدل على الحكمة الربانية التي يتجلى فيها الشعور بالرفق واستمالة النفوس، وجذب العواطف لقبول هذه التشريعات التي دعو إليها بأساليب وألفاظ تقطر رحمة وشفقة وتسكب في قلب المؤمن اليقين والرضى والقبول.
|