* الرياض عمر اللحيان:
تزامناً مع دخول شهر رمضان المبارك، أعد المركز الإعلامي لحملة الأمير سلطان الوطنية للتثقيف الصحي عددا من التقارير الطبية المرتبطة بالسلوكيات الغذائية خلال هذا الشهر الكريم، والتي تؤدي إلى تفاقم بعض الأمراض، أو التسبب في حدوث أمراض أو ظهورها لأول مرة.
ومن هذه الملاحظات الطبية أهمية الحمية الغذائية، وخطورة الكوليسترول ومرض السمنة وذلك لارتباطهما بأمراض القلب وما يمثله ذلك من خطورة في حياة الفرد، ومن تأثير وفتك بالمجتمعات والأمم والشعوب.
السمنة
كثير من الناس يعاني من زيادة الوزن، ومعظم الذين زادت أوزانهم زيادة كبيرة حاولوا تخفيفها ولهثوا وراء الدعايات الإعلانية بشأن تخفيف الوزن، لكن الأمر يحتاج إلى قدر كبير من التثقيف الصحي والغذائي والرياضي لتزول السمنة دون مشاكل أو مضاعفات صحية أخرى.
فمن أسباب زيادة معدل السمنة في مجتمعاتنا، قلة الرياضة والمجهود، وتناول الطعام بكميات هائلة، مع قلة التوعية الغذائية الصحية، وميل الكثير إلى الوجبات السريعة والأطعمة اللذيذة غير المفيدة، إن السمنة في مراحلها المتطورة تؤدي إلى أمراض الرفاهية مثل السكري غير المعتمد على الأنسولين، وارتفاع ضغط الدم الشرياني، وسرطان الرحم عند النساء، وفي هذا الصدد ينصح الدكتور حسين عبدالله هاشم يماني استشاري الطب الباطني وأمراض القلب والأوعية كلية الطب بمركز الملك فهد لأمراض وجراحة القلب بتعديل السلوك الغذائي لما له من دور مهم في إنقاص الوزن، وممارسة الرياضة بانتظام، وعدم انتهاج أنظمة الريجيم لإنقاص الوزن.
يعتبر الكوليسترول مادة دهنية صفراء تشبه الشمع وهي ضرورية لصنع وحفظ أغشية خلايا جسم الإنسان وفيتامين «د» والهرمونات، والكوليسترول ضروري لصنع العصارة الصفراوية التي تنتجها الكبد لهضم الدهون.
ويعتبر الكوليسترول عالي الكثافة مفيدا للجسم، بينما النوع منخفض الكثافة يعد ضاراً لأنه ينقل الكوليسترول من الكبد إلى الشرايين والأنسجة ويساعد على تصلب الشرايين، وهذا يمكن التقليل منه عن طريق ممارسة الرياضة وزيادة الكوليسترول المفيد الذي ينخفض بالتدخين، ومن مخاطر الارتفاع المزمن للكوليسترول الضار حدوث الجلطة الدماغية، وجلطة القلب والأطراف وربما التهاب المرارة.
وللوقاية من الكوليسترول يجب المحافظة على الوزن الطبيعي والحرص على ممارسة الرياضة يومياً وبانتظام، وأتباع نظام غذائي سليم يحتوي على غذاء صحي قليل الدهون عالي الفواكه والخضروات والحبوب والأسماك واللحوم البيضاء قليل اللحوم الحمراء والألبان ومشتقاتها قليلة الدسم، والتحكم في مرض السكر وارتفاع ضغط الدم الشرياني، والامتناع عن التدخين.
وفي حالة ارتفاع بسيط للكوليسترول الكلي والضار يجب أتباع خطوات الوقاية ما لم يكن هناك تصلب في الشرايين أو وجود مرض السكري ويجب مراقبة الكوليسترول بعد ثلاثة أشهر، وإذا لم ينخفض في هذه المدة يعطي العلاج الدوائي المخصص للكوليسترول المرتفع.
صحة القلب من صحة الغذاء
الغذاء الصحي يقصد به الغذاء الذي يشمل المكونات الأساسية والضرورية لجسم الإنسان، فالتنوع الغذائي يتيح وجود جميع العناصر التي يحتاجها الجسم، كما ان الممارسات الخاطئة في الغذاء تؤدي إلى نتائج سلبية أبرزها التسبب في عدد من الأمراض. لذلك لا بد من الحصول على غذاء صحي متوازن يتمثل في تقليل السكريات، تناول الكربوهيدرات، تقليل الدهون، تناول 40% من البروتينات المكونة للطاقة، تناول السلطة الخضراء يومياً، الإكثار من الفواكه، تناول الألبان عالية الدسم وتجنب المقليات وتناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم والحديد وحمض الفوليك والمكسرات والإكثار من الماء والحفاظ على أوقات الوجبات الغذائية وكذلك التقليل من ملح الطعام.
ممارسات خاطئة يجب تصحيحها
يقول د. حسين عبدالله هاشم يماني أن صحة الطعام لا تتحقق باتباع سلوك التوازن الغذائي فحسب، بل هناك ممارسات خاطئة يجب تصحيحها ومنها: إهمال مراقبة الوزن، عدم الانتظام في نوعية وكمية ووقت الوجبات، عدم ممارسة الرياضة بانتظام، الخلود إلى النوم بعد تناول الطعام، عدم الحرص على التنوع والتوازن الغذائي، إهمال مظهر الجسم العام، الإكثار من تناول الوجبات السريعة، الإهمال في تناول كمية كافية من الماء، تناول المشروبات الغازية والمنبهات المحتوية على الكافيين، الاستسلام للأمراض النفسية والاكتئاب.
وبانتهاج سلوك غذائي محدد لمرضى القلب يمكن تفادي كثير من المضاعفات المحتملة وتساعد على الاستجابة للعلاج بإذن الله.
صحة الطعام
الطعام ركيزة أساسية لدوام صحة الإنسان، ومع ذلك فقد يكون الطعام مدخلا لكثير من الأمراض إذا تلوث بالبكتيريا التي تنتشر حولنا، إن ملعقة صغيرة من التربة المتسخة تحتوي على ما يقرب من 2000 مليون جرثومة بكتيرية، ولكن من لطف الله أن عددا منها فقط يمثل خطورة على الإنسان.
تنتقل البكتيريا إلى الطعام عن طريق القوارض والحشرات والهواء «الغبار» أو الشخص الذي يقوم بإعداد الطعام، إضافة إلى انها قد تكون موجودة أصلا في ذات الطعام مثل اللحوم والدواجن والبيض والحليب والأسماك.
وقد يكون الطعام ملوثاً بالبكتيريا ولا تظهر عليه تغيرات في الرائحة أو المذاق أو الشكل إلا في نوع من البكتيريا العضوية، حيث تنتشر رائحة عفنة حول الطعام، وقد يأكل الإنسان الطعام الملوث بالبكتيريا وتظهر عليه أعراض مثل الإسهال الاستفراغ، وارتفاع في درجة الحرارة، ضعف عام في الجسم، ويظن الشخص انها مجرد حالة انفلونزا وهي حالة تسمم غذائي، وتلازمه الأعراض ليومين أو ثلاثة، وعلى الإنسان في مثل هذه الحالة أخذ راحة كافية واسترخاء على السرير مع الإكثار من شرب السوائل لتعويض ما فقده الجسم.
وعن دور الغذاء في الإصابة والعلاج والوقاية من أمراض القلب والشرايين، يقول الدكتور عبدالعزيز بن ابراهيم العثيمين الباحث بمركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض أن الغذاء يلعب دوراً أساسياً في الوقاية من أمراض القلب والشرايين وعلاجها، ويضيف انه كلما زاد عدد الوجبات اليومية وقل حجمها فانه يقلل من امتصاص الدهون ويقلل من تكوين الرواسب الدهنية في الكبد، ويقلل من الكوليسترول وعدم الزيادة في الوزن، وهذه كلها عوامل وقاية من أمراض القلب والشرايين.
كما يجب التقليل من الملح وتجنب الكحول وتقليل الشاي والقهوة والكولا، فقد أثبتت الدراسات الميدانية العلاقة الوثيقة بين تناول الكحول وارتفاع ضغط الدم وتناقص قدرة القلب على الانتفاع من الأكسجين.
الحرص يبدأ من الطفولة
أثبتت الدراسات والأبحاث الطبية الحديثة ان تحسين الغذاء، وتناول الغذاء الصحي في مراحل الطفولة المختلفة خاصة قبل وبعد الولادة، وتجنب الأطفال قليلي الوزن بعد الولادة من زيادة الوزن في مرحلة الطفولة، ويساعد على خفض احتمالات الإصابة بأمراض القلب في مراحل العمر المتقدمة، وقد تمكن عدد من الباحثين مؤخرا من إثبات أن كثيرا من الرجال هم الذين أصيبوا بأمراض قلبية أو توفوا بسبب أمراض القلب اختلف نموهم كثيرا عن باقي الأطفال في مثل أعمارهم.
وتجد حملة الأمير سلطان الوطنية للتثقيف الصحي هذه المناسبة، وفي هذا الشهر الفضيل فرصة لتذكير الجميع بأن يهتموا بصحة أبنائهم في الصغر وعدم السماح لهم بتناول الوجبات السريعة بصورة دائمة والاهتمام بالغذاء الصحي للصغار، لأن نسبة السمنة قد زادت بين أطفالنا في الآونة الأخيرة وهم شباب المستقبل ورجاله، وهذه لها أضرار صحية خطيرة في الصغر والكبر على حد سواء، ولذلك نحن نقول للجميع : «الصحة أولا».
|