Saturday 9th November,200210999العددالسبت 4 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

ابن إدريس.. ومساقط الرؤوس ابن إدريس.. ومساقط الرؤوس

لقد اطلعت على مقالة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس في «الجزيرة» بتاريخ 30 شعبان 1423هـ بعنوان: «ويحك يا موسوعة الأدب السعودي».
وقد تألمت كثيراً لما آل اليه حال الشيخ ابن إدريس الذي كنت أتوسم فيه الحكمة وتحري الصواب والبعد عن الجدل والمزايدات التي لا تصدر عن روية. وبما أن الشيخ ابن إدريس حبب إليه أن ينشر آراءه، التي جانبها الصواب، على الملأ، فإنه قد أصبح من الضروري بل ومن الواجب أن نكشف الغطاء لتظهر الأمور على حقيقتها.
لقد صدق الشيخ ابن إدريس عندما قال إن مؤلفي الموسوعة قد غرقوا إلى حلاقيمهم بكرم أمير الكرم سلطان بن عبدالعزيز يحفظه الله، فهذا أمر ليس بالجديد على رجل مشهود له بالفضل على العلم والعلماء والأدب والأدباء وعلى غيرهم ممن يثق في نواياهم وصدق ولائهم وحبهم وانتمائهم لهذا البلد. إلا أنه من المؤسف أن يتحدث أديب مثل الشيخ ابن إدريس في الوقت ذاته عن تقارب (مساقط رءوس) مؤلفي الموسوعة. أما آن له أن يترك هذه النظرة الضيقة؟ وأما آن له أن ينظر إلى الأمر بالنظرة الفاحصة الحكيمة ذاتها التي نظر بها سلطان بن عبدالعزيز رعاه الله عندما دعم هذا المشروع؟ إن سلطان بن عبدالعزيز لم يأبه ولم يهتم بالنظر إلى مساقط الرءوس وهذه صفة ورثها كابراً عن كابر، بل نظر إلى خبرة العاملين على هذه الموسوعة وكفاءتهم ورصيدهم ناصع البياض في خدمة هذه الدولة، ذلك الرصيد الذي يمتد إلى ما يقرب من خمسين عاماً، بل وأذكّره أن أغلب مؤلفي هذه الموسوعة قد تركوا (مساقط رءوسهم) وآثروا أن يخدموا وطناً عزيزاً غالياً عليهم هو وطننا الكبير، لقد وضع باني هذا الكيان الملك عبدالعزيز يرحمه الله أسساً حكيمة، رفع بها هذا البناء الشامخ، تقوم على بناء أمة عربية سعودية تلتزم بالمواطنة الحقة وتتعامل بالشريعة التي لا تفرق بين أبنائها بسبب الجهة أو اللون أو العرق، فالناس ولله الحمد سواسية كأسنان المشط، ولكن الشيخ ابن إدريس أبى إلا أن يعود إلى الجاهلية الأولى التي قال عنها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «دعوها فإنها منتنة».
وسار أبناء عبدالعزيز على منواله فأعلوا البناء ومزجوا الشرق بالغرب والشمال بالجنوب ليجذروا منطلقات الباني العظيم. ولعل من أقوى مظاهر هذه العقيدة هو اختيار خادم الحرمين الشريفين بعضاً من أصحاب مساقط الرءوس البعيدة أعضاء في أول دورة وثاني دورة لمجلس الشورى ولنا في مساقط رءوس أعضاء مجلس الوزراء ومجلس الشورى والمجلس الاقتصادي عبرة وعظة يا ابن إدريس.
لست أدري من أين أتى ابن إدريس بمبلغ خمسة آلاف ريال سعراً للموسوعة. إن سعر الموسوعة الحقيقي هو خمسمائة ريال، ولا أظن أن ابن إدريس ذكر هذا الرقم المغلوط متعمداً، فهذا ليس ديدنه، بل إنه لحسن ظني به، فإنني أرجح أنه خلط بين السعرين، فهما بالفعل متقاربان إذا كتبا رقماً، وفي كلتا الحالتين فلا أظن أن ابن إدريس قد اشترى الموسوعة لأنه لو اشتراها لقرأها ولو قرأها لما كتب ما كتب ولعرف سعرها الحقيقي. فالأستاذ ابن إدريس يعلم أكثر من غيره كم أفنى مؤلفو موسوعة الأدب السعودي حياتهم في خدمة الأدب والفكر والثقافة وليس في خدمة جيوبهم. وبيع الموسوعة بخمسمائة ريال يجعلها واحدة من أرخص الموسوعات على الإطلاق.
أثار ابن إدريس قضية التكتم على الموسوعة، إنه من المستغرب أن يثير باحث كابن إدريس قضية مثل هذه فالباحث نادراً ما يتحدث على الملأ في تفاصيل بحثه، أما إذا كان قصد ابن إدريس من إثارة هذه النقطة هو حرصه على شمولية الموسوعة فإننا نهمس في أذنه بأن هذه الموسوعة موسوعة لمختارات خضعت لميزان النقد ومستوى الإبداع وليست كبعض الموسوعات التي لم تزد على كونها دليلاً عن الأدباء السعوديين ولا نزيد.
لم يكتف الشيخ ابن إدريس بما ألمحت إليه آنفاً ولكنه أراد أن يزيد في تجريحه لمؤلفي الموسوعة فنقل أسوأ ما أفرغته أقلام سلطان القحطاني ورقية الشبيب وحزام العتيبي ولو تأخر في كتابته أياماً لضم إليهم ما عبث به قلم علي العمير في ملحق الأربعاء لجريدة المدينة المنورة وهذه طريقة أراد بها أن تشيع رائحة التجريح بين من فاته أن يقرأ ما كتبه أولئك. سامحك الله يا ابن إدريس فما كان لك أن تظهر ما تكنه لثلة هم أبعد الناس عن الثللية التي رميتهم بها وكانوا معك على مدى زمن طويل على خير وئام في النادي الأدبي وفي الهيئة الاستشارية لمجلة الدارة وغيرها وغيرها.
في الختام، أود أن أؤكد على ما قاله أخونا ابن إدريس في آخر مقالته، بل وأوجهه له ولجميع القراء الكرام: حبذا (الوسطية) في كل أعمالنا وأقوالنا ومسالكنا في هذه الحياة، وأن يكون الاحترام بيننا متوافراً والتوافق الفكري متحققاً والهدف الأسمى خدمة الدين وثقافة الأمة، والله ولي التوفيق.

أ.د. عبدالرحمن الطيب الأنصاري

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved