طوال تاريخ الرياضة السعودية الذي بدأ منذ ما ينيف عن نصف قرن تعاقب على مسيرتها الخضراء العديد من الرواد والنجوم والأجيال، منهم من كانت له بصمات واضحة وإسهامات بارزة في وضع لبنات مرحلة البناء والبداية ومنهم من عاش حقبة ما بعد التأسيس وكل هؤلاء الرجال بالتأكيد ستظل أسماؤهم محفورة في الذاكرة!!.
ومن هذا المنطلق حرصت «الجزيرة» على تقديم هؤلاء الرواد والنجوم والأسماء على صفحات كل جمعة. ضيفنا هذا الأسبوع قائد فريق النصر في الثمانينيات الدولي الشهير سعد الجوهر .. الذي تألق في صفوف فريقه في سن مبكرة من عمره الرياضي .. حيث حمل شارة القيادة بعد سنوات قليلة من ارتدائه القميص الأصفر.. ونظراً لامتلاكه كل مقومات النجاح من سمات قيادية فذة وإمكانات فنية بارعة .. فضلاً عن قوته البدنية وتبعاً لذلك ساهم في جلب العديد من البطولات والإنجازات الذهبية لفارس نجد .
* أطلق عليه لقب صاحب الجمجمة الذهبية .. لقدراته الفائقة على إحراز الأهداف بالضربات الرأسية.. كما أطلق عليه لقب اللاعب المثالي نظراً لسلوكياته وأخلاقياته العالية حتى انه غادر الملاعب بلا بطاقة ملونة.
* بالمقابل جاء تألقه المبكر في الخارطة النصراوية ليعزز حظوظه في تمثيل منتخب الوسطى في دورة المصيف بالطائف ثم اختير لتمثيل الأخضر في بطولة كأس الخليج الأولى بالبحرين عام 1390هـ. .
واليوم وعبر الحلقة الثانية والأخيرة يواصل ضيفنا الكريم سرد ذكرياته الرياضية المنقضية تقرؤونها في السطور التالية:
لقاء:خالد الدوس
جلالة الملك فيصل «رحمه الله» أثناء حضوره افتتاح دورة الخليج الثانية بالرياض عام 1392هـ ويظهر خادم الحرمين الشريفين «حفظه الله» في الصورة
سعد الجوهر عام 2002م
سعد الجوهر يروي للجزيرة ذكرياته الرياضية
أفراد منتخب المملكة في البحرين عام 1390هـ ويظهر سعد الجوهر الثاني من اليمين وقوفاً
أفراد فريق النصر عام 1384هـ يتوسطهم الأمير عبدالرحمن بن سعود
ذكريات الأخضر ...!
* مشواري مع المنتخبات بدأ في النصف الثاني من عقد الثمانينيات حيث لعبت في صفوف منتخب الوسطى في دورة كأس المصيف لمنتخبات المناطق بالطائف .. وأُخترت بعد ذلك لأول مرة ضمن تشكيلة منتخب المملكة عام 1387هـ وأتذكر أول مباراة أمثل بها الأخضر كانت ضد تونس لقاء كان ودياً في ملعب الصايغ بالرياض وكسبنا 4/صفر حيث تشرفنا بالسلام على جلالة الملك فيصل «طيب الله ثراه» بعد نهاية المباراة بطلب من الأمير خالد الفيصل «مدير عام رعاية الشباب».
* استمررت في تمثيل المنتخب حتى عام 1392هـ حيث حظيت بشرف تمثيله في دورة كأس الخليج الأولى بالبحرين عام 1390هـ وأُخترت ايضا للدورة الثانية بالرياض ولكن لظروف الإصابة في الركبة التي تعرضت لها إبان معسكرنا بالمنطقة الغربية لم أتمكن من عن تمثيله في هذه البطولة حيث سافرت للندن ومكثت هناك شهرين وعدت بعد انتهاء مرحلة العلاج.
خليجي المنامة!
* في دورة كأس الخليج الأولى بالبحرين التي تعد أول مشاركة رسمية للمنتخب لم نكن في الحقيقة مهيئين للفوز بكأسها لاعتبارات أو أسباب كثيرة .. أولاً اننا للوهلة الأولى نشارك في بطولة خارجية رسمياً .. حيث كانت جميع لقاءاتنا في الثمانينيات عبارة عن لقاءات حبية وودية مع بعض الفرق والمنتخبات الزائرة .. وفجأة «طلعنا برا» فشاهدنا منتخبات تلعب كرة جميلة خاصة الكويت الذي شارك في بطولات خارجية أقصد بطولات الصداقة التي تنظمها بعض الفرق الغربية والأوروبية فكسبوا الاحتكاك والخبرة وحتى أكون معك واقعياً في لقاء الكويت كان تفكيرنا اننا نلعب كرة فقط لذا كانت خسارتنا أمامهم ب 3/1 في لقاء الافتتاح نتاجاً طبيعياً للظروف التي عشناها آنذاك.
الطريقة البرازيلية
* كانت الطريقة البرازيلية 4/2/4 هي المسيطرة على عقول مدربي المنتخبات الأربعة المشاركة في الدورة الأولى وأتذكر جيداً في لقائنا ضد الكويت لعبت أنا وسلطان بن مناحي في خط الوسط حيث تحملنا أعباء المباراة لأننا كنا ندافع ونهاجم في الوقت ذاته كنا معتمدين على اللياقة البدنية وأتذكر ان مدربنا سكينر أخرج ابن مناحي وأشرك خليل الزياني فتضاعفت مسؤوليتي بالملعب خاصة وان الفريق المقابل كان يملك مجموعة متجانسة لا سيما قائده الكبير فاروق ابراهيم الذي كان يقوم ببناء وتنظيم الهجمات بأسلوب أكثر روعة للمهاجمين الخطيرين جواد خلف «هداف البطولة» ومحمد المسعود ولولا تألق حارسنا أحمد عيد الذي نجح في الذود عن مرماه بكل بسالة لكانت النتيجة مضاعفة.
عقوبة الإيقاف
* طالت عقوبة الإيقاف والشطب عدداً من لاعبي المنتخب بعد عودة البعثة للرياض طبعا انا وشقيقي ناصر لم تشملنا هذه العقوبة غير ان هناك بعض من تسببوا في ضياع الكأس لأخطاء ارتكبوها طبقا للتقرير الذي أعدته إدارة المنتخب المرافقة.
الإصابة أبعدتني عن خليجي «2»
* أتذكر جيداً اننا عسكرنا بالمنطقة الغربية فترة طويلة تصل لأكثر من خمسة أشهر استعداداً لدورة كأس الخليج الثانية بالرياض حيث استضاف رائد الرياضة السعودية الأمير عبدالله الفيصل «حفظه الله» هذا المعسكر تحت إشراف المدرب العربي طه اسماعيل وعادل جزار «مساعداً» وأصبت في الركبة أثناء مرحلة الإعداد وأجريت لي عملية جراحية في لندن حيث مكثت هناك شهرين كما أشرت آنفا وعشت لحظات صعبة بعد أن حرمتني الإصابة شرف الدفاع عن ألوان المنتخب في بطولة تقام لأول مرة على أرضنا وبين جماهيرنا ولكن ..!!
يوم هزمنا الأخضر برباعية !!
* في أواخر 86 1387ه عسكرنا في الطائف وتزامن ذلك مع معسكر منتخب المملكة الأول فلعبنا لقاءً ودياً جمع النصر مع المنتخب في الحوية وفزنا ب 4/1 وبكامل نجومه حيث سجلت الهدف الأول وميزرامان وأحمد الديني هدفين فتم استدعاؤنا نحن الثلاثة لمنتخب المملكة وأتذكر أثناء توجهنا بالباص للملعب بالحوية تعطل علينا قبل وصولنا بكيليين أو ثلاثة أكيال فسرنا على الأقدام حتى وصلنا للملعب فكان ثمن ذلك فوزنا على المنتخب بنتيجة كبيرة .. وبالمناسبة هذه المباراة لا يمكن أن أنساها لأنها حملت ذكريات جميلة ما زلت أختزنها.
العصر الذهبي «لفارس نجد»
* بلا شك العصر الذهبي لفريق النصر انطلق مع مطلع الحقبة التسعينية حيث ظل فريقنا طرفاً ثابتاً لأكثر من 4 نهائيات متتالية وأتذكر جيدا أول نهائي جمعنا بشقيقنا الأهلي في ملعب الملز عام 1391هـ إذ دخلنا المباراة وكنا مهيئين تماما للفوز غير ان الأخطاء تسببت في خسارتنا بهدفين سجلهما الغراب الذي شارك معهم بعد اتفاقه مع زميله النور موسى ثم أضاف سليمان مطر الكبش الهدف الثاني طبعا اعتبرها أسوأ مباراة نلعبها لأننا لم نقدم المستوى الحقيقي وقُدم الفوز للأهلاويين على طبق من ذهب.
اعتزال الكرة
* استمررت في الملاعب حتى أواخر عام 1393هـ حيث أعلنت اعتزالي وودعت ميدان الركض بسبب الملل والتشبع وانا في قمة مستواي الفني ونضجي الكروي وينتابني شعور بالفخر والاعتزاز كوني غادرت ساحة الرياضة بلا بطاقة ملونة.
بالمقابل أتذكر آخر مباراة لعبتها كانت ضد فريق الشباب بالدوري وفزنا بهدف كانت آخر عهد لي بالكرة.
رفضت التدريب «لعصبيتي»
*من أقوى الأسباب التي ساهمت في عدم اتجاهي للتدريب أو الإدارة هو أنني إنسان عصبي ولا أتحمل الضغط .. أيضاً ظروفي العملية وارتباطي الوظيفي حيث أعمل في وزارة الداخلية وعملي يتطلب وجودي ليل نهار رغم انني تعرضت لضغوط إدارية وشرفية في محاولة لإقناعي بخوض تجربة جديدة سواء في التدريب أو الإدارة واعتذرت لعدم قدرتي للظروف التي أشرت إليها.
عرض أهلاوي
*بالتأكيد تلقيت عدداً من العروض خلال مشواري الرياضي ولكن أقواها عرض النادي الأهلي حيث عرض علي عن طريق شخصية أهلاوية مرموقة «...»!!
نجحت في ضم العديد من اللاعبين المتميزين أمثال علي حمزة والكبش وسعيد غراب وكريم المسفر ولكني رفضت حباً للنصر الذي عاصرت حقبة تأسيسه وعشت فيه أحلى أيامي لذا من الصعب أن أتخلى عنه بسهولة مهما كانت المغريات.
أعشق «المدرسة»
* فريق أهلي الرياض «الرياض حالياً» كنت من أشد المعجبين به إذ أطلق عليه لقب «مدرسة الوسطى» وضمت في تلك الحقبة نجوماً وأسماء تجبرك على الاستمتاع بفنها وأدائها المتميز أمثال مبارك الناصر وزيد بن مطرف وعلي حمزة وناصر بن سيف وعبود الرويجح وطارق التميمي فكان يُعد من أفضل فرق الوسطى ومن الصعب هزيمته وأتذكر أنني أحرص على مشاهدة لقاءاته لأنني عشقته بعد النصر!!
سعيد غراب
من اللاعبين الذين تمنيتهم في صفوف النصر بلا شك أسطورة الثمانينيات النجم سعيد غراب الذي كان يملك امكانيات تهديفية فائقة ومهارات فردية عالية فضلاً عن قوته البدنية نجد أن أبرز عيوبه عدم إجادة الضربات الرأسية ومن الصدفة أن انتقل للنصر ولكن هذا الانتقال جاء متأخراً حيث انضم لفريقنا في آخر عمره بعد تقدم سنه الرياضي.
ممدوح بن سعود
*الأمير ممدوح بن سعود كان يعد من اللاعبين الذين تميزوا داخل الملعب بقوة التصويب والتكوين البدني الجيد فقد اشتهر بقتاليته وإخلاصه للشعار الذي يرتديه حيث لعب مع النصر من بعد منتصف الثمانينات حتى عام 1396ه وأتذكر أول نهائي شارك فيه كان ضد الأهلي عام 92 1393ه وتألق في تسديداته وتحركاته .. وهنا تدخل مهاجم النصر سابقاً ميزرامان ليواصل الحديث عن الأمير ممدوح بن سعود قائلا ان سموه كان يعشق النصر أشد العشق وساعد كثيراً من اللاعبين ودعمهم وصاحب مواقف معي شخصياً لا أنساها كان يتعامل مع زملائه اللاعبين حتى الخصوم بمنتهى الأخلاق والأدب وهذه شهادة يجب أن أقولها عن الأمير ممدوح بن سعود والذي تربطني به علاقة متينة.
تنافس زمان أفضل
* في الماضي كان التنافس القائم بين الشقيقين النصر والهلال أفضل بكثير من الوقت الراهن ففي السابق كانت الجماهير تستمتع بأداء الفريقين البعيد كل البعد عن الخشونة أما التنافس اليوم فقد طغى التعصب «...» على مبدأ التنافس ففقدت نكهة لقاءات قطبي الوسطى!! وانعكست حتى على علاقة اللاعبين.
جيل الموهبة
* ثمة بون شاسع وفرق كبير بين جيل الأمس وجيل اليوم .. لاعبو الأمس كانوا يتميزون بالموهبة والمهارة «فطرياً» جيل كان يمارس رياضته المفضلة «كرة القدم» بدافع الحب والرغبة الصادقة رغم تواضع الامكانات ومحدوديتها آنذاك أتذكر كنا نذهب للتمارين أحياناً في عز الظهر سيرا على الأقدام بحثاً عن إشباع رغبتنا الرياضية الطاغية وبالمقابل نجد ان جيل اليوم محظوظ للغاية في ظل وجود الإمكانات سواء من حيث الكفاءات التدريبية أو حتى المنشآت الرياضية الحديثة هذا فضلاً عن وجود نظام الاحتراف الذي من شأنه تطوير مستوى اللاعب وارتقائه للأفضل إذا طبقه بحذافيره.
النصراويون كرموني ب 73 ألف ريال !!!
* حظيت بالتكريم من الإدارة النصراوية في مهرجان اعتزال جماعي لسبعة لاعبين دفعة واحدة هم سعد الجوهر وسعود العفتان وناصر كرداش وحمندي وأحمد الدنيني وعثمان بخيت وجوهر مرزوق طبعاً لعبنا لقاءين ضد فريق برازيلي وتم تخصيص دخله لصالح هؤلاء اللاعبين حيث حصل كل لاعب على 73 ألف ريال وذلك في النصف الثاني من الحقبة التسعينية.
|