Friday 25th October,200210984العددالجمعة 19 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

رياض الفكر رياض الفكر
ختامها مسك وريحان..!
سلمان بن محمد العُمري

كانت أمسيات وأصابيح من العمر، كانت لحظات لا تنسى، كانت الحياة كلها زهوراً وثماراً تجمعت يحميها الرحمن على أعذب كلام وبأغلى بيان، وبأحلى صوت، وأزكى حناجر، إنها النفحات التي تنتشي بها الروح، وتغرد لها النفوس، وتطرب لها الأفئدة، إنها حفل النور والهداية الربانية، إنها الحفل على مائدة القرآن الكريم، إنها مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية والعشرين لحفظ القرآن الكريم، والتي اختتمت فعالياتها يوم أمس.
لقد أثبتت المسابقة نفسها على أنها تاج المسابقات، وأنها عروس المنافسات، وعلى أنها الاستمرارية على الخير، وعلى أنها النهج الثابت الراسخ لهذه البلاد، ولقد تمنى كل من حضرها أن تطول وتطول، فالفائدة بالحضور كبيرة، والعلم والنفع قائم دائم، بل نفع مع استمتاع بأحلى اللحظات مع البلابل المغردة، تقدم أروع ما عندها وأعذب ما لديها، وتجود قرائحها بكل جميل، ومنافسة بريئة شريفة من أروع ما يكون.
لقد كنت المدمن لو جاز التعبير على المواظبة بحضور هذه المسابقة الفريدة، والآن أقول وباعتزاز ازداد إدماني، وأنا بشوق لها أكثر وأكبر، وأنتظرها أنا وكل عشاق القرآن، إنه عرس أهل القرآن الكريم، والعرس دائم ومستمر.لقد كان الحفل تاجاً للمسابقة بكل معنى الكلمة، وقد زينته الكواكب الدرية من كل الأرجاء، وازداد حسنه وبهاؤه بحضور صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة، والكل كان يعلم أن الفوز ليس بالحصول على الجائزة، بل بالحصول على ثواب الرحمن وعطاء المنان، ولكن والحق يقال كان هناك سخاء دنيوي، وكرم حاتمي في الإعداد والتجهيز والجوائز التي قررها أولي الأمر لهؤلاء الفتية الذين لا يريدوا إلا الحياة في ظلال القرآن، فالجوائز كان مجموعها «888» ألف ريال، وأولاها كانت «75» ألف ريال، وهذه المبالغ المباركة كلها من نصيب حفظة كتاب الله تعالى، بالإضافة للجوائز الرمزية والمكافآت المتعددة، وأداء العمرة التي سعد الجميع بها، والخلاصة كان الكل فائزين ولله الحمد ، ولم يكن هناك خاسر إلا الشيطان، وهذا هو الربح الكبير الذي قدمته المسابقة المباركة لهذه الأمة الطيبة.ومما زاد المسابقة بهاء على بهائها، وإشراقة على إشراقتها، ما أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة سلمه الله عن زيادة جوائز المسابقة إلى مليوني ريال اعتبارا من العام المقبل إن شاء الله، وكذلك موافقته الكريمة على إنشاء مسابقة تعنى بالقرآن الكريم والسنة المطهرة في مكة المكرمة، بناء على اقتراح فضيلة الشيخ د. عبدالرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام، وأن تتبنى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تنظيم هذه المسابقة.
لقد ذرفنا الدموع، وما زلنا على وداع لا نظنه إلا خطوة في طريق اللقاء المقبل، ونعم الدموع كانت، دموع فرح كبير، دموع إخوة تحابوا في الله، والتقوا على كتاب الله، وعرفوا الحياة على أصولها وفطرتها، فكانوا رحيقها وأريجهها وعنبرها.لقد شاهدنا بأم أعيننا سماء مكة حرسها الله وهي تزف مشاهد العرس الكبير، وتتزين بأجمل حلية وزينة، ولهذا {فّلًيّتّنّافّسٌ المٍتّنّافٌسٍونّ} .
في وداع الحبيبة مسابقة القرآن الكريم الأم، ينظر الإنسان لنفسه نظرة تأمل يعيد ماضيه وذكرياته، يستحضر حاضره، يستشرف مستقبله، ينظر ماذا قصر فيه، فيندم ويتوب ويعمل بكل جد لاستدراك ما فات، والسعي للآتي الكثير، الحافل بالخيرات، إنها لحظات ووقفات مع نفوسنا، مع أسرنا، مع أطفالنا حتى نكون بالفعل أهل القرآن وأصحابه، وحتى نستحق شفاعته لنا يوم الدين.إنها الأحاسيس التي تعود بالإنسان لبراءته، وأصوله الرائعة البعيدة عن كل دنس وأرجاس بني البشر، وكل وساوس الشياطين، فالقرآن الكريم هو طارد ذلك، وهو الذي يسمو بالإنسان ويشرح الصدر، ولا يوصله إلا إلى فردوس النعيم.الاستعداد مطلوب من الآن، وأطفالنا وشبابنا عماد الأمة ننتظرهم في الدورات المقبلة، و إعدادهم يتطلب الجهد منا ومنهم، والكاسب كلنا، أمة وشعباً ومجتمعاً.المسابقة اختتمت فعالياتها ولكنها حاضرة خالدة في النفوس، تتقد نوراً وهداية في عقولنا وأنفسنا، والدروس المستخلصة منها لا يمكن أن تمر مرور الكرام، بل هي الثمار التي تدوم وتدوم، والتي بموجبها لا يسعنا إلا أن نوجه الشكر لكل من ساهم بإنجاحها، وإبرازها للنور، وتطويرها، والرقي بها، وإظهارها بالشكل الذي ظهرت عليه من أيادي أولي الأمر، وبتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني حفظهم الله وحكومتهم الرشيدة الراشدة.ومن جهود الوزارة الفتية، وزارة الشؤون الإسلامية والأؤقاف والدعوة والإرشاد، بقيادة ربانها الماهر معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله .إننا نعلم أنه في الجهد الذي يسعى لإرضاء وجه الله عز وجل، فإن الإنسان لا يطلب مديحاً ولا شكراً، ولكن الواجب، والجمال الأخاذ الذي عشناه سوياً مع الزملاء يدفعنا لهذه الكلمات الشاكرة، ونحن نعلم أن جهد أولئك الجند المجهولين لم ولن يتوقف، ونحن نعلم أنهم يعدون العدة للدورة المقبلة ومن الآن، لتكون أحلى وأغلى، ولتبقى الدرة درة، والتاج تاجاً، وهنيئاً لديار عرفت كيف يتم التتويج، وعرفت أين الفوز، وأين النجاح، وعرفت من أين تأتي ينابيع الحب، والحب كبير، والقادم أكبر.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved