«أما قبل»
عندما تنساب حروف الكلم من اليراع، تنشد الجِدة والاختراع، وتنبذ المحاكاة والاتباع، فتشكل برؤى صادقة حالمة لتوضح المراد من رصفها على السطور. لكن هل يمكّن كل صاحب فكرة من توصيلها أو صاحب نظرية من تقديمها؟!!
تظل قضية طرح الأفكار والآراء والمبادئ والنظريات من أعرق القضايا التي لم تجد لها حلاً جذرياً على خارطة الأذهان البشرية.
فتجد الكثير والكثير ممن لا يستطيع توضيح فكرته رغم جِدتها أو نظريته رغم صلاحيتها، أو مبادئه رغم أهميتها، ويعود ذلك لأسباب عدة كعدم القدرة على توصيل الفكرة من الأساس، أو الجهل بأبجديات التعامل مع الحروف والسطور كما قد يعود للاختيار السلبي للمكان والزمان والوسيلة المستخدمة كتاباً كانت أو صحيفة أو منتدى.
أهميته
ولم تدخر العقول الفذة جهداً في سبيل الوصول لحل هذه القضية فألفت آلاف الكتب التي توضح بأساليب مختلفة طرق الطرح المتعددة، وقدمت كذلك الوسائل المعينة على الفهم مما يُتيح للعديد معرفة تلك القضايا المطروحة بما يناسبهم من وسيلة. ولكن أيتوقف دور المفكر بوصول ما يريده إلى المجتمع بفئاته المتباينة؟ وبمعنى آخر أيكتفي بالشرح والتوضيح؟!
إن العلاقة بين الملقي والمتلقي لا تنتهي عند هذا الحد، بل يُمارس أيضاً الإشراف على أثر ما يلقيه في نفوس المتلقين والسعي لتشربهم بما يريد من خلال بناء هرمي ثابت يبدأ بتوضيح الفكرة أو النظرية أو المبدأ ومن ثم بيان أهميتها ودورها في تفعيل المجتمع والنهوض به، وأخيراً توضيح سُبل نجاحها والإشارة إلى معوقاتها، كما يلزمه المتابعة الدقيقة لتحويل ما طرحه إلى واقع ملموس يجد معالمه تحيط بمن حوله.
فالموهبة التي وهبها الله لعقول معينة يلزمها الحرص على صقل موهبتها، واستنفاذ الجهود لتطويرها والاستفادة منها بما يعود بالنفع للجميع.
* وبعد: قال الشاعر:
إذا غامرت في شرفٍ مروم فلا تقنع بما دون النجوم فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم |
|