من أهم المشاكل التي يعانيها العالم الثالث في أيامنا هذه البطالة، حيث تتراوح نسبة العاطلين عن العمل في هذه الدول ما بين 6 45%، وذلك يعني في المعدل أن ما لا يقل عن ثلث الأيدي القادرة على العمل هي معطلة، وهي بالتالي عالة على المجتمعات التي تنتمي إليها، وعلاوةً على كونها مستهلكاً مركباً فإنها تقف وراء معظم ما يعانيه المجتمع من عدم استقرار دون الدخول في السلبيات التي لا حصر لها الناجمة عن مثل هذه البطالة.
من الدراسات الطريفة التي تعرضت للبطالة، دراسة أجريت في «بلد افريقي» حيث ألقت باللائمة على فئة من أفراد المجتمعات الذين حصلوا على مؤهلات علمية وخبرات وظيفية في داخل بلدانهم وخارجها، ومع انه من المفترض أن يبادر هؤلاء إلى الإسهام في دفع عجلة التقدم بأسلوب إداري قائم على وعي بالمصلحة العليا للأوطان، إلا أن هؤلاء «عطلوا» عن قصد طغت عليه «الأنا» فأصبحوا عوامل في تنمية آفة الوعي الإداري عندما واتتهم الفرصة ليكونوا أمينين في تطبيق ما تعلموه من أسس ومفاهيم عملية، فأحاطوا أنفسهم بالعاملين، ولكن «أي عاملين».
تخلص هذه الدراسة إلى أن رأس الهرم الوظيفي في الوحدة الإدارية يوظف صلاحياته في «لم شمل» عائلته الذكور والإناث تحت قبة تلك الوظيفة لتصبح بعد ذلك حقاً مكتسباً مختوماً بخاتم العائلة الكريمة فإن فاض عدد الوظائف خبئت «للأجيال القادمة» فإن تعذرت الولادات أغلقت الوظائف في وجه عباد الله الآخرين، الذين يطلق عليهم فيما بعد جيش العاطلين عن العمل.
في اليابان تكون معظم الوظائف «وراثية»، هناك حين يعمل أحدهم في وظيفة وبخاصة المهنية منها، يبدأ في تدريب واحد من أبنائه ذوي الاهتمام على مفردات تلك المهنة، بحيث يكون له الحق في خلافة والده من بعده في تلك الوظائف، بشرط أن يكون متقناً لها ومتفوقاً على أقرانه في مجالها، والحكومة تضمن له ذلك.!
نحن لدينا الشيء ذاته، لكن التركة عندنا أكثر وأعمق وليس بالضرورة مغادرة المورث للحياة قبل التحاق الأبناء والإخوة والأنساب والأحفاد، فإن لم يجد فالأصدقاء بالوظائف المبتكرة الموازية لوظيفة «سعادته» ، إلى درجة أنك حين تهل عليهم في عملهم يخالطك الشك في أنك أخطأت العنوان فبدلاً من ذهابك إليهم في عملهم تحسب نفسك في دارهم ويخرج من هذا الظن خلو المكاتب من المساند والمراكي والزوالي ... وتاليتها ؟!!
|