(1)
وتجيء .. كموجة هادئة..
تأتي من البعيد..
تحمل بين تعرجات الماء فيها..
زرقة البحر مجتمعة..
وأسماك.. ولآلئ.. وأصداف..
ونورس يحلق فوقها.. حارسا..
حتى تصل..!!!
أعرف تماما كيف تصل موجة ما
إلى شاطئ..
لكن لم افهم بعد..
كيف ينتظر الشاطئ موجة..
فتحرق الشمس جسده..
فيهرب إليها..!!!
(2)
زمنا يمر بهدوء قاتل..
وآخر يمر مر السحب.. فوق أرض أرهقها العطش.. فتمنت.
وآخر نمره نحن.. فلقد تصلبت شرايين الإحساس فيه..
وآخر يأتي ولا يأتي..
وآخر ليته لم يأتِ.. لكنه أتى..!!!
وزمن يأت رحبا.. واسعا.. ممتدا.. من القلب إلى القلب..
يأتي زمنا.. في الزمن..
وقتا في.. الوقت..
وروحا في.. اعجاز الجسد الخاوي من كل ما يلهب اللحظة.. فالعمر..
ترى من سكن الزمن.. وجعله مثل ظل في لهيب الشمس..
من أعطى الزمن فرصة..
ومسافة.. ليكون أكثر حنوا ورأفة.. واتساع..
ومن سكب اللون والصوت.. في براح الصورة.. فجعلها تزهر.. تغني.
من.. الذي حمل «من» إلى آخر ديار الأسئلة.. وألبسها ثياب الإجابة
بعد فقر الاستفهامات وثيابها المهترئة..؟؟
من الذي.. يستطيع.. ان يبني للوقت جسرا.. تسير عليه قافلة اللغة دون ان نشعر ان الكلمات تخرج عن ابجديتها.. ووظيفتها.. وتختصر الزمن..؟؟ ولا نشعر..
لا نشعر..
(3)
«.. لم يكن حديثي عن المسافة.. عندما تأملنا نهر جار.. حديثا كالعبث كنت أدرك بفطرة الخبرة.. كيف يخلقنا البعد..
كيف تشكلنا المسافة..
وكيف يصبح للتواجد نكهة مختلفة.. عندما نتقن مهارة الغياب.. فنختفي.
شرارة..
اشتعال..
حرائق..
ورياح..
وأعواد ثقاب عابثة..
ورغبة.. في تمدد عمر اللحظة..
وجنون.. بفجر الميلاد الأول.. لكل شيء..
ودهشة عميقة.. نمارسها مع اشيائنا الحميمة.. البعيدة والتي تأتي ولا تأتي فتأتي..!!!
أفكر دوما في (كن غيابا لكي تظل سؤالا) وأشكر اللغة التي تجعلنا نخرج رؤوسنا من رحم الصمت الى.. مدى الصرخة.. صوت وصدى وتنفس.
نعود لحديث المسافة.. وكيف هي بارعة في تأصيل الشعور عندما نتقن فنونها.. ونعرف خبايا اسرارها..
المسافة بيننا وبين الآخر تهبنا فرصة للحياة من جديد.. قلت لك ذلك مرارا.. وتعبت..
تعبت من تلك الملامح التي تصر على ان تكون هي البدء والنهاية.. وتفاصيل ما بينهما..
وتعبت من الحضور المكثف.. حتى الشبع..
وتعبت من التعب عندما يصبح صادرا عن.. الاعتياد.. وشيء يشبه الملل لكنه يفوقه حجما وبعدا..
هنا فكرت بالمسافة.. وجعلتها طريقتي للفوز بما.. يستمر.. ويبقى.. ولا يزول.. جعلتها طريقتي للتحايل علي «دائما» فتصبح اشيائي دائما..
جعلتها طريقتي للقضاء على «متى؟» وزوال تاريخها من ذاكرة البقاء..
إني أفكر.. في استطالة الطريق..
أفكر في كيف يمكن ان تبقى نافذتي مفتوحة.. والعصافير تنشد..
والشجرة تنمو الى اعلى فقط ولا تتوقف.. والربيع يكتسح الفصول.. فينتصر
أني أحاول..
(4)
شاطئ يهرب الى موجة..
يلتحف بها..
يتدثر..
ويتوازن الاحتراق..
يتحول الى دفء..
ووشوشة..
الموجة..
تخلع عنها..
الاسماك..
اللآلئ..
والاصداف..
وتفر من حارسها..
وتعانق الشاطئ..!!
الرياض 11447 ص.ب 28688 |