|
|
صورة الجنون في عقولنا تشير إلى شخص ذي شعر غير مرتب وهيئة رثة وطريقة كلام غير منظمة، بل قد يكون الصراخ فيها أكثر من الهمس، هذه هي الصورة التي عبأبها الإعلام والمجتمع عقولنا التي لم تعد تحتمل أكثر مما فيها، قد تكون هذه الصورة في زمن ماض أما الآن فهي متغيرة من وجهة نظري، فالمجنون هو من يخالف العادة فقط في أي مجال كانت وبالتالي فعند تجاوزك لإشارة المرور الحمراء، فأنت مجنون وعند التزامك بمواعيد الدوام الرسمية فأنت مجنون فليس هناك من يلتزم بالدوام غير«الموسوسين». فالجنون تختلف درجاته من شخص لآخر، ولكن أقوى درجاته تلك التي تراها بوضوح في جورج بوش ولكن الفرق هو أن بوش مصاب بجنون الرئاسة والعظمة متوقعا أن كونه رئيسا لأمريكا فهذا يتيح له ممارسة الجنون براحته. هذه النظرة بشكل عام، أما في مجال الكمبيوتر والإنترنت فالوضع ينقلب رأسا على عقب، فالجنون يعتبر ركيزة أساسية للإبداع والعبقرية وبالتالي فأنت تشاهد أن أكثر المشهورين في مجالي الحاسب الآلي والإنترنت يقومون ببضع حركات مجنونة من الدرجة الأولى ورغم ذلك فإن أحدنا لا يجرؤ على نعتهم بالجنون هو خيط رفيع بين الجنون والعبقرية وهذا ما يفسر جنون الكثيرين، والأمثلة كثيرة على ذلك، فكم من مجنون وفاقد للعقل كتب اسمه في ذاكرة التاريخ بحروف من ذهب ومازال يتلقى التكريم حتى وقتنا الحاضر، رغم أن كثيراً منهم ماتوا قبل أن يشاهدوا أن جنونهم جعلهم في الذاكرة البشرية. هل هي دعوة للجنون؟ نعم هي كذلك. فلنكن مجانين لكي يتناثر إبداعنا على لوحات التكنولوجيا الرقمية التي أصبحت العماد الأساسي للمجتمعات المتطورة. لماذا لا تبتعد أفكارنا عن كل ما هو معقول ونبدأ في التفكير في غير المعقول! طبعا في المجال التكنولوجي فقط. وما رأيكم أن يتم تنظيم دورات بهذا الشأن بدل تلك الدورات التي تدرس الطلاب والطالبات كيف يمسكون بفأرة الكمبيوتر، ويقودون هالكلمة ابدأ في نظام ويندوز. لماذا لا يقدم أحد المعاهد التي غطت أحياء الرياض دورة بعنوان «جنون الكمبيوتر» وتكون بلا منهج أو مقرر دراسي بل تترك مفتوحة لإبداع وجنون الملتحقين ليتم بعد ذلك تبني هذا الجنون البشري من قبل أشخاص مختصين في هذا المجال، وبعده يتم صقل هذا الجنون وصاحبه ليتواصل ولا يتوقف بسبب مدير أو مديرة من العصر القديم المظلم اللذين لا يرغبان في مجانين يعملون لديهم بسبب أن هذا التوجه يعارض الروتين وثقافتهم العاقلة، فكم من موهوب ومجنون أصبح أسيرا للإحباط والكآبة بسبب نظرة قاصرة من مديره؟ وكم من موهوب وعبقري تعرض للوأد بنظرية مخالفة للتعليمات؟ التعليمات لا تعارض العبقرية ولا تعارض الذكاء ولكن مطبقو التعليمات هم من يعارضون. |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |