أذكر أنَّنا إلى وقت قريب من العامين الماضيين كنا في جامعة الملك سعود نجتمع نتدارس شأن استقطاب بعض التخصصات العلمية وتوسيع حجم الاستيعاب فيها للدَّارسين والدَّارسات، وفحص نتائج تخصصات أخرى لا يكون الإقبال عليها مواكباً مع حاجة المجتمع...
ولأنَّ الجدل العلمي الذي ينشأ في المجتمعات النَّامية ويضع التَّربويين أمامه بحدَّة السُّؤال الذي يولِّده وهو: هل الجامعة للعلم فإذن تفتح كافة التَّخصصات بأبواب عديدة ومنافذ متدرِّجة في مراحلها... ويخضع للقبول فيها كلُّ من يرغب في الدراسة والتخصص وفق معايير وضوابط تؤهل للحفاظ على مستواها العلمي الرَّفيع أو المنشود في الحدِّ الممكن لتحقيق التَّميُّز...، أو إنَّ الجامعة لإعداد المجتمع وخدمته فإذن لا بد أن تتقيَّد وفي تخصصاتها ولا تفتح منافذها ولا توفَّر لها أبوابها إلاَّ وفق خطط تنمية المجتمع.. ولأنَّ الواقع يفرض أن تحقق الجامعة التَّوازن بين الأمرين... فإنَّ الجامعة في الواقع تنوء بثقل كبير، وكلُّ الذي تواجهه من الضغط والإلحاح وما يجعلها في كفاح مستمر من أجل التَّوازن يدفع إلى ضرورة النَّظر إليها بوصفها مؤسسة علمية أولى عليها أن تكون مصنعاً متقناً تتوافر له الإمكانات البشرية بمثل ما تتوافر له الإمكانات الفنية والوسائل الأخرى... وهذا ما تطمع إليه وتتمنى أن يتاح لها تحقيقه ولعلَّ من قبل ومن بعد ما تحتاجه الجامعة هو أن تكون مصنع خبرات ولا يفرَّط فيها هذا الأمر... فلا تعير خبراتها الأساس ولا تتنازل عن تحديد دورها في العمل على فتح مجالات الوقوف على ما فيها من العمل الدؤوب والبذل الكبير كي يدرك الأفراد أنَّ هذه المؤسسة تعمل من أجل أن تقف بثقل بين خطي التعلم والمجتمع وهو وقوف يكبِّدها الذي لا تدركه عامَّة النَّاس من الجهد والبذل والتفاني... ذلك الذي ندركه نحن عنهم وندعو من أجله لكلِّ من يخلص فيها لأهدافها الجميلة بدءاً بإدارتها وانتهاءً بعناصرها كافَّة.
|