القدس أرملةٌ يلَفِّعُها الأسى قد طال في كنف اليهودِ حدادُها |
هناك في زاوية من زوايا التاريخ القريب، تنقل لنا صحيفة اللموند الفرنسية الصادرة في تموز عام 1964م، أخباراً دامية عن خطوات التهويد لفلسطين، ومراحل الاستيلاء على القدس، وهناك في تلك المناطق التي تنأى عن أضواء الإعلام هذه الأيام يقول الكاتب الصهيوني «أحد هاعام»، بعدما شاهد العنف اليهودي في فلسطين، ورأى الخُطط العدوانية الرهيبة التي وضعت لهذا البلد الإسلامي المحتل: «وماذا يفعل إخواننا اليهود في فلسطين؟، لقد كانوا عبيداً في بلادهم ومنفاهم، وفجأة وجدوا أنفسهم وسط حرية بلا حدود، بل وسط حرية لا رادع لها ولا يمكن العثور على مثلها، وهذا ما دفعهم إلى الاستبداد كما هي الحال دائماً حين يصبح العبد سيِّداً، ويحتل الدنيء مكاناً عالياً، إنهم يعاملون العرب بروح العداء والشراسة فيمتهنون حقوقهم بصورة لا يقرُّها عقل، وليس في العالم من يتحرك لاتخاذ الاجراءات اللازمة بغية القضاء على هذه النزعة الخسيسة».
كلمة حق من عشرات، بل مئات الكلمات التي وردت في كتابات بعض من يميلون إلى قول الحق من اليهود والنصارى، كلمة واضحة لا غبار عليها، قبلت قبل أكثر من نصف قرن، فأين المسلمون منها، ما لهم لم يلتفتوا إليها، ولم يدركوا أبعادها،هذا إذا كانوا سمعوها. يقول تاريخ العرب والمسلمين في تلك الحقبة من الزمن التي كانت ترى ما يصنع اليهود في فلسطين رأي العين، وتسمعه سماع الأذن. إنهم كانوا في صراع عنيف، الشيوعية الحمراء تعكِّر عليهم صفو دينهم، ووحدانية ربهم، فالرأسمالية ترسخ أقدامهم الحافية في وحل اللهاث المادي القاتل الذي يغطي المساحة المظلمة بين الابتزاز والربا، والدعارة التي هجمت في تلك الحقبة هجوماً عنيفاً على أخلاق المسلمين وقيمهم، وحيائهم في أكثر من بلد عربي مسلم، والوجودية تحمل كل ما فيها من الشبهات والضلالات، والاباحية، وانكار ما وراء الوجود البشري من عالم الغيب، والصراعات السياسية القاتلة توجِّه رصاصة سعدٍ إلى صدر أخيه سعيد، في معارك مفتعلة قاتلة، الرابح فيها والخاسر سواء. نعم، كان العرب والمسلمون في غيبوبة أدمتْ قلوبهم، وقتلت طموحهم، واغتالت عزائمهم، فانشغلوا ببعضهم، وشغلوا بعضهم عن تلك الخُطط اليهودية التي تنفذ في فلسطين.
هنالك في زوايا تلك الحقبة الزمنية يقول الكاتب اليهودي الفريد ليلينتال:«ومن البَدَهي أن معظم الأعمال الارهابية التي قامت بها منظمة «بيجن» خلال فترة الانتداب البريطاني، وأبرزها مذبحة دير ياسين لا تبررها أبداً قوانين وأساليب الدفاع عن النفس المشروعة، ومع ذلك فقد وجد في أمريكا نفسها من يقيم الحفلات التكريمية على شرف زعيم المنظمة الارهابية اليهودية، ويتحمس لمبادئه المتطرفة».
هناك - أيها الأحبة - في تلك الحقبة التي تقع في منطقة من الزمن تحول بيننا وبينها أعوام خمسون من الآن، نرى هذا التصريح من كاتب يهودي بأن في أمريكا - ذلك الوقت - تأييداً للإرهاب الصهيوني.
هل لنا بعد هذا الكلام وأمثاله أن نعجب لهذا التأييد الأمريكي الصارخ للإرهاب الصهيوني في فلسطين الذي نراه اليوم؟؟!
الخطة بعيدة المدى، والهدف مرسوم منذ زمن طويل، ومذكور بوضوح وصراحة في أكثر من مقال وكتاب منذ سنوات طوال، ولكن المشكلة في أمّتنا الغافلة، أمّتنا المخدوعة، أمّتنا التي ابتعدت عن منهج ربِّها، فتاهت عن دربها،وأصبحت في حالتها المبكية المؤلمة التي تعيشها اليوم.
تأكدوا - أيَّها الأحبة - أنه «لا جديد» في اعلان اعتماد أمريكا للقدس عاصمة للدولة اليهودية الفاشية، فقد احتلتها دولة العدوان عام 1387هـ «1967م»، احتلالاً كاملاً وبدأت منذ ذلك الحين بسياسة تهويد المدينة، فما الجديد إذن، أيها المستيقظون؟.
إشارة:
لو مُثِّل التاريخُ فينا شاعراً ورأى تخاذل قومِنا لهجانا |
|