* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
أحداث 11 سبتمبر أثَّرت على الاقتصاديات العربية في شتى القطاعات الانتاجية والخدمية «وأحدثت تغيُّراً في العلاقات الدولية» وأثَّرت على حركة التجارة العربية وأصبحت هناك محاولات لتهميش العالم العربي «مطالبته بدفع فاتورة مرتفعة نتيجة لاجراءات الرقابة والتأمين التي تفرض على صادراته ووارداته».
التقينا بالدكتور المهندس رأفت رضوان الأمين العام لاتحاد تكنولوجيا المعلومات ورئيس مركز المعلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري حيث أكد ان الاستثمارات العربية بالخارج حققت خسائر بلغت 150 مليار دولار وأوضح ان المنطقة العربية أكثر أماناً للاستثمارات العربية بدلاً من تعرضها لقرار شارد يجمدها.
* في البداية نريد التعرف على الاتحاد العربي لتكنولوجيا المعلومات وأهم القطاعات التي يضمها هذا الاتحاد؟
- الاتحاد العربي لتكنولوجيا المعلومات هو إحدى المحاولات التي تتم في نطاق مجلس الوحدة الاقتصادية لتعميق التعاون البيئي العربي فتكنولوجيا المعلومات مجال جديد وواعد ويتصف بخصوصية لأنها ناتج فكري والتكامل العربي ضرورة في ظل سوق متنامٍ ويعتبر تكنولوجيا المعلومات من أكبر الأسواق العالمية، يصل حجمها في العالم ما يقرب من ترليوني دولار في حين نجد ان حجم السوق العربي مقطع ومجزأ مما يؤدي إلى ضعف إمكانية إقامة صناعات لها طابع المحلية لهذا فكرنا في آلية التكامل العربي في هذا المجال حتى نفتح الباب لمزيد من التعاون العربي فمثلا إذا نظرنا إلى أجهزة الكمبيوتر فالمتوسط العالمي حاليا 60 كمبيوتر لكل 100 من السكان في الدول المتقدمة، أما في الدول العربية نجده متدنياً ففي أعلى مراحله يصل إلى حوالي 10 كمبيوتر لكل 100 من السكان، أي يوجد نقص 50 جهازاً لكل مائة من السكان العرب وإذا قمنا بتجميع هذا النقص على عدد السكان العربي البالغ عددهم 250 مليون نسمة، المطلوب أكثر من 125 مليون جهاز كمبيوتر للمنطقة العربية، ومازال حجم الشراء في أي دولة عربية منفردة لايبرر الانتاج المحلي، فالمملكة المعدل السنوي 400 ألف جهاز، مصر 400 ألف جهاز ومن أجل إقامة مصنع كومبيوتر تحتاج على الأقل لنصف مليون جهاز فلا تستطيع دولة عربية إنشاء هذا المصنع لهذا وفي إطار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية كان هناك اجماع لدى كل العاملين في هذا المجال على أهمية التجمع العربي، لأن مشكلة التجمع العربي هو التأخر وتكون قد قامت في كل دولة مجموعة من المصالح التي تتعارض مع التكامل. لهذا جاء الاتحاد مبكراً ليجمع ثلاثة قطاعات أساسية قطاع صناعات الكمبيوتر والقطاع الثاني: يشمل الخدمات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وهو يضم العاملين وقوة العمل في هذا المجال. والقطاع الثالث: الأبحاث والدراسات في مجال تكنولوجيا المعلومات ويضم الأكاديميين ورواد البحث العلمي في مجال تكنولوجيا المعلومات بالمنطقة العربية.. وهذه الدوائر مهمتها التكامل فيما بينها فالاتحاد يسهم في التكامل وزيادة التبادل التجاري البيئي العربي.
قاعدة بيانات
* من أين نبعت فكرة اتحاد لتكنولوجيا المعلومات؟
- التكامل العربي يعاني من مشاكل متعددة وأكبر هذه المشاكل هو تماثل البنية الانتاجية في الدول العربية فالسوق العربي مجزأ ولا توجد اقتصاديات حقيقية وما ينتج في المملكة ينتج في مصر والجزائر وغيرها من الدول العربية وهذا يضعف التكامل العربي فإذا تم عمل منطقة تجارة حرة عربية نجد قوائم السلع الممنوعة تشمل تقريباً معظم السلع وينتهي إلى الفشل وفي تكنولوجيا المعلومات الأمر يختلف فلا توجد مصانع قائمة على أرض الواقع متنافسة فأمل التكامل موجود إلى جانب ان تكنولوجيا المعلومات والاتصالات معظم العاملين فيها هم عصارة الفكر العربي وهي صناعة على المستوى العالمي وأدوات التكامل فيها متواجدة «كما انها صناعة لها شقان فهي صناعة في حد ذاتها» وهي موضوع تنموي يؤثر على باقي القطاعات والصناعات الأخرى. مما يجعل قيمتها المضافة عالية هذا دفعنا للتحدث في كل المؤتمرات والندوات عن التكامل العربي في هذا المجال وكان ينتهي الأمر إلى إصدار توصية فقط. وفي مؤتمر الأعمال الالكترونية والتنمية الذي عقد في فبراير عام 2000 تم تحويل التوصية إلى واقع «وخرج الاتحاد بمساعدة مجلس الوحدة الاقتصادية» وتم التوقيع بالأحرف الأولى على إنشاء الاتحاد الذي يضم مؤسسات وأفراداً وقطاعات خاصة ومنظمات حكومية وذلك حتى لا يكون هناك بعد سياسي في هذه الاتحادات. ويضم الاتحاد في بدايته مؤسسات من سبع دول عربية إلى جانب باحثين ومنتخصصين عرب. ويرأس الاتحاد الآن وزير الاتصالات السورية، ومجلس إدارة الاتحاد ويضم مندوبين من المملكة والكويت والمغرب.
صناعة مبتدئة
* كيف ترى الآن واقع صناعة تكنولوجيا المعلومات في الوطن العربي؟
- واقعها انها صناعة مبتدئة فتوجد أسماء بدأت تخرج إلى الواقع العربي والعالمي ولكن مازال الأمر في حيز البدايات التي لم تصل إلى الاستقرار العالمي والتكامل يعطي دفعة لتقدم هذه الصناعة خاصة وانه يتم عمل قاعدة بيانات عن الشركات العربية في مجال تكنولوجيا المعلومات سواء كانت انتاجية وخدمية وقاعدة بيانات عن المنتجات العربية في هذا المجال وذلك حتى يستطيع المستثمر اتخاذ قراره السليم في الاستثمار في أحد هذه المنتجات بناء على علمه بان هذا المنتج لا يوجد بكثرة في السوق العربية إلى جانب ان الاتحاد يقوم بعمل قاعدة بيانات عن الخبراء العرب في مجال تكنولوجيا المعلومات وأيضاً عن الشركات فتوجد بيانات عن الشركات الموجودة في مصر والأردن والإمارات ونحاول مع اتحاد الغرف السعودية الحصول على الشركات العربية الموجودة بالمملكة.
وندعو كل من لهم صلة بهذا المجال سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات بالانضمام للاتحاد لإحداث التكامل العربي والارتقاء بمستوى هذه الصناعة إلى العالمية.
دليل إرشادي
* ما مدى إسهامات المملكة العربية السعودية في مجال تكنولوجيا المعلومات؟
- توجد مشاركات من أفراد وجهات من المملكة العربية السعودية فقد خاطبنا جامعة الملك عبدالعزيز للمشاركة وتوجد أربع شركات أخرى مشاركة في الاتحاد إلى جانب مجموعة خبراء على مستوى عالٍ من الكفاءة مشاركين بصفتهم الشخصية. ومازال الاتحاد في بدايته ومع وجود الخدمات سيفتح الباب لمزيد من الانضمام من قبل الشركات والمؤسسات والأفراد في المنطقة العربية.
* النهوض بصناعة تكنولوجيا المعلومات خاصة في ظل ضعف الانفاق على البحث العلمي في الوطن العربي.. كيف يتحقق؟
- للنهوض بأي صناعة لابد ان تعرف أين موقع هذه الصناعة من دول العالم «ولايخفى على أحد ان هذه الصناعة تعتمد على المنظمات والمؤسسات الدولية وليس من خلال جهد مكثف محلي. ونحاول ايجاد دليل ارشادي لشركات تكنولوجيا المعلومات» وللخبراء العرب وللمنتجات العربية «وذلك لايضاح امكانية التطور والتعاون» ونتمنى ان تكون مؤتمرات تكنولوجيا المعلومات «الأعمال الالكترونية» والتجارة الالكترونية والتي ازدادت بكثرة في الفترة الأخيرة في المنطقة العربية بوابة للتكامل العربي، ويتم اعداد استراتيجية عربية لتكنولوجيا المعلومات مع المنظمة العربية للعلوم والفنون والثقافة وندعو مجتمع الأعمال العرب بأن يأخذ الريادة في هذا المجال خاصة وان تكنولوجيا المعلومات قامت على القطاع الخاص وليس الحكومي وان كان دعم الحكومات مطلوباً في ظل المجتمعات النامية ويجب العمل على تجميع المزايا التفاضلية في كل دولة عربية للاسراع بالتكامل فصناعة تكنولوجيا المعلومات ليست صناعة فقط وانما هي تراث وحضارة وفكر وثقافة وليست صناعة تقليدية خاصة مع تزايد الاقبال من الأطفال والشباب على شبكات الانترنت؟ وأين صورة العرب على هذه الشبكة؟ فهي مازالت مجزأة وموزعة وكل دولة تبذل جهداً منفرداً ولكن لايرقى إلى المستوى العالمي والمستوى الذي يمكن ان يكون عليه إذا خرج هذا الجهد في إطار تكامل عربي.
محاور التكامل
* السؤال الذي يطرح نفسه بشدة على خبراء الاقتصاد لماذا لم يتحقق التكامل العربي رغم مرور مايزيد على نصف قرن من بداية مؤشرات التكامل؟
- التكامل العربي يتمثل في ثلاثة محاور المحور الأول وهو التجارة وقد تم التركيز عليه بدرجة كبيرة في الفترة الماضية فتماثل البنية الانتاجية للوطن العربي يصعب معه تحقيق التكامل وعناصر التنافس بين الدول العربية أعلى من التكامل لأن البنية الصناعية في المنطقة العربية قامت تقريباً حول نفس عناصر التجميع للمنتجات النمطية والتقليد، لهذا فمطلوب النظر إلى التكامل العربي من خلال الاستثمار وهو المحور الثاني الذي يحتاج إلى اهتمام اكثر من التجارة العربية البينية فمن غير المنطقي ان يتم الاستثمار بنفس النمط القديم لهذا يجب ان يتم بناء قيمة مضافة لكل دولة عربية تؤدي زيادة منتجة حتى يكون أكبر قدرة منتجة على التنافس وصاحب الريادة في منتج معين في المنطقة العربية. فمثلاً صناعة السيارات لايوجد ما يبرر إقامة مصنع كبير للسيارات وذلك لضعف الطلب الشرائي. لهذا يجب ان تخصص كل دولة في صناعة معينة تكون لها الريادة فيها وان يتفق العرب على ان هذا المنتج سيحظى بخفض التعريفة الجمركية ويرتبط الاستثمار بهذا المجال فيجب وضع استراتيجية تركز على المزايا التنافسية ويفتح باب الاستثمار لكل العرب بمعاملة خاصة أما المحور الثالث: فهو انتقال العمالة وغير خفي ان تلعب الظروف السياسية دوراً فيها والاقتصاديات تقول انه يجب الاعتماد على العمالة الأرخص والأكفأ وهي موجودة في دول جنوب شرق آسيا.
ولكن لاتوجد دول تبنى أسس التنمية فيها على الملاءة الاقتصادية فقط وإنما توجد الملاءة الاجتماعية والسياسية. لهذا يجب النظر إلى مجموع المصالح القومية فالتكنولوجيا بدأت تقلل من حركة انتقال العمالة وتقوم هي بنقل الأعمال ففي أمريكا يتم ادخال البيانات إلى الهند ثم تعود إلى أمريكا وحجز الفنادق يتم من الفلبين للهند لهذا يجب التفكير بطريقة مختلفة في انتقال العمالة بالإضافة إلى ان السياحة العربية البينية تحتاج لمجهود مكثف خاصة مع تزايد العداء للعرب في العالم الغربي يمثل فرصة لزيادة السياحة البينية مع ضرورة إزالة المعوقات التي تقف أمام السياحة العربية البينية تحتاج لمجهود مكثف خاصة مع تزايد العداء للعرب في العالم الغربي يمثل فرصة لزيادة السياحة البينية مع ضرورة إزالة المعوقات التي تقف أمام السياحة العربية البينية وذلك بوصفها حركة للأموال من جانب وتلاقياً للشعوب وتفاهماً ولا أعتقد ان الإعلام العربي نجح في نقل الشعوب العربية لبعضها البعض وهذه المنظومة يمكن ان تسهم في إعادة صياغة الفكر العربي في ظل التحديات والتغيرات العالمية.
خسائر العرب
* بعد عام من أحداث 11 سبتمبر ما تأثير هذه الأحداث على الاقتصاد العربي؟
- 11 سبتمبر حدث غيِّر الصورة العامة للعلاقات الدولية وبدأت تبنى أنواع جديدة من المصالح لم تكن موجودة قبل الأحداث وبدأت تتغير - سواء قبلنا أو رفضنا- العلاقات والترابطات الدولية التي كانت موجودة لمدة طويلة. ونلاحظ بعد سنة من الأحداث ان هناك قضايا لم تكن تطرح من قبل أصبحت مطروحة وبقوة فأثر 11 سبتمبر على المنطقة العربية مختلف فهناك آثار سياسية حيث أصبح العالم العربي يقف وكأنه في خندق المواجهة مع قوى العالم الرأسمالي الغربي، وأصبحنا مطالبين بالدفع عن هويتنا وذاتنا وهذا خلق تركيبة اقتصادية معقدة فقد أثَّرت الأحداث على حركة التجارة العربية مع العالم وأصبح هناك محاولة لتهميش الدور العربي من خلال الاستثمارات الكثيفة التي تتم في مناطق بترولية جديدة خارج المنطقة العربية بل وأصبحت المنطقة العربية مطالبة بدفع فاتورة أعلى لتكاليف الاستيراد الناتجة عن كل اجراءات الرقابة والتأمين والتي أصبحت تضعف الصادرات والواردات من وإلى المنطقةالعربية كما أثَّرت الاحداث على الاستثمارات العربية من خلال قطاعين: قطاع الاستثمار العربي في الخارج ومما لا شك فيه ان البورصات العالمية لم تستعد عافيتها منذ 11 سبتمبر وحتى الآن صحيح انها كانت قد استعادت بعض العافية ولكن مع انهيار المؤسسات الكبرى والفساد المالي بدأ تراجع في قيمة مؤشر داوجونز بما لايقل عن 20-25% وان قلنا ان هذا مؤشر على تراجع قيمة الاستثمارات العربية والتي قيل انها 600 مليار دولار فإن الخسائر فيها ستصل بين 120 مليار دولار إلى 150 مليار دولار، والقطاع الثاني هو تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة العربية التي تراجعت بشكل كبير بسبب استمرار الصراع العربي الاسرائيلي وتفاقم الصراع العراقي الأمريكي أو الصراعات التي تنشأ عن محاولات فتح بؤر جديدة في جنوب السودان والمغرب مع اسبانيا في جزيرة لا قيمة لها فالمنطقة تشهد تغيُّراً حاداً بالإضافة إلى ان أمريكا تصدر قانون البصمة الاجبارية للداخلين لأمريكا من المنطقة العربية مما يعطي مدلولاً سلبياً على صورة العلاقات، فأحداث 11 سبتمبر لها بصماتها الغائرة على الوجه العربي لكنه يجب ان يكون فرصة لاعادة تقييم العالم خاصة ونحن نشاهد ضحايا الأحداث يرفعون قضايا تعويض 116 تريليون دولار ويطالبون بتجميد الأموال للحفاظ على حقوق ضحايا الأحداث عندما تصدر التعويضات لهم فهذا يدعونا بشك إلى هذا العالم بعد أحداث سبتمبر وان نفكر ونأخذ الأمور بوجهها الحقيقي.
تشرذم العرب
* بصفتكم الأمين العام لاتحاد تكنولوجيا المعلومات اتفاقية «التربس» هل هي وسيلة لحجب المعلومات عن الدول التي لاتملك تكنولوجيا المعلومات؟ وكيف يمكن للعرب مواجهة مثل هذه التحديات؟
- التربس من التحديات الكبيرة التي تواجه العرب والمجتمع في تطوره ينتقل إلى عالم المعلومات الذي يعتبر نتاجاً فكرياً مستمراً والقيمة المضافة الحقيقية أصبحت في المنتج الفكري وليس المنتج المصنَّع ويسعى العالم الغربي إلى تأمين وحماية منتجه الفكري مما يفرض علينا ضرورة الاهتمام بالبحث والتطوير وننفق عليهما وليس النجاح في إحضار براءة اختراع من الخارج للترخيص للانتاج في إحدى دول المنطقة العربية فهذا ليس صناعة وإنما الصناعة تقوم على فكرة عربية ومن حق كل صاحب فكر ان يدافع عنه وإذا أردنا التنافس في الأسواق العالمية فعلينا ان ندرك ان الميزان التجاري الفكري ليس في صالح المنطقة العربية، بالإضافة إلى ان التشرذم يضعف التقدم العربي فكل دولة تنفق على مجال من مجالات البحث العلمي ولكن لاتوجد سياسات متكاملة للبحث العلمي يمكن ان تنتج منتوجاً عربياً يوزع على المستوى العالمي.
* ما رأيك في دور المملكة العربية السعودية في المنطقة العربية؟
- المملكة العربية السعودية تملك أكبر اقتصاد في المنطقة العربية وناتجها المحلي في الصدارة واستثماراتها لها الريادة في المنطقة العربية في الداخل والخارج إلى جانب انها سوق واسعة لمعظم السلع والمنتجات وهي محور تحول السياحة وعليها دور كبير وتقوم بدور رائد في دعم التعاون العربي.
|