** جهيزة.. أمة عربية، هي محور هذا المثل العربي القديم، الذي خلد اسمها، أو هي التي خلدته على مر السنين..
** وأصل هذا المثل، أن قوماً اجتمعوا يخطبون في صلح بين حيين من العرب، قتل أحدهما من الآخر قتيلاً، ويسألون أن يرضوا بالدية، فبينما هم في ذلك، إذ جاءت (جهيزة) الأمة، وهي تقول: إن القاتل قد ظفر به بعض أولياء المقتول فقتله..! فقالوا عند ذلك: (قطعت جهيزة قول كل خطيب).. أي قد استغني عن الخُطَب..! فأصبح المثل سائراً بين العرب، يضرب لمن يقطع على الناس ما هم فيه، بحماقة يأتي بها..!
** كانت هذه ال(جهيزة)، حمقاء العرب في زمنهم القديم كما يقولون.
** أما (جهيزة) العرب في زمنهم الحديث، فهي تلك القناة الفضائية المتخصصة في سيرة أرباب الإرهاب، التي تتبع فعلاتهم المشينة، وتعرض مخازيهم الشنيعة، تلك التي تعمد إلى سرد القصص والروايات الغريبة، التي تدين العرب والمسلمين من خلال شواذهم، فتشوه صورهم، وتسيء إلى دينهم، وتسهم في إشاعة المزيد من الكراهية بينهم وبين الأمم الأخرى، بل بين المجتمعات العربية والإسلامية نفسها.
** إن (جهيزة) هذا الزمان، هي بدون شك، قناة (الجزيرة) القطرية، التي تمارس دوراً مشبوهاً بين قاعدتين، (قاعدة ابن لادن) و(قاعدة العديد)..! فهي من جهة، تريد أن تؤدي رسالتها المعروفة سلفاً، في الترويج لأفكار الخوارج، من أتباع ابن لادن في المنطقة، ومن جهة أخرى، يطلب منها، الدفاع عن قاعدة العديد، وإظهارها بمظهر القاعدة المخصصة لحماية الحياة الفطرية في الخليج..؟!!
** عندما نقول، بأن (جهيزة) القطرية قطعت قول كل خطيب، فلأنها قامت فعلا بنشر غسيلنا أمام الملأ كاملا..! وما زالت تمارس هذه الحماقة حتى اليوم، وإزاء ذلك، لم تعد أمريكا، ولا ربيبتها إسرائيل، ولا أحد في هذا العالم، في حاجة إلى اثباتات أو براهين أو أدلة، على الجرم الكبير الذي وقع في نيويورك وفي واشنطن، صباح يوم 11 سبتمبر 2001م، بالتالي، هي وفرت على (البعض) منا، مشقة التفكير في مخرج من الأزمة، عن طريق التهيؤات، والتصورات، والخيالات، والسيناريوهات، وغيرها.. من تلك الحلقات المحكمة، التي ظل هذا (البعض) يدور في فلكها طيلة عام كامل.
** ظهرت علينا (جهيزة) القطرية عدة مرات، وهي تقول بالفم المليان: ها هم أعضاء القاعدة يعترفون بفعلتهم، بل ويعرضون على الملأ بالصوت والصورة، كافة التفاصيل.. فماذا بعد..؟!
** لا أدري إلى متى و(البعض) منا، يجهد لغمض عينيه كلما ظهرت الحقيقة أمامه كالشمس.. يقولون بأن (الاعتراف هو سيد الأدلة)، وها هم المجرمون يعترفون بجرمهم، ومع ذلك، فهناك من يزايد على هذا الموقف، مرة بادعاء المؤامرة، ومرات أخر، بالتخفي وراء روايات وقصص مختلقة حول الحادث.
** ها هو عام كامل مر على الواقعة المشئومة، التي تسببت في الضرر بكافة العرب والمسلمين، ثم ها هي (قناة الجزيرة)، تجتهد وتنشط، فتتحفنا بمعدل شريط إدانة ضدنا كل شهر..!
** ظهر انتحاري سابق (الحزنوي)، فتحدث عن بلده وأهله، وذكر معلومات ضارة بوطنه، وبمجتمعه السعودي كله.
** وظهر انتحاري ثانٍ هو (العمري)، فزعم أنه درس على الشيخ فلان وفلان.. وكأنه يقول بأن علماء المملكة، هم الذين دفعوه الى هذا السلوك المشين..؟!
** ومن المؤكد أن (قناة القاعدة) القطرية، سوف تعرض بقية اعترافات الانتحاريين على جرعات أو (وجبات)، على طريقة السيد الرئيس صدام حسين..! وأخشى ما أخشاه في هذا الصدد، أن يقول بعض الانتحاريين من السعوديين في هذه الأشرطة، ما فيه مضرة جديدة ببلادنا، كون هؤلاء الذين تركوا وطنهم وباعوا أنفسهم للشيطان، لا يتورعون عن الكذب والتدليس، والقناة التي تتعمد تعقب نشاطهم بهذه الصورة التي رأينا، وكأنها جزء من شبكة القاعدة، إنما تهدف بالدرجة الأولى، إلى الإساءة للمملكة حكومة وشعباً، فهي تقوم بدور مشبوه، أقرب ما يكون إلى دور استخباراتي للولايات المتحدة وإسرائيل.
** إن (جهيزة) هذا العصر، أجهزت على آمال ناس كثر في منطقتنا، كانوا يعتقدون أو يراهنون، على أن (ابن لادن) وأتباعه، بعيدون عن عملية 11 سبتمبر، وأن قوى صهيونية أو شيطانية ، هي وحدها وراء هذا الحادث..! وذهب (البعض) منهم، ومن خلال شاشة (الجزيرة) نفسها إلى القول، بأن أمريكا هي التي ضربت أمريكا..؟!
** ماذا نفعل إذن.. ونحن نشهد كل يوم، أدلة جديدة تقدمها الجزيرة ضدنا..!
** أنا أدعو هنا، إلى ترك هذا الجدل السقيم، والتسليم فوراً، بأن عملية 11 سبتمبر الإرهابية، هي من تدبير وتنفيذ (ابن لادن) وزمرته الفاسدة.. وأنا على يقين تام، بأن الانتحاريين السعوديين الخمسة عشر، هم من الذين وقع عليهم الغرر في معسكرات القاعدة، فرمي بهم إلى أتون جهنم، والمظهر الذي رأيناه لاثنين منهم، وما قالا به في الأشرطة المسجلة، هو مشهد نظري بحت، تم تصويره قبل الدخول في المشهد العملي المأسوي، وتم تحت تأثير عمليات نفسية لغسل الأدمغة، ووعود بالجنة، على طريقة القساوسة في القرون الوسطى.. ولذلك، فإنه من الخير لنا في هذا الوقت بالذات، أن نحرر أنفسنا من قبل الحدث نفسه، لننتقل إلى مرحلة التعامل مع ذيول الحدث، بفهم ووعي وحنكة، فالواقعة وقعت، والأضرار أخذت تترى، وليس هناك وقت نبذله في آهات أو ترهات أو انتظار مفاجآت.
** لقد راح آلاف المتضررين في أمريكا يعملون بهمة في طلب تعويضات عن أقاربهم الذين قتلوا في الحادث، وعن الأضرار المادية والنفسية وغيرها التي لحقت بهم، وهم جادون في الطلب، والليالي حبلى بمفاجآت قادمة في مسألة التعويضات هذه، فهي قضية شائكة وطويلة، سوف لن تتوقف عند حد أفراد أو مؤسسات خيرية أو بنكية.
** لنترك هذا جانباً الآن، ثم لنسأل أنفسنا بجد: ماذا فعلنا نحن تجاه أبنائنا الذين غرر بهم، ودفعوا إلى مستنقع الجريمة ثم الموت حرقاً والعياذ بالله..؟!
** الحقيقة.. أن هناك ما يمكن عمله في هذا الاتجاه، من قبل أولياء أمور أبنائنا، ومن قبل المحامين في المملكة، ذلك أن رؤوس الفتنة يجب أن لا يفلتوا من العقاب، فالملا عمر الذي كان يرأس حكومة طالبان الظلامية، وأعضاء حكومته، هم مازالوا أحياء، ويحشدون الحشود في أطراف بلادهم، وهم مسؤولون مسؤولية مباشرة عما لحق بنا، لأنهم آووا الخوارج على أرضهم، وسهلوا لهم التخطيط والاستعداد لجرائمهم التي لم توفر حتى بلدانهم التي أتوا منها. و(ابن لادن) هو الآخر، إذا كان حياً، فإنه مسؤول مثلهم تماماً، فلا بد أن يقبض عليه ذات يوم، ويقدم إلى محاكمة دولية تقتص منه، وعلى أولياء السعوديين الذين ماتوا في حادث نيويورك، أو في حوادث أخرى، مقاضاة زعيم القاعدة هذا، وأعوانه ومساعديه، لأنه هو المتسبب فيما وقع لهم من انحراف، وما ارتكبوا من جرائم إرهابية، وقتل وغيره.
** لا ينبغي على أولياء الانتحاريين، أو أولياء السجناء والمحتجزين السكوت هكذا، ومن مصلحتهم ومصلحة مجتمعهم وبلادهم، اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، طالبين الاقتصاص من ابن لادن وممن معه، ومن الملا محمد عمر وأركان حكومته البائدة.
** إن تكتل مجموعة من المحامين السعوديين، للدفاع عن سجناء (غوانتانامو) فكرة رائدة، وعمل إنساني مهم للغاية، لكن ما هو أهم في نظري، اليوم وليس غداً، هو تكوين تكتل من أولياء السعوديين الخمسة عشر، الذين ماتوا في حادث 11 سبتمبر، برعاية من الدولة، وبقيادة مكاتب محاماة سعودية، لمقاضاة الملا محمد عمر وعناصر حكومته، وابن لادن وعناصر قاعدته.
** إن هذا الإجراء لو تم، سوف يعطي انطباعات ودلالات مهمة على كافةالمستويات، وخاصة الدولية منها، وسوف يفهم أولئك الذين يحاولون إلصاق تهمة الارهاب بنا، أن مجتمعنا السعودي يرفض الارهاب، بل هو ضحية من ضحاياه مثل بقية المجتمعات الأخرى، خاصة وأن أولياء هؤلاء الشباب المغرر بهم، هم ضد هذه الفعلة، فها هم يقاضون المتسبب الرئيس في إغواء أبنائهم، وهذا كله بطبيعة الحال، يدعم موقف المملكة المناهض للإرهاب، ويساعد على تحسين الصورة أمام المجتمع الدولي.
** أقول هذا وأنا على يقين تام، بأنه لا يوجد ولي أمر واحد بيننا، راضٍ عما فعله ابنه أو قريبه من الانتحاريين في حادث 11 سبتمبر 2001م.
** إذن.. أين محامونا من هذه القضية التي هي إنسانية ووطنية معا..؟! أين المحامي (السعودي) الأستاذ (صلاح الحجيلان)، من قضية كبيرة وحساسة، تخص (15) مواطناً سعودياً، غرر بهم فماتوا في حريق نيويورك..؟! وهو الذي نذر نفسه للدفاع عن (عبدالباري عطوان)، الشخص الذي هو كاره لبلادنا، شاتم لها، ناكر لجميلها، جاحد لفضلها، متحامل عليها على الدوام..!
fax: 02 73 61 552
|