Sunday 6th October,200210965العددالأحد 29 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لنتحالف ضد إرهاب أمريكا لنتحالف ضد إرهاب أمريكا
الشيخ سلمان بن فهد العودة

للإدارة الامريكية سجل في الإرهاب لا يُنافس، ولأنها الدولة الأهم، والأولى في العالم؛ فقد تولد لديها نزعة إمبراطورية متعاظمة، تمثلت في غمس يدها في الصراعات الدولية؛ لبسط نفوذها، وحماية مصالحها على حساب: العدالة، والخير، والأخلاق.
ولو أننا بنينا اهراما من جماجم قتلى العدوان الأمريكي في بلاد العالم؛ لكان شموخها يفوق شموخ برج التجارة العالمي المنهار بضع مرات.
واذا اعتقدت في هذا شيئا من المبالغة؛ فواصل قراءة هذا المقال.
وقد اظهرت الإدارة الأمريكية بسلوكها الشائن أنها تفتقر الى الخبرة، والحسّ التاريخي، وستدفع ثمن ذلك على المدى البعيد!
وهذا ما يؤكده الباحثون الامريكيون المرموقون، من أمثال: (بول كندي)، و(جيمس دفدسون)، (وليسترثرو) الذي يرى: أن الولايات المتحدة قد انهارت بالفعل.
فضلاً عن الفصول والتحليلات الجادة، التي دونها المفكر الشهير (نعوم تشومسكي)، ومن آخرها «تشريح الإرهاب» في كتاب.
وقد هممت أن أدون جرائم أمريكا، فوجدتني أحال محالاً! واستعيد آلاف الملفات المليئة بالأرقام، والإحصائيات، والحقائق الدامغة.
وإذا كانت العرب تقول: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. فدعونا نستذكر فقط بعض عنوانات هذه الجرائم الإرهابية الغادرة، كمقدمة فيما نريد أن نخلص إليه:
1 1899م التدخل الأمريكي في الفلبين، وراح ضحيته مئات الألوف من الفلبينيين الذين دفعوا حياتهم ثمناً لنداء: (الحرية والعدالة) على حد تعبير الصحافة الأمريكية ذاتها.
2 في الذكرى السابعة والخمسين للقصف الذريّ على مدينة هيروشيما؛ ذكر راديو اليابان الدولي أنه: تم إضافة 4977 اسماً، تم التأكد حديثاً من أن وفاتهم كانت إثر القصف!!
في (القبر الأجوف) يرقد فقط مائتان وست وعشرون ألفاً وثمانمائة وسبعون ضحية! الرقم صحيح!
وكان القصف في 6 أغسطس 1945م، وهذه أول قنبلة نووية شهدتها البشرية.
3 1951م في كوريا، بدعوى صد العدوان الشيوعي الشمالي ضد كوريا الجنوبية، ولا يزال في كوريا الجنوبية ثلاثون الف جندي أمريكي.
4 1954م في إيران؛ وقتل الآلاف من الجماهير، وأعلن مسؤول في الخارجيه الأمريكية أنه: كان علينا أن نتدخل لحماية مواردنا!
نعم! لحماية مواردهم، التي وجدت اتفاقاً في أراضي الغير!!
5 1965م في إندونيسيا؛ انقلاب مدعوم أمريكيا، المجازر تصل إلى قريب من مليوني قتيل، من الفلاحين، والفقراء، وقد شبهت أجهزة الاستخبارات الأمريكية ما حدث هناك بالجرائم التي اقترفها هتلر وستالين، وقامت مظاهرات الفرح في أمريكا، ولم تخف الصحافة الوطنية سرورها بما جرى!!
6 1973م في تشيلي؛ انقلاب أمريكي، ومصرع الآلاف فيما عرف ب (استاد الموت).
7 فيتنام؛ التي غزاها نحو مليون جندي، ولمدة أحد عشر عاما، واستخدمت فيها أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، وامتدت إلى عام 1975م.
وبعد ثلاثين عاما من توقف الولايات المتحدة عن رش المواد الكيماوية هناك؛ كشف حديثا عن معاناة مليون شخص، من بينهم مائة وخمسون الف طفل مشوه، من آثار المواد الكيماوية، التي كانت تلقيها الطائرات الأمريكية على الغابات؛ لحرمان المقاتلين من الاحتماء بها.
8 تدخلات عديدة في نيكاراجوا، منذ 1912م، راح ضحيتها نحو مائتي ألف من السكان، وشهدت البلاد حالات تعذيب بشعة، ومجازر وحشية، وتدميرا هائلا!
وقد أدانت المحكمة الدولية الولايات المتحدة بهذا العدوان دون جدوى.
9 نظام جنوب افريقيا العنصري، بدعم من الغرب؛ يقتل مليونا ونصف مليون إنسان، ويمارس عمليات تخريب، كانت كلفتها ستين مليار دولار، خلال حكم الرئيس ريجان.
وقد بات في حكم المؤكد إطلاق قنابل مشعة باليورانيم المنضب، وذكرت تقارير عدة، منها تقارير منظمة اليونيسيف: أن عدد الإصابات بسرطان الدم زاد بنسبة أكثر من ستة أضعاف، عما كان عليه في السابق.
وحين سئلت وزيرة الخارجية الأمريكية (أولبرايت) عما يحدث قالت: إنه خيار صعب، ولكن الثمن يستحق ذلك!
11 أما في فلسطين؛ ففي قوائم شهداء الانتفاضة الحالية، نحو ألف وثمانمائة اسم بالتفصيل، وحسب مصادر نقابة الأطباء؛ فإن 25% منهم هم من الاطفال، أما الجرحى فيزيدون عن مائة ألف.
وفي سجن (تلموند) يقبع الرجال الصغار من الأطفال الفلسطينيين، في ظل ظروف صعبة للغاية، ويقدر عددهم بأكثر من مائتي طفل، إنهم يحملون هما أكبر من أعمارهم!
ولقد شرد العدوان الإسرائيلي أكثر من سبعمائة وخمسين ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم، ومزارعهم، وشن حرب إبادة على هذا الشعب الأعزل، بحيث أصبح الموت والدمار مشهداً يتكرر كل ساعة، فضلاً عن الحصار، وما يستتبعه من ظروف اقتصادية، وإنسانية مأساوية.
والولايات المتحدة هي (الراعي الرسمي) لهذا الإرهاب، و(الداعم) الأكبر، و(المحامي) عنه في المحافل الدولية.
وإن المرء ليشعر بالعجز! حينما يحاول ان يدلّل على الحقائق الواضحة الجلية، أو يدون في إحصائيات حجم القتل، والدمار، والتخريب في فلسطين خلال أكثر من خمسين عاماً.
12 وفي افغانستان؛ قتل وجرح اعداد ضخمة، غير محدودة من المدنيين الأفغان، ودمرت منازلهم، وممتلكاتهم أثناء القصف الجوي، من قبل قوات التحالف، واستخدمت الأسلحة العنقودية، وغيرها، وقد تكشف الأيام المقبلة عما هو أكبر من ذلك!
وقد دعت المنظمات الدولية الإنسانية الى فتح تحقيقات في الانتهاكات القائمة، والتي منها: وفاة مئات السجناء من الطالبان، وغيرهم في قلعة (جانجي)، والعثور على اعداد كبيرة من الجنود المختنقين.
13 ومن قبل قامت القوات الأميركية اعتباطا؛ بضرب مصنع الشفاء للأدوية في السودان (1998م)، وضرب أفغانستان بالصواريخ في نفس السنة.
وقد مات مئات الألوف من أطفال السودان؛ بسبب نقص الأدوية.
14 وفي جوانتانامو في كوبا؛ يعتقل نحو سبعمائة أسير مسلم، في ظروف غير إنسانية، دون محاكمة، ولا توجيه تهمة، وتبخل عليهم الإدارة الامريكية حتى بلقب (أسير حرب)! ولا تسمح لأهلهم بزيارتهم، ولا بالاتصال الهاتفي، أو التحادث عبر الإنترنت!
لقد وعد الرئيس الأرعن شعبه؛ بأنه سيجلب الإرهابيين من (جحورهم) إلى العدالة! وحين عجز؛ اختطف أعداداً من الشباب، من باكستان، ومن أطراف أفغانستان؛ ليذر الرماد في عيون شعبه!
هذا شأن تطول قراءته، إننا نستعرض تاريخا طويلاً، ونُطِلُّ على غابة متشابكة الأشجار، مليئة بالوحوش الضواري والحملان الوديعة!
ولقد تجاهلت الإدارة الامريكية كل هذا، ثم قدمت نفسها على انها: نموذج الخير، والعدالة، والأخلاق. وقال قيصرها: إن من لم ينحز إلى صف الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب؛ فإنه ينحاز إلى الارهابيين، ويكون قد اختار مصيره!
وبهذا وقع في شر أعماله، وأسس لأزمة العلاقات، التي قد تتحول إلى صراع أيديولوجي سياسي بين الولايات المتحدة، وبين بقية دول العالم، كما يستشرفه المفكر الأمريكي (فوكوياما).
فالمعركة لم تعد مع منظمة أو دولة، بل تتجه إلى أن تكون صراعا مريراً، بين الولايات المتحدة والعالم الذي لم يعد يشعر بمعقولية النزعة الصدامية، لدى القيادة الأمريكية.
وحسبما نستقرئه في السنن الربانية؛ فإن هذه القوة العظمى تسير في الطريق الخطأ، ليس بالنظر إلى الحق والعدل فهذا أمر مسلم ولكن بالنظر إلى مصالحها المستقبلية.
{أّوّ لّمً تّكٍونٍوا أّقًسّمًتٍم مٌَن قّبًلٍ مّا لّكٍم مٌَن زّوّالُ }: هذه نظرية (نهاية التاريخ).
{وّسّكّنتٍمً فٌي مّسّاكٌنٌ الذٌينّ ظّلّمٍوا أّنفٍسّهٍمً}: فها هو الدور الأمريكي، الوريث للاستعمار، والقوى الغاشمة قبله.
{وّقّدً مّكّرٍوا مّكًرّهٍمً} وهذا يتمثل الآن، في العملية الاستخباراتية، والعسكرية، والسياسية التي تستخدم كل أساليب المكر، والخبث وفنون الخداع.
ومن أعظم هذه الأساليب: (صناعة الأحلاف) على غرار ما حدث في حرب الخليج، وفي الحرب الأفغانية.
وكأننا بدأنا نشهد بداية انفراط هذا العقد، في الحرب الجديدة المزمعة على العراق.
كما نشهد تصاعد المعارضة الداخلية في أمريكا وبريطانيا، للغة العنف، والقتل، والتهديد.
فدعونا! نستثمر هذا المناخ على المستوى الرسمي، والشعبي؛ لحماية العراق، والعرب، والمسلمين، ولرد الكرة إلى الملعب الأمريكي.
كيف؟
هذا هو السؤال الذي أنتظر منكم التعليق عليه، وسيكون محل الحديث في مقال تالٍ بإذن الله.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved