Friday 4th October,200210963العددالجمعة 27 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

تصميم الأحياء السكنية والوقاية من الجريمة تصميم الأحياء السكنية والوقاية من الجريمة
د. خالد بن سعود البشر

تتنوَّع الاتجاهات الحديثة للوقاية ومنع الجريمة وتأخذ أشكالا وأنماطا مختلفة ومتجددة، ويعد تصاميم المباني العمرانية والمناطق السكنية أحد أنماط هذه الاتجاهات، حيث تركز لفكرة في تغيير البيئة المحيطة وتعديلها بهدف تعسير ارتكاب الجريمة والتقليل من معدلاتها وذلك بتفويت الفرص والظروف التي تسهّل وتساعد على وقوع الحوادث الجنائية والمرورية.
فمن المتعارف عليه أن الأحياء السكنية عند تخطيطها وتصميمها تأخذ ثلاثة أشكال، وهي إما أن تكون مفتوحة حيث تتكون من شبكة خطوط متعارضة تشكل عدة أحياء سكنية يؤدي كل منها للآخر وبالتالي يرتادها ويمر بها كل من يشاء ومتى يشاء وهذا هو حال معظم أحيائنا السكنية. والنوع الثاني أن تكون الأحياء شبه مغلقة بحيث تسمح بالمرور من خلال عدد من المداخل المحيطة بالحي مقسمة إلى عدد من المربعات الصغيرة لا يؤدي بعضها إلى البعض مما يجعل حركة المرور داخل المربعات مقصورة على السكان وزائريهم فقط كما هو حي الجزيرة «السلي» وسكن وزارة الخارجية، والنوع الثالث هو الأحياء المغلقة التي لا تسمح بالدخول أو المرور إلا عن طريق مدخل ومخرج واحد كما الحي الدبلوماسي وإسكان الحرس الوطني، وهنالك علاقة بين تحقيق الأمن وبين التخطيط والتصميم العمراني، فهو إما أن يكون عاملا يسهم في رفع معدلات الجريمة ورفع معدلات الحوادث المرورية الناتجة عن الحركة الطبيعية لمستخدمي الطريق وإما أن يسهم في خفض تلك المعدلات.
والأحياء المغلقة توفر الأمن بمفهومه الشامل فهي توفر الأمن الاجتماعي والنفسي، حيث توجد علاقة حميمة بين المكان وقاطني الحي وتؤدي إلى نمو العلاقات الاجتماعية بين السكان وتوجد آليات للتعاون والتعاضد والاستمتاع بمرافق الحي وحدائقه وكل زواياه والشعور بالهدوء والسكينة.
كما أنها توفر الأمن الجنائي بأسلوب تصميمها الذي يمنع مرور الغرباء عن الحي ويسهل التعرف عليهم ومقاصد اتجاههم وتؤدي إلى انخفاض نسبة الحوادث المرورية ولا سيما حوادث الدهس والإزعاج المروري الناتج عن الرعونة في القيادة والسرعة المتهورة حيث لا يسمح تصميم الحي بالدخول دون هدف محدد في حالة الأحياء المغلقة أو شبه المغلقة، ولا شك أن لها ايضا سلبيات منها الانعزالية وصعوبة الانقاذ والتدخل السريع، ولكن إيجابياتها تفوق السلبيات في ظل النمو السكاني المتزايد وانفتاح المجتمع والاتجاه نحو التمدن بكل آثاره السلبية. ولا تحضرني دراسة علمية عن معدلات الجريمة في الأحياء المغلقة أو شبه المغلقة مقارنة بالأحياء المفتوحة فمن المحتمل أن يكون لكل تصميم نوعية من الجرائم والحوادث ولكن فيما يبدو لي أن الواقع يشهد انخفاض معدلات الجرائم في الأحياء المغلقة، وأكاد أجزم أن الحوادث والإزعاج المروري هو أقل في هذه الأحياء وكذلك في الأحياء شبه المغلقة.
إن تعاضد المخططين والمهندسين ومصممي الأحياء السكنية في الأمانات والبلديات ورجال الأعمال مع الجهات الأمنية عند تصميم الأحياء السكنية هو ترجمة لمقولة الأمن مسؤولية الجميع ومشاركة مجتمعية مطلوبة وأن توفير الأمن الاجتماعي والنفسي والجنائي هدف أساس للمسؤولين عن التخطيط العمراني لا يجب إغفاله أو التنازل عنه لأن انعكاساته وآثاره ستكون على الجميع، دعواتي الصادقة بالتوفيق للجميع.

(*) أستاذ السياسة الجنائية المساعد
أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved