Tuesday 1st October,200210960العددالثلاثاء 24 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في الصميم في الصميم
هل أمريكا راغبة في رفض شعوب الأرض لها..؟
د. خالد آل هميل

تضغط الإدارة الأمريكية على الكونجرس بكل السبل لانتزاع قرار يعطي الرئيس الامريكي حق شن الحرب على العراق بذريعة أنه يملك أسلحة الدمار الشامل وأن له علاقة بالقاعدة التي يتزعمها أسامة بن لادن وغير ذلك من الدعاوى والدعايات الصارخة.
كما تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطاً مكثفة على مجلس الأمن وترسل المبعوثين لدول العالم وخاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن للموافقة على قرار أمريكي بريطاني يحرر الدولتين من قيود الشرعية الدولية ويعطيهما المجال لضرب العراق وإسقاط نظامه، وتنصيب حكومة عراقية بديلة طيعة وعميلة للولايات المتحدة الامريكية تجعل من العراق قاعدة أمريكية متقدمة بحيث يكون العراق محكوماً أرضاً ونفطاً وشعباً من القوات العسكرية الامريكية التي تخطط لاحتلال العراق.
وقد أعلنت الادارة الامريكية عبر العديد من المسؤولين الأمريكيين أهدافها وخططها ومن ذلك البقاء في العراق لسنوات عدة.
إن احتلال العراق هو الخطوة الأولى لتنطلق منها لمحاربة الدول الرافضة للمشاريع الامريكية والكيان الصهيوني.. هذه السياسة خطرة وعواقبها وخيمة على كل دول العالم، فهي عودة لشريعة الغاب وتنحية القانون الدولي والشرعية الدولية وحقوق الانسان جانباً، إنها عودة مقيتة للسياسات القديمة بالسيطرة على الدول والشعوب واستعمارها، وفرض الوصاية الامريكية عليها.
إن قبول العالم الاسلامي والعربي للولايات المتحدة وحيازة الاخيرة على علاقات متميزة معه، لا يعود لقوتها العسكرية وإنما مرجع ذلك هو ثقة هذا العالم الواسع بالسياسات الامريكية التي كانت قائمة قبل تولي الادارة الامريكية الحالية السلطة في الولايات المتحدة الامريكية على السياسات التي كانت تتصف نوعاً ما بالعقلانية، حيث كانت تنبذ الحروب او التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى وتعمل جهودها ولو بقدر معقول لنشر حقوق الانسان عبر التفاهم وتشجيع الانظمة المتشددة للأخذ بالديمقراطية وحرية التعبير، وهي اليوم تنتهج مع الأسف، سياسة غريبة أقل ما يقال عنها هي السعي لإشاعة الحروب والفوضى في العالم والإخلال بالأمن والاستقرار والسلم العالمي، وغزو الدول المستقلة واستعمارها بصورة مباشرة أو غير مباشرة كما يحدث حالياً في أفغانستان.
وفي هذا السياق كيف نفهم موقف الولايات المتحدة الامريكية من العراق وهي تحاول تجاوز الشرعية الدولية ومجلس الأمن والقانون الدولي سواء بالذهاب منفردة لحربه وإسقاط نظامه واستعماره او تحويل مجلس الامن ليكون مطية لتحقيق نفس الهدف.
العراق قد قبل بعودة المفتشين الدوليين، وقبل بحرية تحركهم ومطلوب منه أمور أخرى عليه سرعة اتخاذها، خاصة فيما يتعلق بالحالة العراقية الكويتية وإغلاق هذا الملف، ويفترض أن العراق في الطريق الى ذلك.. إلاّ أن أمريكا تسابق الزمن وتحاول إرباك المجتمع الدولي والعراق على وجه الخصوص حتى تتمكن من احتلال العراق ومنه الانطلاق الى ايران وغيرها من الدول.
الولايات المتحدة الامريكية في عهد الادارة الحالية تتصور أنه بالقوة العسكرية قادرة على احتلال الدول والشعوب، ولو درست حقيقة الاستعمار القديم وكيف رحّل قسرياً عن الدول المستعمرة لراجعت سياساتها العدوانية.
إن الشعوب لا تخضع للمحتل مهما كان جبروته، فإسرائيل على سبيل المثال تمتلك اكبر قوة عسكرية في الشرق الاوسط مدعومة دعماً مطلقاً من قبل الادارات الامريكية.. فهل استطاعت إجبار الشعب الفلسطيني على التسليم لمنطق القوة الغاشمة الدموية العنصرية؟!
إن من قتل من الاسرائيليين في عهد مجرم الحرب شارون هو أضعاف من قتل منهم في عهد الحكومات الصهيونية عبر سنوات احتلالها المباشر لفلسطين المحتلة.. ألا يعطي ذلك درساً واقعياً للإدارة الامريكية التي يسيطر عليها اليمين المتهيمن..؟!!
يبدو أن هذه الادارة تمارس سياسة الهروب الأمام نتيجة إخفاقاتها الداخلية على كل الصعد، حتى لو أغرقت الشعب الامريكي المسالم في حروب عسكرية وفوضى عالمية، وهي بذلك تحاول إشغال الشعب الامريكي لتحول بينه وبين محاسبة الادارة الامريكية ورموزها الذين تكتنفهم الشوائب.
ينبغي على روسيا والصين وأوربا والدول العربية والاسلامية الوقوف في وجه الادارة الامريكية محافظة على الاستقرار العالمي وعدم الاخلال بموازين القوى في العالم عبر المؤسسات الدولية ومجلس الامن.
وعندما ترتكب الادارة الامريكية الحماقة وتمضي قدماً في حروبها حتماً ستجد نفسها غارقة في أوحال ليس لها نهاية، فكما تحولت بريطانيا من إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس الى دولة تابعة لأمريكا سوف تجد الولايات المتحدة الامريكية نفسها أكثر من دولة، فالسيناريوهات التي أعدتها للعالم الاسلامي والعربي ولروسيا والصين.. سوف تنقلب عليها في داخل امريكا نفسها، كما حدث للاتحاد السوفيتي السابق.
فهل الولايات المتحدة الأمريكية راغبة في غضبة شعوب الأرض عليها.. ورفضها ومن ثم كسرها وتحولها من إمبراطورية الى عدة دول بدلاً من ولايات في نهاية المطاف..؟

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved