Thursday 26th September,200210955العددالخميس 19 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

إنجاز.. ثم إنجاز.. ثم وقفة إنجاز.. ثم إنجاز.. ثم وقفة
عايض محمد العصيمي

لقد تسامع العالم بأجمعه (في مشرقه وفي مغربه) بعملية فصل التوأمين الماليزيين في إنجاز طبي سعودي تناقلته وسائل الإعلام العالمية.
ولا غرو ولا عجب في ذلك فالمملكة سباقة للخير وعلى رأسها نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السموالملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) فالشكر لله أولاً ثم له على هذا الإنجاز!!.
وقد تم ذلك -بحمدالله تعالى- في ساعات مبكرة من يوم الأربعاء (11/7/1423هـ) وبنجاح عملية فصل التوأمين السياميين الماليزيين -بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني- على رأس فريق طبي كبير يضم (41طبيباً) من تخصصات مختلفة.
وقد استغرقت هذه العملية (18ساعة)!! ونقلتها عدة فضائيات عربية وعالمية مباشرة وتابعها العالم حية على الهواء.. حتى تم بحمد الله تعالى أولاً وآخراً فصل جميع الأجزاء الملتصقة والمشتركة بين التوأمين كالأمعاء والحوض والصدر والبطن والجهاز التناسلي والبولي وغشاء القلب واستفيد من جلد القدم الثالثة (غير الطبيعية) في تغطية الجلد الباقي المكشوف من جسمي الطفلين.
ويجب علينا أيها الأحبة الكرام ان نقف مع هذا الحدث العظيم عدة وقفات:
الوقفة الأولى:
علينا وقبل كل شيء ان نحمد الله -تبارك وتعالى- على نعمه العظيمة، ومن أعظمها وأولها (نعمة الإسلام) ثم (أمن في الأوطان) و(صحة في الأبدان) و(وفرة في المال) وراحة في كل متطلبات الحياة، مخترعات باهرة قرَّبت البعيد ووفرت الجديد.
والحمدلله على نعمه الظاهرة والباطنة، والحمد لله على نعمه التي لا تحصى ولاتعد {وّإن تّعٍدٍَوا نٌعًمّةّ پلَّهٌ لا تٍحًصٍوهّا}
الوقفة الثانية:
ولا ننسى أيها الأحبة - نعمة الله علينا في الصحة والعافية فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) رواه البخاري، فالحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً على هذه الصحة والعافية التي نعيش فيها وقد سلبت من غيرنا.
الوقفة الثالثة:
ومن الوقفات المهمة في هذا الحدث العجيب:
ان نتذكر عظيم خلق الله -عز وجل- وقدرته وقوته، فأنا وأنت وفلان وفلان.. قد خرجنا بحمد الله ومنته إلى هذه المعمورة من بطون أمهاتنا أسوياء وأنقياء. فقد اكتملت أعضاؤنا ولم ينقص منها شيء - وليس هذا باختيارنا.. لكن!! تفكَّر ياعبدالله أنك أحد هذين الطفلين - اللذين لا حول لهما ولا قوة- أو تفكر أنك قد خرجت وليس معك إلا يد واحدة، أو رجل واحدة، أو لاترى أو لاتسمع، أو لاتتحرك.. فتذكر هذه النعم جيداً (يارعاك الله) وصدق الله القائل في محكم تنزيله: {لّقّدً خّلّقًنّا الإنسّانّ فٌي أّحًسّنٌ تّقًوٌيمُ }.
الوقفة الرابعة:
إذا تبين لنا ما سبق من الكلام فلنقف سوياً عند هذا الحديث ولنتفكر فيه ولنتدبره:
فعن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» رواه مسلم.
فكم في جسدك من عضو؟ قرابة (360) عضواً أو مفصلاً، فلو أنك تتصدق في كل يوم (بريال) واحد، فكم ستنفق من الأموال الطائلة لكن هاتين الركعتين من الضحى تكفيان بمشيئته تعالى.
الوقفة الخامسة:
اننا نتملك في أجسادنا أشياء كثيرة، ونعماً عظيمة، من سمع، ونظر، وكلام، ومشي، وحواس كثيرة لاتنتهي ولا تأتي على عد.
لكن..!! هل شاهدت يوماً من الأيام أناساً قد سلبوا هذه النعم فلا تعمل أعضاؤهم إلا بأجهزة طبية.. فهذا في أذنه جهاز وفي كليتيه جهاز أو في قلبه أو غير ذلك..
أما أنا وأنت نسمع ونتكلم ونمشي ونتنفس بيسر وسهولة، وذلك كرم من الله تعالى.
لكن! تخيل أنك لاتتكلم إلا بشيء من المال فكل كلمة مثلاً تنطق بها بالشيء الفلاني من الريال فكم ستنفق من الأموال؟! لا أصبح حين أذن أغلى وأنفس من الذهب لكن أما علمت أن كل كلمة تكلمت بها فهي عليك محفوظة في كتاب لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها -وعلى جميع الأعضاء فقس-.
الوقفة السادسة:
علينا في هذا الحدث الطبي الهائل أن نتذكر قدرة الله تعالى ومشيئته الكائنة.
فهؤلاء البشر عندما أرادوا فصل هذين الطفلين أصبح المستشفى كخلية النحل التي لاتهدأ طوال يومهم وصباحهم حيث كان جميع منسوبي المستشفى من الأطباء والعاملين هناك في نشاط دائم استغرق عملهم ثماني عشرة ساعة وهم مجزيون على ذلك.
أما هو سبحانه وتعالى إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون فهو الخالق لكل شيء {اللّهٍ خّالٌقٍ كٍلٌَ شّيًءُ} فأمره بين كاف ونون.
فهو الخالق للبشر من إنس وجن وأشجار وأحجار وأنهار وطيور ورمال وحيوانات! كم أعدادهم؟ لايحصيهم إلا خالقهم- جل وعلا-.
الوقفة السابعة:
أحبتي الكرام أسألكم بالله تعالى هل الذي رُزِقَ هذه النعم، من ضمنها هذه الأعضاء والجوارح هل أدى شكر الله عليها؟!
أرأيتم الذي نظر إلى النساء الكاسيات العاريات هل أدى حق هذه النعمة؟! أعني البصر؟
هل الذي استمع إلى الحرام وأكل الحرام وشرب الحرام وتكلم بالحرام هل أدى حق هذا الجسد؟!
هل الذي مشى إلى المحرمات بقدميه يتساوى مع من يمشي إلى بيوت الله تعالى؟! {أّفّنّجًعّلٍ المٍسًلٌمٌينّ كّالًمٍجًرٌمٌينّ مّا لّكٍمً كّيًفّ تّحًكٍمٍونّ}...
الوقفة الأخيرة:
هل علمنا جميعاً أن الذي رزقنا هذه النعم قادر على أن يسلبها منا في طرفة عين (فلنتفكر ونتدبر بمن كان مريضاً ومبتلى بعاهة ونحن نرفل بنعم مولانا).
واعلموا ان هذه الجوارح ستشهد علينا يوم القيامة يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
فيؤتى بالرجل فيختم على فيه فيقال للأعضاء انطقي فتنطق بكل ما عملت من لسان ويدين ورجلين ويصدق ذلك أو يكذبه الفرج، بهذا صح الخبر عن سيد البشر.
{وّفٌي الأّرًضٌ آيّاتِ لٌَلًمٍوقٌنٌينّ * وّفٌي أّنفٍسٌكٍمً أّفّلا تٍبًصٌرٍونّ} وبالله التوفيق.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved