ليس أصعب على المرء من كتابة عبارات التأبين والرثاء والنعي سيما حين تكون لصديق عزيز وخِلٍ وخليل.
كان هول الحادثة التي تعرَّض لها أخي وزميلي الشيخ عبدالرحمن السحيباني رئيس المحكمة المستعجلة في سكاكا شديداً ومؤثراً بيد ان خبر نعيه ووفاته كان من أشد الانباء المؤلمة على شخصي ذلك ان قتله غيلة وغدراً لرجل أحبه من سمعوا به فضلاً عن أولئك الذين التقوا به او عاشروه.
عرفته منذ كنا طلاباً في كلية الشريعة بفرع القصيم ثم ملازماً عند فضيلة الدكتور ابراهيم الخضيري، عرفته يحمل سمتاً وأدباً وسماحة وخلقاً وحرصاً على طلب العلم أهلته بلا تردد الى ان يتم اختياره في القضاء.
استلم هذه المهمة الصعبة على انها وظيفة رسمية فحسب، ولكنه استشعر عظم الامانة الملقاة على عاتقه من ولاة الامر حفظهم الله مستحضراً مكانه القاضي في بلده ومكانه ودوره الشرعي الاجتماعي.
فبادر - رحمه الله - إلى زرع بذور الخير والعلم في منطقة الجوف فرعى جماعة تحفيظ القرآن وأنشأ لجنة إعمار المساجد واهتم بامور البر والخير والإحسان.
كان شعلة من النشاط أحوج ما تكون المنطقة إلى مثله وكان من أواخر أياديه الحسنة قيامه على بناء جامع الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - الذي يؤم فيه وأصابته رصاصة الغدر قريباً من بابه وهو يهم بدخوله لإلقاء خطبة الجمعة في ساعة من أفضل سويعات ذلك اليوم الفضيل.وهكذا غيَّبت رصاصة الجبن والغدر والخيانة أحد أبرز رموز جيل الشباب في القضاء همة وحماساً وبذلاً وعطاءً فرحمك الله يا أخي فقد كنت فينا بسمة لا تغيب بمحياك الباسم وطلعتك الطيبة وخيرك المتدفق.
وعوَّض الله أهلك ووالديك خيراً وجبر مصابهما ومصاب المسلمين.
أما تلك اليد الآثمة الملطخة بدم العلم فمحال عليها أن تهرب أو تغيب.
فبلادنا المحصَّنة بأسوار من الأمن عالية لم يفلت بحمد الله من يدها مجرم أو يفر من عدالتها جبان مهما كانت حصافته ودهاؤه.
ولكم منا يا أبناء الشيخ الصغار كل الدعاء أن يحفظكم ويصلحكم لتواصلوا عطاء والدكم المبارك عليه شآبيب رحمة الله الواسعة.
ولله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.
|