Thursday 26th September,200210955العددالخميس 19 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

إحالات إحالات
كلنا.. سرق المصحف!!
نايف فلاح

على مقدار لا شيء من مقعده، وضع أبو الحسن الأشعري المصحف، ثم شرع في درسه يخوض تارة في العلم وأخرى في الوعظ، حتى اختنقت الجلسة بالبكاء، فجعل لأمر لا يعرفه سواه، يفتش عن مصحفه، وفجأة، اطرح عنه وقاره، وأنشأ في ذهول قالته الشهيرة: كلكم يبكي.. فمن سرق المصحف؟!
إن هذا الاستفهام المشدوه الذي كان لابد له ان يندلق من ابي الحسن وهو يرى لصوصا عليهم سيماء الخشوع، يحكي قلقاً عيش في نفسه بتلك اللحظة، تصادم فيه جوانيه ببرانيه، بقدر ما تفارق شطر المقالة الأول عن شطرها الثاني.. كيما تسري متشظية مدى قرون عديدة، وتزوغ غير فاتنة من غضون علاقاتنا اليومية.. قالة حتمها مشهد منوط بظرفه لكنه لم يستهلك أداءها لوظيفتها في ذلك الحين بل دبت فيها حيوات أخرى لا تبرح تقفز من وعينا.. فبقي التواصل دائما بيننا وبين صرخة الاشعري على اختلاف عوالمها..
ففي عالم الاشياء نجد الرشوة مثالاً ننبذه، ومع ذلك فهي آخذة في رفع أصواتها وفي تبديل طرائقها، حتى غدت ممارستها بل أوشكت أن تخط تقليدا فعليا تشيأ من غلوانه المجتمع فباتت زاحته في المقابل تقليداً قولياً، غاصت أحوالنا من جرائه في لجة الثنائيات.. ونجد ايضا الوساطة أو هي في تعاط مرادف الشفاعة، لها مع عالم الاشياء نسبة، فنحن مهما بحثنا عنها أو توسلنا بها لسنا نعزف ونحن نقرأ الكتاب عن جعلها مشجب طوارىء نعلق عليه تأخرنا وفشلنا الشخصي إزاء تقدم الغير ونجاحه.. هنا، يقوم تفسير لواعز سلوكي يتداعى في طويته عفن (الرسملة) أو إسار الجهة أو......
أما في عالم الاشخاص أو الافكار يواجهنا مسؤول (حينئذ) مثالاً يلازم غمز مسؤول (حين الآن).. ومواطن (عندئذ) في مقته لبهلوانية الروتين يمسي من البواسل الا إذا ما استوت أموره على الجودي، أو إذا ما استحال في مستقبل ايامه راساً على نظام ، فينقلب بالضرورة النرجسية مدافعاً وصامداً دون سلاسة الروتين المعقوقة.. ! ليتبرأ اخيرا مواطن (عندئذ) من مواطن (عند الآن) والعكس..
وهكذا.. دواليك.. يسك خللنا الثقافي من التناقض عملة نشري بها ونبيع. والنتيجة ان لايراوح المصحف ضياعه بيننا.. لأننا.. بلا شك.. سارقوه!!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved