دخل «المعلم» الى «الحصة» الأولى، فرحاً ومسروراً برسالته السامية في صناعة الأجيال ومزهواً بهؤلاء «الأبرياء» لعلّه يصوغ منهم مجدا لوطنه فتأمل «وجوه» القادمين الجدد الى «المدرسة» عفواً الى «الوطن»، محاولاً قراءتها لعلّه يرسم من آمالهم وطموحاتهم لوحة المستقبل للوطن.وبدأ يسألهم واحداً تلو الآخر عن اسمائهم وبلدانهم وقراهم وآمانيهم، فنظم من حروف اسمائهم هجائية الوطن، ورسم من بلدانهم وقراهم خارطة الوطن، وشكلت أمانيهم عرش أحلامه من أجل «الوطن» الحلم، فلما أراد الدخول إلى «الدرس الأول» منوهاً بالعنوان فقط قال أحدهم ببراءة: «بلّشنا الدرس استاذ».
فتوقف حائراً أمام «بلّشنا» من أين؟ وكيف؟ ومتى؟ دخلت حرم «البراءة».فمر أمامه الكثير والكثير من صور حياة هؤلاء الأبرياء في ظل زحف الفضاء الذي أفرز ثقافة «بلشنا» شكلاً مغايراً لوجهنا الأصيل.
ثم عاد الى نفسه متسائلاً وماذا عن جيلنا القادم بعد «20» عاماً أو أكثر أو أقل، انه -بلاشك - جيل «بلّشنا» في ظل قدوم «الفضاء»، ومغادرة «الخصوصية» هماً ومنهج حياة.
«بلّشنا» سياق حياة مغاير، ومنهج «تناول» مختلف، ولكن كيف غزت «أطفالنا» في ظل «ثقافتنا» وخصوصيتنا الفكرية، أم أنها جاءت في غياب او شبه غياب، لمنهج إعلامي قادر على «المنافسة» وليس مجرد القيام ب«الواجب» فقط.
«إعلامنا الوطني» يملك «مقومات» النجاح، متى ما أخذ بعناصر «المبادرة» و«الإبداع» وليس غير الإبداع، لتبقى «الأجيال» متصلة ومتواصلة مع جذورها التاريخية والاجتماعية.
|