editorial picture

من الوزاني إلى الفرات

منذ انطلاق الرصاصة الأولى في الحرب التي تشنها واشنطن ضد الارهاب أيقنت اسرائيل أن الفرصة مواتية لها للالقاء بثقلها خلف هذه الحملة لكي تستثمر معطياتها العديدة حيث جهدت في تصنيف الفصائل الفلسطينية ضمن قوائم الارهاب التي تعدها الولايات المتحدة ومن ثم محاولة استغلال القوة الأمريكية المتفوقة في ضرب هذه الفصائل.
وفي أجواء الحرب الحالية التي تسعى الولايات المتحدة لشنها ضد العراق وجدت إسرائيل أن عليها القيام بدور المحفز لهذه الضربة المحتملة خصوصاً أن مثل هذه الضربة تتسق مع أهدافها طالما أنها تستهدف دولة عربية، فالعربي الضعيف في نظر إسرائيل هو أفضل عربي، وبالتالي فإن الدولة العربية المدمرة هي الأمثل بالنسبة لإسرائيل التي تتوجس خيفة من كل من حولها، وتعيش في محيط يرفض وجودها العدواني وتتحين اغتنام أية فرصة لإيجاد ثغرة في هذا الطوق الدولي العربي الذي يكاد يخنقها.
المحاولات الإسرائيلية لاستثمار المظلة الحربية الأمريكية امتدت أيضاً إلى لبنان حيث استمرت إسرائيل طوال عقود في نهب المياه اللبنانية لكنها لم تكتفِ بذلك بل احتجت على قيام لبنان باستغلال موارده المائية من نهر الوزاني مدعية بأن المشروعات اللبنانية الجديدة تقلل من حصتها من مياه ذلك النهر الذي يتدفق على أرض فلسطين، هذا علماً بأن اسرائيل تستحوذ على معظم التدفق المائي السنوي في هذا النهر، فمن جملة 160 متراً مكعباً من المياه في النهر فان لبنان يستخدم أقل من عشرة ملايين متر مكعب، وعندما شرع لبنان في إمداد قرى الجنوب العطشى بمياه الشرب من الوزاني بمعدل أربعة ملايين متر مكعب من المياه، وهي لا تزال أقل من حصته، احتجت اسرائيل وعمدت إلى تفجير أزمة أخرى مع لبنان، وقامت من خلال تصرف استفزازي بتوجيه البنادق إلى العاملين في المشروع اللبناني.
ولن تخيف إسرائيل بهذه الأعمال لبنان، فهي لاتزال تذكر أن المقاومة اللبنانية لقنتها درساً من الصعب نسيانه عندما طردتها قبل سنتين بصورة مخزية من الجنوب.
إن إسرائيل الطامعة في مياه العرب من الفرات إلى النيل مروراً بالوزاني ستظل دائماً مستعدة للانقضاض على مكتسبات العرب من خلال استغلال الظروف الدولية وتحين أوقات ومواقع الضعف في الصف العربي.



jazirah logo