Saturday 21st September,200210950العددالسبت 14 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الوقت.. وما أدراك ما الوقت؟ (1-6) الوقت.. وما أدراك ما الوقت؟ (1-6)
محمد بن أحمد الرشيد*
حساب تضييع الوقت - حساب عسير

لا أملٌّ من الحديث عن أهمية الوقت في حياة الأفراد والأمم لأن الوقت هو الحياة ولا أسأم من تذكير نفسي وإخواني بهذا الكنز العظيم، كما لا يسأم مَنْ يشعر بالظمأ في يوم قائظ من طلب الماء البارد، ولو تكرر ذلك منه عشر مرات! ولا أفتأ أطرق الموضوع كل مرة من زاوية، وأسلط عليه ضوءاً مختلفاً ليتعمق الشعور به في العقلين الظاهر والباطن، لإيماني انه سبيل النجاح والفلاح، والسيادة والريادة في الدنيا والآخرة.
قرأت نشرة اقتصادية أعدتها إحدى شركات البترول، تبين فيها أنها قامت بتحقيق رقم قياسي لعدد ساعات العمل بدون فاقد لأول مرة في تاريخ الشركة، بلغ مليون ساعة عمل في السنة. وتوضح هذه النشرة ما بذله العاملون من أجل التحكم في الخسائر، بعدم إهدار ساعات العمل. وقد ترتب على هذا البرنامج الإداري الآتي:
- عدم وقوع خسائر جسيمة في نهاية السنة التي أشار اليها التقرير.
- انخفاض معدل الحوادث الناجمة عن «فاقد الوقت» في إطار ساعات العمل المقررة بنسبة 32%.
- انخفاض مؤشر خطورة الحوادث بنسبة 57% عن العام السابق لذلك البرنامج.
واستهدفت الشركة الطموحة بهذا البرنامج استرداد خمسة ملايين ساعة عمل سنوياً في برنامجها المتتابع.
- وبهذه العملية المتميزة المدروسة فان الشركة تعمل على استرداد «وقت العمل الحقيقي»، وفرز حالة اللا عمل من العمل الحقيقي، أي استنقاذ العمل من براثن «البطالة المقنعة» خلال أوقات العمل المقررة أو الدوام الرسمي، أي يجعل وقت العمل «منتجاً سواء كان إدارياً فنيَّا أم واقعياً.
- إن استرداد هذه الأوقات بحيث تشكل ساعات «العمل» أداء حقيقا إنما يتم اليوم من خلال دورات تدريبية تحت مسمى «التحكم في الخسائر» «فكل مدة عمل لا يسند فيها إلى شخص ما، أو مجموعة معينة، عمل محدد، أو لا ينجز فيها هذا العمل، تُعدّ خسائر يمكن حسابها».
- ومن خلال تلك البرامج التدريبية للموظفين يتم شرح مضمون ذلك النظام، كما يتم التنسيق المخطط على وحدات العمل، والمراجعة الداخلية المستمرة للأنظمة، وتوزيعها على العاملين بصفة مستمرة لتدوين ملاحظاتهم والاستفادة منها.
- علماً بأن هناك اليوم نظاماً عالمياً للتحكم في الخسائر له مستويات متعددة للقياس في المؤسسات المختلفة.
خمس دقائق = ملايين الساعات:
* حدثني أحد المعلمين عن إحصاء طريف قام به في مدرسته عن حسابات الوقت الضائع، وحين تأملته وجدت أن له دلالة بليغة.
ذكر هذا المعلم الواعي أنه إذا ضاعت خمس دقائق فقط، من كل حصة دراسية، سواء في بدايتها أو في نهايتها، فإنه يضيع من الفصل الواحد في الحصة الواحدة إذا احتوى على 30 طالباً ما يساوي 30 × 150 = 5 دقيقة فإذا كان عدد الحصص 6 في اليوم الدراسي فالحاصل 6× 900 = 150 دقيقة وفي الشهر الواحد «الذي هو 22 يوما دراسياً» 22× 800 = 900 ،19 دقيقة.
فإذا كان في المدرسة 30 فصلاً دراسياً فإن حصاد خساراتها 30× 800 ،19 = 000 ،594 دقيقة.
وإذا كانت السنة الدراسية تسعة أشهر فالمحصلة 9× 000 ،594 = 000 ،346 ،5 دقيقة وإن شئت حسابها بالساعات، فإنها تقدر بحوالي 000 ،89 ساعة تلك تسعة وثمانون ألف ساعة ضائعة في مدرسة واحدة.
فإذا حسبت ما يمكن أن يضيع بحسب عدد المدارس في المملكة، والتي تزيد عن 000 ،23 مدرسة فإن تلك الدقائق الخمس التي لا يلقي الناظر إليها بالاً، ترتفع في مجموعها إلى ما يقارب مليارين وسبعة وأربعين مليوناً من الساعات الضائعة!!
إنه ليس لأمتنا في حُمَّى التنافس الدولي العلمي، ان تبدد تلك المليارات من الساعات أو معشار معشارها. فالوقت هو «الوعاء الزمني» يُغْتَنَمُ للعلم والتفوق، فينتج «صناعة القوة»، ولا بديل عنها.. يفرض بها الباطل باطله، مهما ارتفعت عقيرة صاحب الحق بالشكوى، ويدافع بها صاحب الحق عن حقه فيعمل له المعتدى ألف حساب. والدرس الذي تعلمه لنا الدنيا ويمدنا به التاريخ: أنه لا بقاء لحق لا ظفر له ولا ناب في حلبة التنافس الدولية.
كيف ندافع عن ميزانية التعليم؟
إنني أراقب ميزانية التعليم وهي تتطور من عام لآخر في بلادنا، وكلما زاد ما يرصد لهذا الهدف النبيل، أحسست أننا جميعاً، مسؤولون عن الحفاظ عليها، بأداء الأمانة الموكولة إلى كل فرد مِنَّا في موقعه، وفي الوقت المحدد لأداء هذه الأمانة.
لقد بلغت ميزانية التعليم عام 1372/1373هـ «حوالي 13 مليون» ريال ثم ارتفعت عام 1373/1374هـ إلى «عشرين مليون» ريال.
ثم قفزت في عام 1422/1423هـ لكي تصل إلى 6 ،26% من إجمالي اعتمادات الميزانية العامة للدولة فبلغ بذلك ما خصص للتعليم أكثر من «54 بليون» ريال، وكان نصيب «التعليم العام» في ذلك العام أكثر من «40 مليار» ريال سعودي.
فإذا حولنا ما يخصم في مثال ال«خمس دقائق» إلى ساعات، والساعات لأيام عمل مهدرة، فإن قيمتها قد تبلغ عشرات الملايين. وهي معادلة حقيقية تهيب بنا أن نرفع حساسيتنا للأوقات الضائعة الثمينة، سواء كانت في الفصل الدراسي أم مختلف مواقع العمل، حتى يصبح الإحساس بالزمن هما يومياً وتحدياً للضمير أينما كنا.
- إن النظام العالمي للتحكم بالخسائر يتيح لنا اليوم بأدواته حساب قيمة الأوقات المهدرة على امتداد أمتنا بالريال والدرهم والدينار. أما حساب تضييع الأوقات والأعمار في إرثنا الحضاري فإنه عسير، خاصة حين يُسأل الانسان عن عمره فيما أفناه، سواء في قعر بيته، أو في صميم عمله أو في طريقه.
- إن هذا الحساب يقوم بيننا وبين أنفسنا قبل أن يكون محلاً للمؤاخذة طبقاً للائحة، أو بين رئيس ومرؤوس إذ ينبغي لنا أن ندافع عن كل ريال رصد لهدف نبيل يرمي في النهاية للدفاع عن أمتنا ومستقبلنا وعن عقيدتنا وأبنائنا في زمن عصيب، يدركه كل سميع بصير، ويستنفر للدفاع كل صاحب عقل وبصيرة!!.
«وللحديث بقية»

* وزير المعارف

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved