تعتبر بنوكنا المحلية الوطنية سواء ذات رأس المال السعودي الكامل أو المشتركة مع رأس المال غير السعودي من القطاعات التي تساهم بالسعودة بشكل ملموس وواضح، من خلال توظيف المواطنين بكل التخصصات المختلفة، وما نيل بعض البنوك المحلية شهادة موثقة من مجلس القوى العاملة إلا تأكيد لهذا الدور الكبير الذي تقوم به البنوك في توظيف الشباب والشابات السعوديين على حد سواء حتى ان من الصعب جداً ان نجد في الفروع جميعها ولكل البنوك أي عرض غير سعودي، وهذا يسجل للبنوك كخطوة رائدة وهي محل تقدير الجميع بلا شك، ولكن هناك بعض الإدارات المهمة في البنوك لازالت بعيدة عن السعودة الكلية رغم الكفاءات والقدرات والإمكانات المتوفرة وأقصد بذلك إدارة الخزانة في البنوك السعودية جميعها.
تعتبر إدارة الخزانة (Treasury) في بنوكنا المحلية من أهم الإدارات التي تضطلع بمهام رئيسة في البنك من خلال عدة مهام تقوم بها، مثل عمليات الصرف الأجنبي سواء من خلال العمليات الآنية أو المستقبلية أو اتفاقيات المقايضة أو من خلال خيارات العملات الأجنبية وتحديد أسعار الصرف للعملات الأجنبية من خلال الأسواق المالية العالمية وغيره الكثير، وأيضاً الدور الذي تلعبه الخزانة من خلال السندات الحكومية سواء ذات العائد الثابت أو المتغير تلك التي تشتريها البنوك من مؤسسة النقد، وبالتالي المستثمرون يشترون السندات من خلال البنوك، كذلك تحديد أسعار القروض التجارية والودائع، وغيرها من مهام الخزانة والتي تعتبر من أكبر الإدارات التي تسهم برفع ربحية البنك وبنسب عالية قد تتجاوز 30 إلى 40%.
ولنا ان نتساءل الآن، من يدير هذه الخزانات في البنوك وكيف لهؤلاء هذه القدرات الفكرية لإدارة مليارات الريالات الخاصة بالمساهمين من خلال البنوك فيما المواطن الموظف هنا ليس له دور او اسهام، واقول من خلال اطلاعي بشكل أو بآخر، ان البنوك يوجد بها سعوديون وعلى أعلى درجة من المستوى التعليمي والمهارة والكفاءة بكل أبعادها وبلا حدود ويفتخر بهم حقيقة، ويتولون مناصب كبيرة، ولكن مع هذا لا يسمح لهم بتولي قيادة هذه الخزانة برغم قدراتهم ومهاراتهم والكفاءة العالية لديهم، ولا أبالغ حين أقول ان المواطن أكثر تلمسا لحاجات العميل وجذبه للبنك من غيره وبذلك يكسب ثقته وولاءه للبنك، وليس هذا فقط بل كما أشرت فهم يملكون كل المهارات والقدرات العالية التي لا تقل عن مهارة وقدرات غير السعوديين، بأي حال من الأحوال. والذي أدركه أيضاً ان الموظف غير السعودي في الخزانة في بنوكنا والذي يؤدي نفس دور الموظف السعودي يتقاضى راتباً مضاعفاً لذلك الذي يتقاضاه المواطن ومميزات كبيرة لا تقارن من سيارة وسكن وتعليم لأطفاله وتذاكر و«Bonus» أكثر وغيره ولا ابالغ حين اقول ان الموظف السعودي في الخزانة يحقق نتائج مميزة وأرباحا كبيرة للبنك أكثر من الموظف غير السعودي أياً كانت جنسيته، ولكن لازالت البنوك وفي قسم الخزانة بالذات ينظر للموظف السعودي على انه اقل مهارة وأقل إمكانيات وهذا غير صحيح.
انني اناشد البنوك بلا استثناء باعطاء الدور للمواطن في هذه الإدارة وادرك ان فترة سابقة مرت كان هناك صعوبات بوضع مواطن بهذا الحجم من المسؤولية على رأس العمل، لكن الآن بتصوري انتهت هذه المشكلة إلى غير رجعة ويجب ألا يغيب عن بالنا مدى حساسية عمل الخزانة وانها مؤشر للوضع الاقتصادي وانها تدير حركة أموال بمليارات الريالات وغيرها من العملات في بنوكنا، وبرغم ان مؤسسة النقد لا تتدخل إلا بأضيق الحدود إلا انني اعتقد بأنه لابد ان تقدم النصيحة والرأي ثم الالزام على مراحل ولن تكون هناك معوقات لذلك إلا ما يمكن ان يكون وهما واتفهم صعوبة تحقيق ذلك في البنوك المشتركة، ولكن ليست مستحيلة على أي حال.
| 
