Saturday 21st September,200210950العددالسبت 14 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لماذا العداء الأمريكي للسعودية؟ لماذا العداء الأمريكي للسعودية؟
د. سلطان سعد القحطاني

سؤال يطرحه كل عاقل، على نفسه هذه الأيام. قد تكون الإجابات متعددة، وأولها الانتقام مما حصل في الحادي عشر من سبتمبر، العام الماضي. وهذا جواب بديهي لأنه الظاهر، لكن هناك أكبر من هذا. فقد تألم كل مواطن من هذه الكارثة الإنسانية ومدى الضرر الذي سببته تلك الكارثة، وحجم الخسائر الظاهر. وبعدها ظهر العداء للعرب والمسلمين، على أنهم أعداء لأمريكا، وأعلن عن عدد من الأسماء على أنها الفاعلة، وليس هناك من دليل واضح حول هذه القضية، لكن لنفترض أن هذه الأسماء صحيحة، والعدد صحيح، فهل هذا دليل كاف لقيام الجهات الرسمية وبعض الجهات الشعبية والإعلامية لشن حملة شعواء على الشعب السعودي وقيادته، ووصفهم بالإرهاب؟، إن الدليل واهٍ، ليس فيه من العقلانية شيء، فنسبة التدمير والعدوان للقاعدة وحكومة طالبان ليس مبرراً لهذه الحملة العدوانية، وإن كان بعض المتهمين، أو كلهم يحملون الجنسية السعودية فلا يعني ذلك مسؤولية السعودية عن التفجيرات، وليس هناك قانون يحمل السعودية هذه المسؤولية. وكل العالم يعرف تمام المعرفة مصالح الحكومة الأمريكية في المنطقة العربية، بشكل عام، والسعودية، بشكل خاص، على مدى قرن من الزمان، منذ أن تدفق البترول في شرقي المملكة بكميات تجارية. وقد ظهر هنا، وهناك الكثير من الدراسات خلال هذا العام، بعد الكارثة المدمرة، منها ما يقول أن الكارثة مدبرة لضرب القاعدة وحكومة طالبان .. ومنها ما يقول: إنها لأهداف أخرى، بدليل تفريغ البنايات من الكثير من التجار اليهود في ذلك اليوم، وأن الانهيار تم بطريقة التفريغ الكلي للبنايات المنتهية. كما أن مبنى البنتاجون قد حلل من قبل أحد الكتاب الفرنسيين، فوجده أقل من جناح الطائرة المزعومة، التي قيل إنها ضربته. وغير ذلك من التحليلات. وقامت أمريكا بالانتقام من القاعدة وطالبان، على حد زعمها!! وأخذت في تدمير علاقاتها بالبلدان التي ترتبط معها بمصالح مباشرة، وعكست ذلك على مواطنيها الأبرياء، واتهمت الآخرين الأبرياء.
وسأذكر قصة رجل أمريكي متقاعد من شركة أرامكو، كان يقعد بجانبي في إحدى الرحلات الجوية، رجل في السبعين من عمره، تقاعد منذ عشر سنوات، يقضي إجازته السنوية في الظهران، ذلك المكان الذي قضى فيه أجمل أيام حياته، على حد قوله. جلس بجانبي وأخذنا نتجانب أطراف الحديث، فأبدى أسفه على ما يجري هذه الأيام، يقول: «جئت إلى السعودية سنة 1954م للعمل مع أرامكو، وكونت الكثير من الصداقات مع الكثير من السعوديين، الذين عملوا معي، وتزوجت بعد ذلك، وتعودت زوجتي على الحياة هنا، وكذلك بناتي الثلاث، وكنا نقضي الإجازات في أمريكا، وعندما دخلن بناتي في أمريكا كن يأتين ونقضي إجازاتنا هنا، وبعد أن تقاعدت صرت أقضي إجازاتي هنا برفقة زوجتي».
يقول: الإعلام الأمريكي غسل أدمغة الأمريكيين ولم يبق لهم إلا أمريكا، لم نكن نعرف عن السعودية ودول الخليج العربية إلا أنهم يرعون الغنم، ويعيشون عيشتها، ولكننا نفاجأ أن الإعلام يكذب علينا، نحن الأمريكيين جئنا من بلدان متعددة من العالم، وانصهرنا في المجتمع الأمريكي، وقطعنا صلتنا بأصولنا، أنا مثلا أيرلندي، وزوجتي من أصل نيوزلندي، وأصبحنا أمريكيين. كنا نسير في كل مكان لا نخاف أحدا، واليوم لا نستطيع التحرك في الليل، ولا الذهاب إلى أي مكان، والسبب السياسة الأمريكية المتعسفة، ما ذنبنا كمواطنين أبرياء؟؟.
ويضيف: «الأمن الأمريكي وصل إلى درجة كبيرة من الغرور، فلا يظن أن كائنا من كان يستطيع أن يعبث بالأمن، لكنه يفاجأ بالكارثة تحل على رأسه من الداخل. إنني لست معتزا بأنني أمريكي، لو كان في عمري مدد لكنت هاجرت إلى أي بلد آخر، مثل ذلك الأمريكي الذي حرق جواز سفره في هولندا».
هذا حديث أحد الأمريكيين المعتدلين، الذين لم تلوث أفكارهم الصحافة الصهيونية. ما ذنبنا إذا كان التقصير من الأمن الأمريكي المغرور على حد قول أحد أبناء البلد؟ كما أننا لسنا مسؤولين عن الفشل الأمريكي في فيتنام وأفغانستان، وغيرها، وإن النعوت التي تطلقها الصحافة الأمريكية على من يطبق دينه ويمارس طقوسه في العالم كله، لم يلفت إليها، إلا عند المسلمين، عندما يمارسون دينهم ويطبقون تعاليمه، والإرهاب صفة من صفات المسلم في عرف هذه الصحافة الظالمة، في بلد تدعي الديمقراطية والعدل، وقد رأيت بأم عيني يهوديا يمارس طقوسه بعد طلوع الشمس في أحد المطارات ويؤدي حركات لافتة للنظر، سببت المضايقة للجالسين، ولم يقل له أحد أنك تضايق الناس!!، كما أن إطلاق الصفات الإرهابية أصبحت رخيصة في عرف الأمن الأمريكي، فقبل أيام أعلن عن أحد الإرهابيين السعوديين، وأنه كان في أمريكا وهو مطلوب للعدالة .
ويتضح الأمر أن الشاب سعود عبدالعزيز الرشيد، لم يزر أمريكا في حياته ومن يدري من يرشح للإرهاب من المواطنين، سواء من الذين كانوا في أمريكا، ولو قبل عشرين سنة، فانتبهوا يا من كنتم في أمريكا، أو لو لم تكونوا!!!.
إن الرئيس الأمريكي يحارب الإرهاب ولكن كيف بمن يقتل علنا، تحت أضواء وسائل الإعلام وأمام أنظار العالم كله، ويسميه الرئيس الأمريكي بوش الابن «رجل السلام» ومن هو رجل السلام، هذا؟؟ إنه السفاح شارون.
العالم كله يحارب الإرهاب، في الداخل والخارج، ومن أكبر جرائم الإرهاب ما يقوم به اليهود، بقيادة شارون، الذي جاءت به الحكومة الاسرائيلية ليكون جزار القرن، وإذا به رجل السلام، وقبل أيام أعلن شارون إلغاء كل اتفاقيات السلام، بما فيها اتفاقية أسلو، فهل هذا رجل سلام؟؟
في ضوء هذا يجب أن يكون خطابنا تجاه الآخر خطاباً يتحلى بالعلمية والعقل والمنطق، ولا نكيل التهمة بالتهمة، وعلينا أن نترجم القول بالعمل، ويكفينا أن الله تعالى قد وصفنا بأننا خير أمة فلنكن كذلك، ولتتح الفرص لكل من يجد في نفسه الكفاية لإبداء الرأي، ولا يقصر على فئة معينة من الناس، فتعدد الآراء يثري الفكر ويصحح الكثير من المفاهيم، ونحاول الابتعاد عن الخطاب العاطفي، والحماس الزائد عن حده، فقد يأخذنا الحماس إلى قلب الحجة علينا، بما يمكن أن يفسر بغير مقصده، وليست لغتنا عاجزة عن التعبير بالجمل المعبرة، أكثر من الجمل المتهورة وجل من لا يسهو.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved