Saturday 21st September,200210950العددالسبت 14 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

اخبار العمارة والعمران اخبار العمارة والعمران
جولة عبر مدن العالم العربي التقليدية: مدينة حلب - سوريا

  * لونارد - دمشق:
حظيت مدينة حلب او الشهباء كما تسمى بعناية واهتمام الباحثين المهتمين بالمدن العربية الاسلامية مما ندر ان تحظى به مدينة عربية اخرى فيما خلا مدينة القاهرة. وقد كانت ايضا مدار اهتمام المستشرقين والحملات الاستكشافية المختلفة على مدار فترات تاريخية طويلة مما خلف اليوم مجموعة كبيرة من الآثار والوثائق التي تصف روعة عمارتها ومآثرها من البيئة المبنية وطرز العمارة الاسلامية. ومن اهم الاعمال التي يمكن ان يجدها الباحث المهتم في هذا المضمار هي اعمال المستشرق الفرنسي سوفاجييه في القرن التاسع عشر، حيث الف عنها كتابا ضخما نال به شهادة الدكتوراه. وبالرغم من ان هناك العديد من المدن العربية الاسلامية التي تحتوي على الكثير من الآثار والمخلفات المعمارية، مثل مدينة القدس مثلا، إلا ان مدينة حلب تتميز عنها جميعا في تقديمها لنماذج متنوعة من انماط المباني التي تطورت عبر فترات تاريخية طويلة، ومن انماط المباني هذه ما يتنوع ما بين المباني الدينية والسكنية والعسكرية والتعليمية، وهي ميزة قلما نجدها في كثير من المدن في العالم الاسلامي. فمدينة القدس تختص وتشتهر بمبانيها الدينية. فيما ان بعض المدن كاستانبول او دمشق مثلا قد تعرضت للكثير من التأثير الاجنبي مما غير كثيرا من نقاء العنصر والطراز العمراني المحلي او العربي الاسلامي من جهة ، او عرقل تطور المدينة ضمن نمطية معينة من جهة اخرى ، غير ما هو الحال في حالة حلب، وهي ميزة مهمة تتمتع بها المدينة. ومن هنا تقدم مدينة حلب انموذجا لتطور المدينة عبر سلسلة متواصلة الحلقات من الآثار المدنية والدينية والعسكرية وكذلك السكنية وذلك منذ مطلع القرن الخامس الهجري اي الحادي عشر الميلادي حتى اليوم. المدينة وإن كانت تحتوي على سلسلة اثرية ذات انماط مختلفة الا ان طابعها خاص منسجم.
اما الدور الذي لعبته مدينة حلب في العصور المختلفة فكان متفاوتا. ففيما قبل الاسلام وفي العصور الاسلامية الاولى لم يكن للمدينة دور بارز اذ هيمنت مدينتان عظيمتان على دورها احداهما بالشمال وهي انطاكية او عاصمة سوريا الشمالية، والأخرى قنسرين عاصمة مقاطعة حلب آنذاك. وقد لمع نجم المدينة لبرهة قصيرة ايام الحمدانيين ثم تضاءل دورها مجددا، الى ان توالت الحملات الصليبية على المشرق العربي. ففي عهد السلاجقة ازدادت اهميتها بسبب وقوعها على اطراف بلاد الرافدين المركز السياسي للسلاجقة. وبالرغم من الغزو التتري الجامح في القرن السادس للهجرة والذي تركها خرابا لربع قرن، الا ان نهضة المدينة ابتدأت منذئذ، اذ غدت المدينة مركز القيادة الحربية ضد الصليبيين من جهة وضد الغزاة من المشرق. واصبحت عاصمة الدولة لفترة ثم استقلت واصبحت امارة مهمة. وبالاضافة الى دورها السياسي المهم فقد لعبت دورا دينيا وتعليميا مهما اذ كانت مركز الدعاية ضد الدولة الفاطمية ولذا تم تأسيس اولى المدارس السورية بها. وبالاضافة لهذا الدور الديني فقد لعبت دورا تجاريا ايام الظاهر بيبرس، حيث انه بعد تدميره لمدينة انطاكية، اصبحت مدينة حلب المركز التجاري لتجارة ايران والهند فاشتهرت بها الاسواق والخانات . ولعبت ايضا دورا عسكريا مهما آنذاك بعد القسطنطينية فاشتهرت قلعتها وثغورها.
أما من الناحية العمرانية فتشتهر مدينة حلب بمبانيها التي تجمع بين الجمال والمزايا العلمية، حيث تنتظم آثار المدينة المعمارية كمجموعة متناسقة ذات طابع خاص قليل التأثر بالدخيل من العوامل الاجنبية، بالاضافة الى تشكيل طرز معمارية خاصة للمدارس والابنية المعمارية المتعددة بها. وكذلك اشتهرت بروعة الاساليب البنائية ومهرة بنائيها. ويعتقد البعض بانتقال بعض التاثيرات المعمارية منها الى الفن المعماري المصري بالقاهرة كفن المقرنصات وغيرها مثل فن الخط النسخي الذي تطور بها. ويمتاز الطراز المعماري الفني بمدينة حلب بمسحة جميلة هادئة مما يضعها في مصاف ارفع المدن العربية التقليدية مكانة وجودة.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved