editorial picture

ضربات موجعة

تمضي اسرائيل غير مكترثة في سياسات التقتيل والتنكيل بالفلسطينيين، مزهوة بجبروت قوتها، وهي راسخة القناعة بأن ما تفعله سيدفع بالفلسطينيين إلى الاستسلام والخضوع، لكنهم دائماً ما يُذهلون اسرائيل بما لا تتوقع من عمليات استشهادية مثل التي حدثت أمس.
ومن ثم تنخرط اسرائيل في استعطاف الآخرين وتلجأ إلى وجود دولي متميز في أحضان الدولة العظمى مستفيدة من المزايا الاعلامية والسياسية المسيطرة والمهيمنة على الساحة الدولية.
وطوال شهر ونصف الشهر توقفت العمليات الاستشهادية، غير أن ذلك لم يحمل اسرائيل على التجاوب مع هذا الوضع، بل استمرت قواتها في قتل الفلسطينيين، وخلال الشهر المنصرم فقط قتلت 75 فلسطينياً آخرهم طفل في العاشرة من عمره أطلق عليه جنود الاحتلال أمس النار بصورة متعمدة ليردوه قتيلاً.
فإسرائيل تعمل دائماً على مقابلة التهدئة الفلسطينية، بتصعيد الاعتداءات وعمليات القتل بما يزيد القناعة السائدة أنها لا تريد السلام ولا تسعى إليه، وخصوصاً هذا السلام الذي ارتضاه العالم، حيث رأت في المبادرة العربية الأخيرة ما يصطدم مع أهدافها التوسعية، ولذا فهي تحاول بمختلف السبل الهروب من هذا السلام الذي يحاصرها من كل صوب.
فرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون هو الذي انتقد مؤخراً كل محاولات واتفاقيات السلام بما فيها اتفاق أوسلو.
ومع ذلك فهناك في داخل الولايات المتحدة الدولة العظمى، من يرى أن شارون رجل سلام، ما يعني تبرئة هذا المجرم من كل تاريخه الدموي المشهود وحاضره الأكثر دموية.
إن إطلاق يد شارون هكذا يعني أن كبار العالم وقفوا إلى جانب قانون الغاب وأنهم تخلوا عن أبجديات القوانين الدولية التي تحمي الناس.
فشارون هو الذي جرد السلطة الفلسطينية من كل عناصر السيادة والقوة من خلال تدميره لقواتها ومقراتهم ومحاولاته المستمرة للانتقاص من سلطة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وبمساندة أمريكية.
ومع ذلك فإن الفلسطينيين لا يزالون يقارعون شارون في ميادين النزال والمواجهات حتى وإن كانت أسلحتهم لا تساوي شيئاً أمام التفوق العسكري الاسرائيلي، لكنهم قادرون دائماً على إنزال الضربات الموجعة بإسرائيل يسندهم في ذلك حق لا مراء فيه، ولا شبهة في النضال ضد عدو مغتصب ترعاه وتسهر عليه الولايات المتحدة الدولة التي يفترض أنها ترعى السلام.


jazirah logo