اذا كانت الحربان الاولى والثانية العالميتان اندلعتا لاسباب السيطرة السياسية والعسكرية وبسط النفوذ على عدد كبير من المستعمرات فإن الصراع القادم سيكون بكل تأكيد صراعاً اقتصادياً بين التجمعات التي تشكلت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراط عقد حلف وارسو الذي كان يشكل رادعا ضد اطماع الليبرالية الغربية وستكون اسلحة هذه الاحلاف الجديدة اسلحة اقتصادية لمواجهة المد الرأسمالي المتصاعد، والشعوب التي لا تستطيع حماية ثرواتها ستتعرض الى محاولات الشركات الرأسمالية لاحتكارها والسيطرة عليها، وهذا لا يعني ان التوافق كامل وطبيعي بين القوى الرأسمالية بل ان حدة الصراع ايضاً ستحتدم بينها وتتصاعد على حساب سائر الشعوب الغنية والفقيرة وهو صراع غير منظور باعتبار انه ليس فيه منتصر او مهزوم وانما ستكون آثارها هزات اقتصادية عنيفة لا تحتمل تبعاتها حتى الانظمة الرأسمالية العالمية التي تمسك بخيوط هذا الصراع الخفي، كما حدث مع النمور الآسيوية.
لذلك فان توجه الشعوب الى تشكيل فضاءاتها وسعيها للاندماج الاقتصادي هو محاولة حقيقية لمواجهة النهم الرأسمالي الزاحف واحد استحقاقات العولمة الاقتصادية في ظل انحسار دور الدولة الوطنية وعجزها عن تلبية احتياجات ومتطلبات ابنائها في زمن ثورة الاتصالات والمعلومات وتدفق المعلومات وانسياب السلع والاموال وتجاوزها للحدود الوطنية وحتى الاقليمية، وفي ظل سيطرة القطب الواحد على العالم وغياب الديمقراطية التي تعتبر الراعي الوحيد لحكم القانون وسيادته وهيمنة مبدأ تحقيق المصالح وزيادة الارباح على حساب ارادة الشعوب.
|