Thursday 19th September,200210948العددالخميس 12 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

القصيبي والمياه وقطرات من ري لا قطرات من ظمأ القصيبي والمياه وقطرات من ري لا قطرات من ظمأ
حمد بن عبدالله القاضي

لمعالي د. غازي القصيبي وزير أحدث وزارة للمياه ديوان شعر قديم يحمل اسم «قطرات من ظمأ» وفي إحدى قصائد الديوان جاء هذا البيت:
«وبكأسي قطرات رقصت
في الزوايا.. «قطرات من ظمأ»
كان هذا حديث الشاعر في زمن ديوان «قطرات من ظمأ».
ولعله الظمأ العاطفي!
لكن حديثنا اليوم معه عن «قطرات ري» - وقد أصبح وزيراً للماء.!
هذه القطرات «المائية» التي كم نحن بحاجة إليها من أجل حياتنا واخضرار أراضينا ومستقبل أجيالنا!
ولا جرم أن مشكلة تأمين «قطرات الري» لدى وزيرنا، هي بنفس قسوة «قطرات الظمأ» لدى شاعرنا!
ولصعوبة هذه المهمة تأمين المياه والمحافظة عليها بوصفها مسألة حياة أو موت (ماء أم ظمأ).. ثنائية صعبة في هذه الصحراء الحبيبة، من هنا فقد استبشر المواطنون خيراً باختيار د. غازي لهذه «الوزارة الصعبة» جداً.
إن «الكهرباء» من السهل تأمينها عن طريق استيراد الآلات والمكائن.
«الهاتف» هو الآخر من اليسير تدفق أرقامه في كل موقع، فالقضية لا تتجاوز تأمين «أبراج وأسلاك»!.
لكن المشكلة الأكبر «الماء» في هذه الصحراء الحبيبة فهو لا يستورد.. والأرض شحيحة به، وتحلية الماء مكلفة في ظل ظرفنا الاقتصادي وزيادة عدد نسلنا.
** لقد كان أجدادنا يهجرون أوطانهم ويهاجرون من موقع إلى موقع من أجل الحصول على الماء!
من هنا تأتي أهمية هذه الوزارة التي بادرت الدولة إلى إنشائها لأهمية أن يكون لها جهاز خاص على مستوى وزارة.
ومن هنا جيء بالدكتور غازي القصيبي من موقع خارجي مهم ليتولَّى أمراً مهماً يتعلق بشأن داخلي أكثر أهمية.. بوصفه رجلاً كفؤاً ونزيهاً لا يتورع عن المواجهة من أجل بقاء واستمرار نعمة الماء كما قال معالي صديقنا د. علي بن طلال الجهني في مقالته بصحيفة «الاقتصادية».
** لقد رجعت إلى كتاب صغير وقيِّم يحمل اسم «مشكلة المياه وآفاق مستقبلها في المملكة» من تأليف أ.د. خالد بن عبدالرحمن الحمودي، نشرته «المجلة العربية» قبل فترة وقدمته هدية مع أحد أعدادها السابقة، وقد ذكر فيه المؤلف - وفق بحث علمي مدعم بالإحصائيات - معلومات مهمة جداً عن مستقبل المياه في بلادنا، وقد ذكر بعض الحقائق المهمة التي من أخطرها أن 90% من المياه المستخدمة في بلادنا تذهب لأغراض زراعية، بينما لا تتجاوز نسبة المياه المستخدمة للأغراض البلدية 7%، والصناعية 4-2%، إنه حجم كبير ذلك الذي يذهب إلى الأغراض الزراعية مما يحتم إعادة النظر فيها، لكيلا نكون بلا «ماء» نشربه، والتحلية لا تستطيع أن تؤمِّن «الماء» الذي نحتاجه، لأنها تتطلب مبالغ طائلة جداً من أجل إيجاد قطرات الماء الحلو!
أما قلت.. إن مشكلة الماء كبيرة، ولكن أمام استشعار الدولة لهذه المشكلة ومن ثم اختيار رجل ذي عزم وخبرة، لا بد بحول الله أن توجد الحلول الحاسمة التي تضمن التخفيف من حدتها، من أجل حياتنا وتأمين مستقبلنا مع إدراكنا أن مشكلة المياه مشكلة عالمية لكنها في جزيرتنا الغالية أكثر صعوبة وأشد خطراً.
** وقبل أن أختم هذه المقالة سوف أقدم حلاً سريعاً لهذه المشكلة آتي به من شاعر قديم وهو يهديه إلى شاعر حديث لكنه أصبح الآن وزيراً للماء، هذا الحل جاء في هذا البيت لشاعر عاشق يقول فيه:
«ولو تفلت في البحر والبحر مالح
لأضحى أجاج البحر من ريقها عذباً»
ولعل وزيرنا يبحث عن هذه الحبيبة لحل مشكلة المياه، ويوفر المبالغ الكبيرة التي تصرف من أجل تحلية المياه، فهذه محطة تحلية وليست حبيبة - كما قال الأديب مارون عبود - وبارك الله في ريق هذه الحبيبة.. ولكن أخشى أن ريقها لا يروي إلا ظمأ حبيبها..!
** وبعد ..!
تهنئة لمعالي د. غازي القصيبي بوزارة المياه، وتهنئة للوزارة البكر به وإن كان الخاسر هنا سوف يكون «ماء الكتابة»، و«أهل الوراقة» لأن وزيرنا العزيز سوف ينشغل بمياه الشرب عن ماء الحرف، وليس هذا تخرصاً مني، بل بدأت بوادر ذلك فوراً عندما اعتذر في اليوم التالي لصدور الأمر الكريم عن الاستمرار في كتابة زاويته ب«المجلة العربية»، «صوت من الخليج» التي تجاوز عمرها عشر سنوات.. ولكنها «نشفت» في يوم.. والشكوى إلى الله فقد كانت «المجلة العربية» أولى ضحايا هذه الوزارة وأرجو ألا تتبعها كتب ومطبوعات أخرى، لكن الذي نستشرفه ألا يطول أمد هذا الهجر سواء للشعر أو النثر، فإذا كانت الأجساد تظمأ للماء - يا وزيرنا - فإن العقول تظمأ للحرف يا أديبنا.
دامت أيامك «ريّانة» بالعطاء، ودام وطننا متدفِّقاً بالرجال والرخاء ونعمة الماء.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved