مع المتغيرات الايجابية الأخيرة في القطاع الرياضي فقد يتطلب من بعض الاندية ان تعيد النظر والتفكير في نتائجها وفي اساليبها لقياس تلك النتائج. فالتنبؤات المستقبلية تتوقع باحتمالية ظهور تحديات متنوعة لعل من أهمها ما يتمثل في تنمية مواردها الذاتية واعادة هيكلتها الادارية والرياضية. في العقود الثلاثة الماضية نعرف جيدا انه لولا دعم رعاية الشباب المالي والمعنوي المتواصل للاندية لكان امر تحقيق النتائج الملموسة التي عهدناها للقطاع الرياضي امرا غير ممكن. وفي هذا الصدد فقد كان تقليديا فيها بأن يقيّم الأداء بمقاييس قصيرة المدى مثل الربحية والعائد على الاستثمار «والحصول على الكؤوس الدورية». أما اهمية تنمية الموارد البشرية فيها فكان امرا ثانويا ذلك ان بعض الاندية ما زالت تهتم باللوائح والانظمة والاجراءات اكثر من غيره. وحتى وقت قريب فان الموارد البشرية كانت تدار بأسلوب الوظائف التقليدي لا بأسلوب العمليات. فنجد قسما للاجور وآخر للحوافز والتأمينات وثالثا للتوصيف والوظائف والتعيين. وبالرغم من ان هذه المقاييس لم تفقد صلاحيتها بعد الا ان بيئة العمل الرياضي اليوم تستدعي والبحث عن طرق جديدة للنمو. لتحقيق ذلك فقد يتعين لها ان تولي اهتماماً اكثر بالسلوك والثقافة التنظيمية والاستراتيجية والذي من شأنه ان يحقق الاهداف طويلة المدى. وهنا يفترض منها ان تتحول الى عمليات تعالج كيفية اختيار العاملين والرياضيين الجدد وتنميتهم وتعظيم ادائهم.
فمثلا كرة القدم تعتمد على التقسيم الوظيفي لكل لاعب الذي يؤدي دوره ضمن تخصص ومسؤولية محددة. ونجد ان اللاعبين ككل مهتمون بنجاح الفريق ويشاركهم ايضا في تحقيق الفوز والنجاح للفريق كل من مدير النادي والمدرب الخ.. ومن هذا السياق يتضح ان الرياضة حاليا اصبحت اقرب ما يكون في نشاطها بالصناعة الوطنية التي تتوافر لها كل اسباب ومقومات النشاط الصناعي الناجح. فهي تعد سوقا ورأس مال وموارد بشرية بل وباتت تحتاج مثل غيرها من الانشطة غير خيرية الى ادارة محترفة تعمل لتحقيق وتعظيم العائد الاجتماعي والاقتصادي معا. كما يلاحظ انه مع تزايد تكاليف الاندية المستمرة والمتوقعة مستقبلا فان البحث عن مصادر اضافية لتمويلها اصبح ضرورية حيث ان حجم الميزانيات المخصصة للنشاط متوقع لها الزيادة وليس التقلص. وعلى الاندية الرياضية العمل على زيادة قدرتها التسويقية مع كافة المؤسسات ذات العلاقة وان لا تقتصر على بيع او شراء منتجاتها من ملابس رياضية او غيره او وضع اعلانات في الملاعب او رعاية حدث رياضي او الاعتماد لحد كبير على دعم رعاية الشباب لها. ويستحسن ان لا تتوقف عند حدود بيع او شراء هذا اللاعب او ذاك بل يحبذ ان تولي اهتماما اكبر لاعادة النظر في هياكلها الادارية والرياضية وفي هيكل المصروفات النثرية وفي زيادة الموارد سواء عن طريق حسن ادارة النقدية والاتجاه الى تنظيم البطولات المربحة. وعلى ضوء المستجدات المحلية والعالمية الاخيرة فلها ان تقوم بتصميم حدث متطور للوائح الداخلية والتي تتضمن الاجراءات والقواعد المنظمة لعمل النادي في المجالات المالية والرياضية والاجتماعية. وان تكون المرتبات والمكافآت متدرجة للعاملين بها بما يتناسب ويتفق مع التأهيل العلمي والعملي للعاملين مع تخصيص الاستفادة القصوى من اموال الاندية للصرف على انشطتها وليس للصرف على اللاعبين بشكل سخي قد يسترد اليسير مقابله. واخيرا فان قيام فريق من المتطوعين غير المتفرع بادارة النادي يؤدي الى سلبيات فيما يفضل توافر الخبرة الاقتصادية لبعض اعضاء مجلس النادي قبل الانضمام. واذا ما توفرت بعض من هذه التغيرات فقد نلمس تطورا ملموسا جديدا للرياضة المحلية مستقبلا لا ينعكس ايجابيا فحسب على الاندية الرياضية بل على المنتخب وبشكل افضل حالا عما حققناه في مونديال كوريا واليابان.
|