في الإعادة فائدة.. طُرحت فكرة إنشاء أندية للأدباء على مائدة اجتماع اللجنة المشكلة لدراسة إحياء نشاط سوق عكاظ.وفرح الأدباء والكتاب المشاركون في الاجتماع بالموافقة وتناسى بعضهم الفروقات الفكرية والاجتماعية حينها حتى جاء وقت العمل فاشتعلت جذوة الخلاف وتكريس المفاهيم العرجاء فكان أن نجح نادي الطائف الأدبي في السبق بما قدم من مناشط.
ولما جاء المحك الحقيقي لمعرفة الهدف الأصيل لهذه الأندية تكشفت النوايا الرافضة لفكر الأمة وأدبه المرتبط بالأدباء حتى طفح على السطح فكر فئة ضالة وأدبها.وترددت أصوات تطالب باستمرار أعضاء مجالس الادارة والغاء المادة (20) التي تقول:«مدة المجلس أربع سنوات ويجوز تجديده لفترة أخرى مماثلة ولمرة واحدة فقط بقرار من سمو الرئيس العام لرعاية الشباب.. وفي حالة تكوين مجلس ادارة جديد تجتمع الجمعية العمومية وينتخب من بينهم المجلس الجديد وفقاً للنظم المتبعة».
عذر البعض أن الأندية القائمة مازالت تحت التجريب وبالتالي لايوجد بها أعضاء يكونون الجمعية العمومية المطلوبة لأن غالب الأندية هذه لم تقم بعمل بطاقات عضوية تتفق مع فقرات المادة (5) كما أن هذه الأندية قائمة على الدعم الذي تقدمه الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
ولم تقم أيضا بتفعيل المادة (13) التي تقول: تتكون مالية النادي من:
أ رسوم الالتحاق أو الاشتراك.
ب الاعانات الحكومية.
ج التبرعات والهبات داخل البلاد.
د - أية إيرادات أخرى.
كان مدخل المعطلين لانتخاب مجلس ادارة جديد لكل ناد مارس نشاطه عام 1395هـ قوياً بينما كانت الصحافة الأدبية تمارس ضغوطها حتى يتحقق لبعض الطامحين في العمل عبر الأندية الأدبية ممن لم يحالفهم الحظ في التأسيس ويحصلون على جزء من الكعكة.
وكان موقف إدارة الأندية الأدبية في ذلك الوقت حيادياً بقيادة الأستاذ راشد الحمدان لإدراكه أن نظام الأندية الأدبية صريح ومواده واضحة لا تحتاج إلى تفسير أو جدل.
ولما لم تعلن إدارات الأندية عن الدعوة لانتخاب مجلس إدارة جديد كان أن تدخلت هذه الادارة وحددت موعداً لعقد اجتماع الجمعية العامة لكل ناد
ومثل إدارة الأندية الأدبية لحضور هذه الاجتماعات الأستاذ أحمد فرج عقيلان مستشار إدارة الأندية الأدبية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب.
وكان ذلك عام 1400هـ ومع الوقت تولى الأستاذ عبدالله الشهيل إدارة الأندية الأدبية وتحول مسمى هذه الإدارة إلى الإدارة العامة للأندية الأدبية.
جاء الأستاذ عبدالله الشهيل عام 1406هـ ومعه تغير مفهوم هذه الإدارة وتطور أداؤها حتى انها أخذت تتدخل في الحوار الذي يدور بين النادي الأدبي ورواده عبر الصحافة وغدا يشارك في المناشط العامة باسم المدير العام للأندية الأدبية ويؤكد ذلك توقيعه على المقدمة التي كتبها لكتاب الأستاذ جهاد فاضل (الأدب والأندية الأدبية في المملكة العربية السعودية) الصادر عام 1998م عن دار الجديد في بيروت.
وكثرت التعاميم والرسائل المستفسرة عن المناشط والأسماء. ويعيد صياغة المصروفات ويلغي بعض الأنشطة مثل التعميم العاجل الذي صدر عام 1409هـ الذي يقول: «نحيطكم علماً بأن نشاطات الأندية الأدبية لا يدخل من ضمنها النشاط المسرحي والتمثيلي، وأن يقتصر نشاطها على رعاية الأدب والأدباء، وتحقيق الأهداف التي انشئت من أجلها هذه النوادي وفقا للتوجيهات الخاصة بذلك» مخالفاً بذلك الفقرة (9) من المادة الثانية في نظام الأندية الثقافية الأدبية.
وتقول المادة الثالثة من النظام: «للنادي الشخصية الاعتبارية ويباشر اختصاصه وفقاً للائحة الداخلية التي يضعها مجلس الإدارة وأن يكون اتصاله مباشراً بالرئاسة العامة لرعاية الشباب».
جاءت هذه المقدمة إيضاحاً للتداخل مع ماكتبه الدكتور صالح زياد في جريدة الجزيرة تحت عنوان «النائمون في الأندية الأدبية» وما كتبه الدكتور معجب الزهراني في جريدة الرياض تحت عنوان «الأندية الأدبية وأزمة المؤسسة الثقافية».
إذ اكتشفت أن الأول لا يعرف شيئاً عن نظام هذه الأندية والثاني يثرثر بما لا هدف له وكأن هذه الأندية أفراس في حلبة سباق وليست مؤسسة نفع عام متخصصة.
يقول ادونيس : «الشائع في حياتنا الثقافية أن مهمة المثقف هي في أن يطرح حلولاً للخروج من أزمة ما، ومن الأزمة بعامة وهذا تصور أو مطلب خاطئ فالمثقف لا يحل الأزمة. إنه، على العكس يخلقها أو هو عائش فيها أبداً لكي يسوغ وجوده أو كونه مثقفاً . ذلك أن الثقافة الحية أزمة دائمة، من حيث انها بحث دائم وتغير دائم».
وإذا كانت حياة المبدع تتعرض لنوع من المعاناة نتيجة للاستغراق في حياة اجتماعية غير متوازنة فان ذلك ينسحب على النادي الأدبي من خلال نقاشنا اللامحدود حول مناشطه واهدافه ونظمه والقائمين عليه والأهداف البعيدة من وراء قيامه.. قال أحدهم: لقد عمق الأستاذ عبدالله الشهيل الخندق القائم بين الأدباء والمثقفين وهذه الأندية من خلال تدخله في الحوار حولها بين الأدباء والمثقفين داخل وخارج هذه الأندية حتى أكد مقولة أن الأبعاد الحقيقية لقيام هذه الأندية هي تفتيت الصوت القائم حتى عام (1400هـ) حتى يكون الحوار بين صوتين داخل الأندية وخارجها ويكون كحوار الطرشان حول نظام يشاع أنه مؤقت وآخر يقول إنه فعال.. وجهة ترفض إلزام الأندية الأدبية التمشي بمواده من خلال انتفاع خاص.
صدر نظام الأندية الأدبية الثقافية عام (1395هـ) ليكون نواة لعمل أول خمسة أندية تأسست عام (1395هـ).
واستطاعت هذه الأندية الخروج من عنق الزجاجة فأشعلت الساحة الثقافية والأدبية بحوار جديد وأثرت هذه الأندية المكتبة العربية بإصدارات تراوح الحديث عنها بشكل حاد استفاد منه جيل جديد فقد معالم الرواد في ساحة اختلطت فيها ثقافات الجوار حتى فقدنا معالمنا فكان لهذه الأندية أثرها الإيجابي والفاعل حتى انها أصبحت مصدر رزق لبعض المساهمين من الوافدين لشعورنا بالنقص.
ويأتي اليوم الدكتور صالح زياد ومعه الدكتور معجب الزهراني للحديث عن النادي الأدبي بعد ثلاثين عاماً من قيام هذا النادي وكأن التخصص غير مطلوب وأن الأدب والفكر عطاءان إنسانيان يحتاجان إلى حلبة سباق خيل ومعامل اختبار ومراكز بحث علمي. الابداع نابع من الذات وتضارب أفكار الكاتبين تعطي الصورة الواضحة لحوار الطرشان رغم وضوح معالم نظام الأندية الأدبية وأهدافها لارتباط هذا النظام بالمؤسسات المماثلة في الوطن العربي مع فارق جوهري.
هنا الأندية تقوم على دعم الدولة واشرافها وإدارة هذه الأندية لموظفين، بينما المؤسسات المماثلة في دول مجلس التعاون الخليجي أو سوريا أو المغرب نابعة من خلال الوسط الأدبي من مبدعين وكتاب. النظام موحد لكن الإشراف والإدارة هنا من خلال الرئاسة العامة لرعاية الشباب وهناك من خلال الجمعية العمومية للنادي الأدبي أو الجمعية أو الرابطة .. لا يهم اختلاف المسميات.
الذي أتمناه والرئاسة الآن تقوم بصياغة النشاط الرياضي على ضوء توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين إعادة إشراف الشئون الثقافية في الرئاسة على هذه الأندية بتفعيل النظام الأساسي للأندية الأدبية بكل مواده وأن تكون رسوم العضوية أحد موارد الميزانية وتقلص الرئاسة الدعم وتحصره في دفع إيجار المباني المستأجرة ورسوم الكهرباء والهاتف (اتصال داخلي فقط) والماء وتسهم في ترميم المباني الرسمية عند الحاجة. وتتولى الجمعية العمومية تحديد رسوم الاشتراك والتبرعات وطباعة الكتب.
إن إعادة صياغة تشكيل مجالس إدارات هذه الأندية على ضوء اللائحة وتفعيل مناشطها واهدافها وفق الضوابط المتفق عليها يخلق شيئاً من التواصل ويتم ردم الخندق الذي سعى إلى تعميقه بعض المنتفعين.
ويكون النادي الأدبي مؤسسة أدبية متخصصة ذات هدف معين قائم هدفه نشر الأدب والثقافة بين أعضائه ونشر الوعي بالعمل الجماعي بين الأدباء والكتاب من خلال الوسائل كافة لتحقيق هذا الحلم بما يلائم عقيدتنا ولايرفض قيمنا الاجتماعية الخيرة.
يقال: «شك العلماء لفترة طويلة في أن بعض انواع التصرف يتأثر بالجينات) وأنا أشك بأن حضورنا أو انصرافنا حيال ما هو قائم من نشاط أدبي أو فكري نابع من تصرف أحادي لا يقوم على وعي تنويري مستقبلي لارتباط هذا التصرف بموروث اجتماعي يؤكد العزلة والانغلاق الظلامي الذي معه يخاف النور والأندية الأدبية هي النور الذي انبثق في زمن الاحتياجات ولم نوظفه (أي هذا النور) بشكل طبيعي حتى نرى بعضنا ونتحاور.
ومن هنا جاء الحوار حول النادي الأدبي كمنظور اجتماعي رهابي تنامت فيه السطوة الإدارية في غاية انقيادية تخشى الانفلات لأن النادي الأدبي جاء في زمن ابيض عندنا كأدباء فعاث المعطلون في نظامه حتى غدا اجتماعياً إدارياً.
المراجع:
1 - كتاب الأندية الأدبية في سطور ط 2.
مطبوعات نادي الطائف الأدبي 1407هـ.
2 الأدب والأندية الأدبية في المملكة العربية السعودية إعداد/ جهاد فاضل
طبع دار الجديد بيروت 1998م.
3 - النظام والكلام ادونيس.
دار الآداب بيروت 1993م.
4 - الحكمة الضائعة (سلسلة عالم المعرفة).
تأليف الدكتور عبدالستار إبراهيم 2002م.
5 جريدة الجزيرة يوم الخميس 13/6/1423ه.
6 جريدة الرياض يوم الخميس 13/6/1423ه.
7 جريدة الوطن يوم الاثنين 12/5/1423ه.
8 نادي الطائف الأدبي مسيرة وتاريخ
إعداد/ محمد المنصور الشقحاء
مطبوعات نادي الطائف الأدبي عام 1414هـ.
|