تفتحت ابواب المعلوماتية وتوارت الدهشة التي كانت لاتفارق الوجوه لدى كل جديد فالدهشة الآن انحسرت إلى زوايا ضيقة فلم يعد يدهش ابناءنا ماكان يدهشنا في السابق بل حتى نحن تمر علينا المدهشات فلا تدهشنا ولا تحرك بنا ساكنا فلقد تعودنا الجديد وتعودنا ان نرى امام اعيننا الموت والدمار اليومي وعلى مستوى التقنيات شاهدنا افلام الخيال العلمي وحرب النجوم وافلام الاكشن والمطاردات والسيارات التي تحترق وتنقلب باسلوب سينمائي لايمكن للمسرح ان ينافسه! اذاً فمع كل ذلك ومع الفضائيات ومع الانترنت ماذا سيبقى لدى المسرح من بقايا الدهشة التي كان يمارسها من قبل على جمهوره؟
وهل سيبقى المسرح مؤثرا ومبهرا إذا ماظل المسرحيون يقدمون مسرحهم بنفس الاشكال والمضامين المعتادة دون طرح شكل ومضمون جديد؟ وهل ذلك يتطلب ان يلجأ المسرحيون الى التقنيات والتكنولوجيا الجديدة التي اصبح الجميع يتعامل معها بشكل يومي ويغفلها المسرح حيث يقدمه اهله وكأنه قطعة متحفية وتراث فني يجب ان لاتدخل اليه التغيرات التي دخلت على باقي نواحي الحياة؟
اطفال اليوم اصبحوا يدخلون عالم الكمبيوتر ويتعاملون معه بسهولة والكمبيوتر الشخصي الآن يصل الطفل بالعالم كله فماذا سيقدم المسرح للجيل القادم الذي لم تعد حتى الاشياء القديمة تأخذ من مساحة ذاكرته شيئا يذكر في ظل سباقه مع الجديد الذي لايهدأ؟
تساؤلات كثيرة من الصعوبة الاجابة عليها ولكنها تساؤلات يطرحها بعض المسرحيين متسائلين عن كيفية الاقتراب من الجمهور الذي لم يعد يتقبل الاشياء كما هي أو لم يعد بالتحديد يقبل على المسرح بينما الفضائيات والسينما تقدم له ما يدهشة.. تلك التساؤلات من الصعوبة الاجابة عليها فلا توجد اجابة واضحة مقنعة.. لكن هذه قضية يثيرها بعض المسرحيين وربما اثارها اسلافهم من قبل، فمع ان المسرحيين يحاولون دائما تقديم الجديد وتجاوز التقليدي حيث ظهرت محاولات قبل مئات السنين لادخال التحديث والتجريب في الشكل والمضمون وتم استخدام تقنيات سينمائية وغيرها لتقديم مسرح مختلف لجمهور مختلف.. الا ان الجمهور في هذا الوقت يختلف عن سابقه لهذا ستكون المسؤولية أكبر على المسرحيين لتقديم فرجة مبتكرة وجديدة تعتمد على التقنيات والابهار البصري والحركي.
على ان المسرح الغربي قد حقق تقدما كبيرا في مجال الابهار والمفاجأة وتغيير المشاهد وحتى الخدع والحيل المسرحية فيما يظل المسرح العربي تقليديا تقيده ربما الامكانيات المادية عن الوصول الى جعل المشاهد يحبس انفاسه ففي بعض المسارح الاوروبية حتى المقاعد تشارك في اثارة الدهشة حيث ترتفع المقاعد بالجمهور إلى أعلى وتدور متوائمة مع الحدث المسرحي. ان من يشاهد مسرحيات عربية يتأكد من ان المسرح العربي سيظل رهين الشكل والمضمون القديم فأين الامكانيات المادية والكوادر البشرية التي يمكن لها ان تطور المسرح وتدخل تقنيات تجعل المسرح على الاقل ينافس السينما في لعبة المسرح الازلية«الدهشة» على ان لاشيء يؤكد في الحاضر على أن المسرح يمكن له ان ينافس كلا من السينما والتلفزيون؟!!
|