Wednesday 18th September,200210947العددالاربعاء 11 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

أمريكا.. وأمريكا.. وأحداث 11 سبتمبر! أمريكا.. وأمريكا.. وأحداث 11 سبتمبر!
د. محمد بن صنيتان

أمريكا لا تحتاج الخليج اضطراراً من أجل اللوجستيك أو إدارة مسرح العمليات الحربية أو مقر لانطلاق الغارات على العراق، وإسرائيل أقرب لأمريكا وأقرب من الخليج للدول المهددة سواء العراق أو غيره. وهي لا تحتاج إسرائيل كذلك، فمسرح عملياتها ضد أفغانستان ادارتها من فلوريدا وقواعدها موجودة في أوروبا والمحيطات والبحار الدولية. وبعض الطائرات الحربية تحتاج تقنياً إلى مدى أبعد لأداء فاعليتها بكفاءة.
وأمريكا لا تهدد السعودية أو غيرها من دول الخليج من أجل البترول، فالبترول يتدفق لها من السعودية منذ ستين عاماً ونيف.
* وأمريكا لا تهدد السعودية كونها متحولة إلى محور ضد أمريكا فصداقة السعودية منذ المراحل الأولى لتكون الكيان السعودي..
والملك عبدالعزيز لم يتحول لأمريكا من أجل مصلحة أمريكا فقط بل من أجل تعزيز سيادته عندما كانت مخالب بريطانيا في كل شبر في الجزيرة العربية، فالمؤسس ورجاله من المحاربين، لم يوحدوا الكيان بدبابات أو صواريخ دولة أجنبية بل وحدوه بأنفسهم وأسلحتهم السيوف والبنادق ولوجسيتهم الخيول والجمال وغذاؤهم منتج بيئتهم.
* والقيادة السعودية، مع تعدد شخوصها، طيلة هذه السنين وطّدت صداقتها مع أمريكا ليس من أجل «سواد عيون أمريكا» بل من أجل المصالح المشتركة، فمن حيث العقيدة أمريكا من أهل الديانات السماوية.
وأمريكا سوق جيد للبترول وكذلك السعودية سوق رائجة للمنتج الأمريكي فلا يوجد بيت في السعودية إلا وبه منتج أمريكي اضافة إلى أن أمريكا أحد الحواضن الرئيسية للمدخرات السعودية التي تعزز الائتمان الأمريكي الذي تعيد أمريكا تدويره للسعودية بفائدة أكبر بكثير من الفائدة التي تعطيها وكذلك العقود والمشاريع التي يحظى بها رجال الأعمال الأمريكيون والبعثات والدورات الطلابية مدفوعة الثمن بسخاء.
ولكن السلوك الأمريكي استجابة لعاملين اثنين:
* أولهما: عامل حب التبعية فأمريكا لا يهدأ لها بال إلا إذا كان جميع العالم تحت تبعيتها!
وما زالت تعمل لتحقيق هذا العامل منذ الحرب العالمية الأولى، وحتى هذه الساعة!
فبدأت في أوروبا حتى أخضعتها سواء علنية «بريطانيا» أو خفية «فرنسا» ثم تناولت الاتحاد السوفيتي حتى جعلته دويلات وقسمت مجتمعه شيعاً وأحزاباً، ونتيجة منطقية لهذا العامل الكامن في اللاشعور - عزَّ عليها أن السعودية ترفض ضرب العراق ولم تقدم لها التسهيلات المطلوبة..!
وأمريكا لم تكن صديقاً وفيّاً مع السعودية وإلا بادرت بعدم احراجها مثل ما عملت مع إسرائيل فهي تتعامل مع المنطقة في مكيالين فتقول لإسرائيل ابتعدوا عن مشاكلنا في المنطقة، وقد حصل ذلك في حرب الخليج، والآن في تصميمهم على ضرب العراق ورغم ذلك ترغب من دول المنطقة باستثناء إسرائيل أن تكون مع رغباتها.
* العامل الثاني: إن الإعلام الأمريكي فسر أحداث 11 سبتمبر من منطلق الوعي الساذج فاعتقدت خطأ أن اكثرية السعوديين في الغارة على نيويورك وواشنطن رغم عدم الدليل بتحريض من الإسلام والمجتمع السعودي.
ولم يدخلوا في تفسيرهم وجود أمريكان داخل أمريكا نفسها عملوا، مع سبق الاصرار، ما يضر أمريكا لو سنحت لهم الفرصة أكثر من أحداث 11 سبتمبر. وكذلك من مجموعات مسلمة ولكنها خارج الارادة الدولية.
فالتاريخ السعودي خالٍ تماماً من الارهاب أو من تحريض المجتمع لابنائه على العدوان حتى على الدول التي ناصبت السعودية العداء وكيف في أمريكا التي معظم مدخراتهم فيها وابناؤهم يبتعثون لها والمشاريعيون الأمريكيون موجودون فيها.
من هذه الحيثيات أعلاه نتوصل لحقيقة مفادها أن نظر الإعلام الأمريكي به غشاوة لم يستطع قراءة التاريخ الأمريكي الحديث، آخره أحداث 11 سبتمبر فما حصل من الغارة على نيويورك وواشنطن هو بعض افراز حرب الخليج رغم مشروعيته الدولية ورغبة المنطقة به ووقوفها مع أمريكا من أجله.
وكذلك محاولة تدخلها في الأنظمة المسلمة، وأمريكا لم تحسم المعركة في أفغانستان بل أقصى ما استطاعت هو قيام حكومة في أفغانستان التي ستطيل أمد الحرب حتى تتغير الأنظمة التي تدور في فلكها في كل القارة الهندية وعندها ستعض أمريكا أصابع الندم، وأمريكا مازالت جبهتها مفتوحة أخرى في القارة الهندية «أفغانستان» ونجاحها في أفغانستان مشكوك فيه.
ومع ذلك تصر على فتح جبهة في منطقة ملتهبة بذاتها ولا تحتاج إلى مزيد من الاشتعال وتأجيج الخطورة، ونتائج خطورتها لا تقتصر على المنطقة لوحدها.
* وأمريكا لن تستطيع تغيير خريطة منطقة الشرق الأوسط لصالح إسرائيل حسب استراتيجياتها النظرية. فقبلها حاول التتار والصليبيون ونابليون وغيرهم ورجعوا القهقري وبقي الإسلام وبقي العرب والتغيير تحدده مشيئة الله وليست مشيئة القوة المادية.
ومن مسلمات الاستراتيجيات العسكرية أن من يحارب على أرضه فرصة النجاح له أكثر بكثير ممن يغزو من أماكن بعيدة.
وفي الختام فإن الحملة الإعلامية المسعورة والظالمة على السعودية هي درس لكل دولة عربية أو إسلامية، ويجب أن تقولها الدول والشعوب لأمريكا وتواجهها بها لكيلا يخسر الأصدقاء فرص التعاون فيما بينهم.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved