هنالك سفراء مسلمون جادُّون في الدفاع عن دولهم الإسلامية، ومتابعون للحملات المتتابعة على الإسلام والمسلمين، وحريصون على جلاء الصورة وإيضاح الحقيقة، ليس لدينا شك في وجودهم، ونحن ندعو لهم ونبارك أعمالهم ولكن.. كم نسبة هؤلاء السفراء الجادِّين بالنسبة إلى سفارات الدول الإسلامية وقنصليَّاتها؟؟
ليس لدينا احصاء دقيق لهذه النسبة، ولكنَّ النظر إلى دور السفراء المسلمين في العالم يؤكد لنا أن النسبة الغالبة ترجح كفّة الجانب السَّلبي الذي لا يقدِّم لدينه وأمّته المسلمة إلا القليل.
إن الدول الإسلامية - إذا كانت حريصة على صيانة كرامتها أمام الأعداء - مطالبة بإعادة النظر في «نوع» السفراء الذين يمثّلونها في العالم، وفي الدور الذي يجب أن يقوم به كل سفير مسلم في هذه المرحلة، بل، وفي نوع الموظفين الذين يعملون في السفارة من حيث الوعي وسلامة الفكر، وصفاء الذهن، وسمو الأخلاق، والمحافظة على سَمْتِ المسلم الجادّ الذي يعرف كيف يتعامل مع الآخرين دون تفريطٍ في دينه وسَمْته والتزامه.
إنَّ صورة السفير المسلم الذي يحرص على تقليد الغرب في فكره وثقافته وشكله وسلوكه وممارساته الاجتماعية وأخلاقه، والذي يسعى إلى التأكيد للغرب على أنَّه بعيد عن صفات الالتزام الإسلامي حتى لا يوصف بالأصولية والإرهاب، إن صورة هذا السفير «المقلِّد - التابع للآخرين» لم تعد تنفعه ولا تنفع دولته، ولا تنفع الأمَّة أبداً، إنَّ العالم الغربي، وقادته في أوروبا وأمريكا يدركون - بلا شك - أن الإسلام دين له استقلاله، ومنهجه الذي لا يتغيَّر ولا يتبدَّل، ويدركون أن النماذج الغربية من أبناء المسلمين لا تقدّم ولا تؤخّر، ولا يمكن مهما انساقت وراء الغرب أن تزحزح المسلمين عن منهجهم الثابت، ودينهم الصحيح الذي ختم الله به الأديان، ولهذا فلم يعد مهماً - للغرب - أن يظهر المسلم بسَمْتٍ غربي أو عربي، بل، المهم لديهم الممارسة الصحيحة للحياة الغربية والسير في طريق الغرب دون تردُّد أو تراجُع، والمشاركة الفعلية في نشر «العولمة» الغربية دون اعتراض.
إنَّ الغرب لا يرضى الآن بما دون الاستسلام الكامل له، وإلاَّ فإنَّ تهمة «الارهاب» جاهزة ضدّ كل مسلمٍ مهما كانت درجة التزامه.
والدليل الواضح ما نراه الآن من موقف أمريكا من «ياسر عرفات»، فهي تنظر إليه الآن بمنظار واحد لا ترى من خلاله إلاَّ صورة الرَّجل الذي لم يعد صالحاً لإدارة دولته، لأنه لم يستطع تنفيذ ما تريد «الصهيونية» و«أمريكا» من إسكات الانتفاضة، والقضاء على قدراتها البشرية.
فلن يجدي مع «الغرب» أن يكون السفير المسلم غربيَّ المظهر والمخبر أم شرقيَّة وإنما يجدي معه «الانسياق» و«الطاعة العمياء»، وهنا يظهر لنا أنَّ المسايرة للغرب - منذ البداية - كانت خطأً حضارياً كبيراً.
إعادة النظر في أدوار السفارات المسلمة في العالم مسألة مهمة في وقت أصبحت الحرب فيه على الإسلام والمسلمين معلنةً لا مداراة فيها.
يجب أن يكون لدى السفارات المسلمة والسفراء المسلمين برامج قويَّة لبيان الحقِّ، ومقارنة الحجَّة بالحجَّة، والدِّفاع عن الإسلام على هدى وبصيرة، والعمل الواعي «الجادّ» على نشر مبادئ الإسلام الصالحة الخيِّرة للناس جميعاً كما يجب أن تكون السفارات المسلمة مثالاً واضحاً لقيم الإسلام وأخلاقه ومنهجه وسماحته وخيريته، بذلك تؤدي رسالتها الكبيرة في العالم.
إشارة:
لو أنَّ أمتنا أقامت دينها وتعلَّقت بكتابها لم تُغْلَبِ |
|