رغم أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قال مازحاً، مخاطباً اعضاء المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية «إذا كنتم تريدون أحد غيري ليتكم تختارون أحد غيري وتريحوني».
مزاح عرفات هذا يجد هوىً ورغبة ملحة في كلٍّ من تل أبيب وواشنطن، فليس سراً أن الرئيس جورج بوش وجميع وزرائه ومستشاريه يطالبون علناً بتنحي عرفات، بل يسعون في كل لقاءاتهم في زياراتهم للمنطقة العربية والدول الاوربية إلى إقناع العرب والاوربيون بالتخلي عن الرئيس الفلسطيني عرفات، وسربوا العديد من الخيارات لإزاحة«الختيار» عن زعامة الشعب الفلسطيني، مرة بمنحه تقاعداً مبكراً، ومنحه لقب الرئيس الفخري، ومرة أخرى اقترحوا تعيين رئيس وزراء للسلطة الفلسطينية وتجريد الرئيس ياسر عرفات من جميع السلطات وحصرها في يد رئيس الحكومة الفلسطينية. وتظهر بين الحين والآخر ترشيحات وتكهنات عن أسماء لشخصيات فلسطينية يمكن أن تخلف عرفات، وقد تركَّزت في الآونة الأخيرة على شخصيتين فلسطينيتين، هما محمود عباس«أبو مازن» أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي يعد الشخصية الثانية في هرم القيادة الفلسطينية، والشخص الثاني هو العقيد محمد دحلان مستشار الأمن القومي للرئيس الفلسطيني وقائد الأمن الوقائي في قطاع غزة، رغم ان هذين الاثنين قد كررا أكثر من مرة أنهما لا يمكن أن يفكرا في الحلول محل الرئيس «الرمز» ياسر عرفات طالما أن الرئيس باق ولا يطلب هو ذلك هكذا «يقدِّس» كل القيادات الثانوية الرئيس، فهو رمز لنضالهم، بل مثل دحلان يعتبر الرئيس عرفات معلمه وملهمه فكيف يحل بدلاً منه دون أن يتلقى أمراً منه...؟!!
والرئيس رغم مزحة«يوم الاثنين» فإنه متشبث بالرئاسة، ليس لأن الكرسي عزيز لدى كل الأنظمة العربية، بل أيضاً لأن تنحيه يعني استجابةً لأوامر أمريكية وإسرائيلية مجتمعة، وهذا لا يتوافق مع تاريخ الرجل النضالي ولا مع شخصية عرفات التي أهم سماتها التحدي والإصرار والمواجهة.
ثم إن الحالة التي عليها السلطة الفلسطينية ومحاولات الإلغاء التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية، والمرحلة الحالية التي تمر بها الثورة الفلسطينية لا تترك خياراً لعرفات حتى يودع الرئاسة وهو مطمئن على مصير الثورة الفلسطينية ومستقبل شعبه والأمل الذي يعمل من أجله وهو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.. وهي نفس الأسباب التي تجعل محمود عباس ومحمد دحلان وكل من جرى تداول أسمائهم لخلافة الرئيس «الختيار» أن يجازفوا ويقبلوا أن يحلوا محل القائد الرمز.
|