Tuesday 10th September,200210939العددالثلاثاء 3 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

3/6/1388ه 27/8/1968م العدد 209 3/6/1388ه 27/8/1968م العدد 209
المخطوطات والعناية بها
بقلم: عبدالرحمن ابراهيم الضحيان

هناك قاعدة عامة تقول: (اذا ضاعت الاصول ضاع التاريخ معها).
وقد علق على هذه القاعدة الدكتور أسد رستم احد أساتذة التاريخ في الجامعة اللبنانية بقوله: (هذه قاعدة عامة لا موضع للجدال فيها، وذلك ان التاريخ لا يقوم الا على الآثار التي خلفتها عقول السلف او ايديهم، فاذا سطت محن الدهر أو عوادي الزمن على بعض هذه الآثار وأزالت معالمها فقدها التاريخ. وكانت كأنها لم توجد وبفقدها يجهل تاريخ عصرها ورجالها. اما اذا بقيت وحفظت فقد حفظ التاريخ فيها..).
هذا ما جاء في الصفحة الاولى من مصطلح التاريخ للدكتور أسد رستم.
وهذه القاعدة صحيحة وصائبة لاجدال فيها.. فالمخطوطات اذاً هي أحد الآثار الهامة التي يخلفها السلف للخلف.. وسواء صورت هذه المخطوطات حياة أمة كاملة، أو حياة مجتمع، أو حياة فرد. فان لها أهمية بالغة ذلك لانها قد تكون اقرب مصدر لهذه الامة، أو المجتمع، أو الفرد، وبذلك تشبع الراغبون في الاطلاع، والدراسة عن هذا أو تلك..
وأمتنا العربية والإسلامية، في جميع فترات حضارتها، وخاصة المزدهرة منها ابان حضارة الدولة الاموية والعباسية، خلفت لنا الكثير، والكثير جدا من المخطوطات الفنية التي تصور حياتهم على مختلف مشاربهم..
فأين هذه الذخيرة الحية من الغذاء الفكري؟؟
الجواب وهو انها مفقودة.. وموجودة.. وغير موجودة..!!
فقد فقد الكثير بسبب السرقات.. أو بسبب الحرائق أو التهدم او.. وموجود بعضها في مكتباتنا العربية..
وغير موجود بعضها لدى العرب.. انما في المكتبات العالمية كالمتحف البريطاني الذي يضم نفائس المخطوطات الاسلامية والعربية..
نعم.. ان معظم المخطوطات ونفائسها هي الآن تزين المتاحف والمكتبات الاجنبية.. والتي نقلت اليها ابان رزوح أمتنا تحت ظلم الاستعمار وجبروته.
وليس تزين المكتبات فحسب، بل وتصقل عقول أبناء تلك الامم.
ونحن مع الاسف الشديد لا نستفيد منها. مع أننا احق بها لانها عصارة افكار اسلافنا الافاضل..
وقد اشتهرت المكتبات الاوروبية وغيرها بشديد العناية.. بمثل هذه المخطوطات.. فوضعت لها فهارس خاصة.. وبطاقات وتنظيم.. ومسؤولين عارفين فاهمين.. بحيث تصبح هذه المخطوطات والكتب في مأمن تام من الاشرار وسراق الكتب.. بعكسنا نحن اصحاب التراث..
فقد اطلعت على مقال للاستاذ عبدالله الماجد في الجزء العاشر من مجلة (العرب) الغراء لصاحبها الشيخ الكبير حمد الجاسر.. وكان بعنوان (المكتبات في جزيرة العرب)، وقد استطاع الاستاذ الماجد ان يتحدث عن بعض المناطق والجهات في الجزيرة العربية بشيء واف وبعضها لم يتمكن ان يثبت شيئا كثيراً عنها بالارقام.. بسبب انعدام المصادر.. كما ذكر في مقدمة بحثه علما ان البحث لم يكمل حتى اعداد هذه الكلمة
والذي لفت نظري هو ان ما ذكره حتى الآن بالرغم انه كما قلت لم ينه بحثه هو وجود ما يقارب عشرة آلاف مخطوط!!
ولاشك ان مثل هذه الرقم ضخم جدا.. ويجب العناية به والحفاظ عليه.. وقد اسفت كما يأسف كل غيور على تاريخ أمته ومصادرها المضمومة في هذه النوادر من المخطوطات ان تضيع وتبعثر دون ان يعرف من هو المتسبب..!!
ومثال على ذلك ما قرأته عند الكلام عن (المكتبة العامة بعنيزة) والتي تحوى (4000) كتاب، و(150) مخطوط.
فقد جاء في حاشية المجلة نفسها تعليق من صاحب العرب الشيخ حمد الجاسر يقول حرفيا: (انه زارها أي المكتبة صاحب العرب في شهر صفر عام 1388ه فلم يجد فيها كتابا مخطوطا)، فأين ذهبت المئة والخمسين مخطوطا ومن المسؤول عن فقدانها؟؟ بل ومن المسؤول عن فقدان جزء من تراث أسلافنا؟
ومثال آخر عندما تحدث عن (مكتبة عارف حكمت بك شيخ الاسلام في المدينة المنورة في زمن السلطان عبدالمجيد وأن المكتبة كانت تضم عام 1375ه (3000) مخطوط، وانها في عام 1384ه تضم (2000) مخطوط.
هذا عن مكتبتين فقط.. فقد منهما هذا العدد الضخم من المخطوطات فمن السبب وماذا يجب حيال هذا؟
أما جواب من هو السبب في ضياع مثل هذه المخطوطات، فنتركه للمسؤولين والمشرفين على هذه المكتبات، فهم أعرف وأدرى منا بزوارهم ورواد المكتبة!
أما ما يجب عمله حيال هذا فهو العمل.. والعمل باخلاص على حراسة.. وحفظ مثل هذا التراث العظيم الذي تعب وكد اجدادنا في سبيل جمعه وتسجيله لنا.
وكم نحن نلوم بل ونشتم أناس فترة من الزمن لانهم لم يحفظوا لنا، ولم يسجلوا شيئا نعرفه عن حياتهم وتاريخهم.
أما ونحن على هذه الحال من الاهمال وعدم الاكتراث بتراثنا فان الشتم واللوم ينصب علينا.. لاننا لم نحفظ ما حفظوه لنا، ولم نكن أمناء على ما بعهدتنا.
وهذا دون شك مسبة من مسبات التاريخ ضدنا. لانه: (اذا ضاعت الاصول ضاع التاريخ معها).

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved