Tuesday 10th September,200210939العددالثلاثاء 3 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

شدو شدو
في منطقية الواقع
د. فارس محمد الغزي

أما المنطق فيفرض بل يحتم القول إنه إذا كانت معدلات موتنا- بسبب سياراتنا- تتصاعد مع تطور تقنية السيارات، فذلك يعني أن وعينا يتناقص حسب ارتفاع مستويات هذه التقنية، والوعي الفردي ليس إلا«متحدثا رسميا» لانتفاء الوعي الثقافي العام، عليه فما تفعله أقدامنا«بدواسات بنزين!» مركباتنا لا يمكن العثور على أسبابه إلا في جوهر ثقافتنا، عليه فالأيدي- كما في الإنترنت تمثيلا- شأنها شأن الأقدام لن تكون أكثر رحمة بالإنترنت مما تفعله أقدامنا بسياراتنا، ومرة أخرى تتجلى الثقافة ليتجلى السؤال: أنى لثقافة لم تحقق للفرد معرفة أين وكيف يصع«قدمه» أن تمده بفضيلة التبصر والإفادة مما تطبعه«أصابعه»، فالثالوث المتمثل في انقطاع الوشائج بين الأيادي والأقدام والأفهام هو ثقافي المولد والنشأة، وإن يكن له من التأثير ما يصل إلى حد«إماتتنا» مروريا فمن ذا الذي يغمطه حق القدرة على إعاقة وعينا بذواتنا..؟!
***
أما الواقع فهو في الحقيقة يقول إن«الخطوط الحمراء» تتواجد في كل بيئات العالم الأكاديمية بغض النظر عن اختلاف تعاريفها وحسب ما تفرضه خصوصية كل ثقافة..«نعم!» فهناك محاذير ولوحات«وخطوط حمراء» في الغرب تلقي بمتجاوزها إلى التهلكة والطرد والإبعاد كما حدث- منذ أمد ليس بالبعيد- لطالبي الدكتوراه في فرنسا وكندا اللذين تم طي قيدهما بحجة أكاديمية تحت مسمى: «انعدام اللياقة الأكاديمية» التي ليست، في الحقيقة، سوى مجرد قناع لفظي لتهمة«معاداة السامية!» وذلك بدليل أن هذين الطالبين قد أقدما على التفنيد العلمي في أطروحتيهما لبعض المعلومات التاريخية المتعلقة بالمحرقة النازية المزعومة. بل ألا يكفي ما اتهم به العالم الفرنسي«جارودي» من جريمة«تزييف التاريخ» في أعقاب نشر كتابه المعنون:«الأساطير المؤسسة للدولة الصهيونية»؛ ومثله كذلك المؤرخ البريطاني«فليمنج» الذي خسر هو الآخر قضية«تزييف» أخرى في بريطانيا بسبب ماورد في كتابه المعنون«حرب هتلر» من معلومات«مغلوطة!!» حول المحرقة ذاتها الأمر الذي حدا به إلى بيع بيته لتغطية تكاليف محاكمته! الغريب - هنا - أن محاكمة العالم «فليمنج» هذا قد تبلورت في أعقاب أن رفعت عليه استاذة جامعة أمريكية «يهودية» قضية «تزييف التاريخ»! بل الأغرب من ذلك أن يحصل ما حصل لهذا المؤلف في الوقت الذي لا تدخر بريطانيا وسعاً- باسم الحرية طبعا! لحماية«سلمان رشدي» رغم التكاليف المادية الباهظة لهذه الحماية! بل إن الحديث يزداد شجونا وشجونا عندما نتذكر ما يحيط بعالم اللغويات الأمريكي الشهير: نعوم تشومسكي«باسم الحرية!» من تعتيم، فحسب«رأيهم» فهذا العالم الشهير قد تجاوز حدود المرسوم من الخطوط الحمراء وذلك حين واصل الاصرار على ارتكاب«جرم!» الدعوة إلى تبني مواقف أكثر عدالة تجاه قضايا شعوب العالم الثالث- من ضمنها القضايا العربية- ليدفع في النهاية ثمنا باهظا متمثلا بتجاهل وتحييد منقطعي النظير اعلاميا وأكاديميا، فمع أنه يعتبر من أشهر العلماء«على قيد الحياة» في عصرنا هذا فلطالما بث ألمه وحزنه ومعاناته الناجمة من تكرار رفض نشر مؤلفاته من قبل دور النشر الغربية..!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved