Tuesday 10th September,200210939العددالثلاثاء 3 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لما هو آت لما هو آت
هدوء الغد!!
د. خيرية السقاف

كثيرون يتوجَّسون خيفةً من مساء هذا اليوم العاشر من سبتمبر لأنَّه الليَّلة التي يطلُّ بعدها الحادي عشر منه، وهذا اليوم أيْ الغد هو ذكرى فاجعة التَّغيير الكبير الذي لحق بالعالم، بل بأوجه كلِّ حقائق الحياة بمن فيها، وعلى وجه التخصيص، وفي شيء من التحديد وجه السَّاسة الكبار الذين يُديرون العالم من خلف المنصَّات فوق الأراضي الخضراء في الهواء الطلق...، أو أمام الحشود الذين يجيئون إليهم يحملون أوراقهم، وأقلامهم، وأجهزتهم الَّلاقطة للصوت، وللصورة، لأنَّهم بذلك يعتقدون أنهم يحصَّلون على الحقائق، ولكن هذا اليوم كشف عن زيف الحقائق، وعن عدم مصداقية التعامل مع الفسحات الخضراء، والأوجه الطليقة، واللَّهجات المطعَّمة بالدَّعابات القولية، لأنَّ وراء كلِّ ذلك... تضيع مفاتيح الصدق، والحق، والعدل، وديمقراطية الحوار التي اتضح أنّها ليست سيدة ديمقراطية الفعل، بل واحدة تختفي وراء الأخرى في لعبة السّاسة المبجَّلين، وإلاَّ ما معنى هذا الارتباك العالمي بعد هزَّة البرجين، وسقوطهما...، فيما مئات، وألوف، وعشرات أولئك الذين سقطوا، وقُتِّلوا، وشُرّدت أسرهم، وانتُهكت حقوقهم، وظُلموا في الأرض ولا أحد عقد من أجلهم معاقد الشَّر، وطرَّز الوعيد وأقام التَّهديد، وأربك كافَّة المعاملات في علاقات البشر على مختلف ألوانهم، ومواطئهم، في سبيل رفاتهم، أو بقايا أجسادهم، فما بال ما بقي، أو لم يبق، من احساسهم ومشاعرهم وعقولهم...؟ والعالم ينقلب بعد هذا التأريخ لعام مضى رأساً على عقب، ولم يعد للعقول موقفٌ فوق منصَّات السَّادة المبجلين، وخلفها، وهم يُصرِّحون، ويقرِّرون، وكأنّ العالم دائرةٌ معدنية، أو حتى بلاستيكية، فوق كفِّ أحدهم، يلعب بها كأفضل من يلعب حتى من محركي أصابع الشَّطرنج فوق طاولة الأبيض والأسود في اللُّعبة العالمية التي تُشذِّب الاحساس، وتُقويِّ العقل، وتحكمُ الأعصاب، فيما لا تفعل ذلك لعبة هؤلاء بالدائرة البلاستيكية التي يكدِّسون فيها بشر العالم أمامهم، وكأنَّهم مجرد حبَّات رمل، أو قواقع حشرات، أو أيَّ شيء ليس له وزن ولا معنى...، ولا احساس... وهذا ما يؤكده توجُّس الجميع، في كلِّ مكان، من هذا المساء، وما سيسفر عنه الغد بعده، هذا إن كان هناك ما يؤكد «ذكاء» السّاسة لأنَّ غداً سوف يمر هادئاً كما لا يتوقع الجميع.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved