Tuesday 10th September,200210939العددالثلاثاء 3 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

آفاق معلوماتية آفاق معلوماتية
المعلومات ودورها في اتخاذ القرار
د. مساعد الطيار

لا يكاد الواحد منا ينفك عن المعلومة واحتياجها في معظم الاحيان، والإنسان منا متلبس بالمعلومة منذ قيامه من منامه وحتى رقاده، وتختلف المعلومات التي نتعاطها أو نحيلها إلى الآخرين من حيث الأهمية سواء في المعلومة نفسها أوما يتبعها من قرارات أو تصرفات، ما أريد أن أقوله هنا أن المعلومة في حياتنا اليومية من الأهمية بحيث أنها قد تشكل سلوكنا تجاه الأفراد والجماعات، ومن ثم اتخاذ القرار أو الموقف وفقا للمعلومات الواردة إلينا.
ولقد أشار القرآن الكريم في لفتة عجيبة عن المعلومة ودورها في اتخاذ القرار المعين أو التصرف المناسب، حيث قال جل ذكره:
{يّا أّيٍَهّا الّذٌينّ آمّنٍوا إن جّاءّكٍمً فّاسٌقِ بٌنّبّأُ فّّتّبّيَّنٍوا أّن تٍصٌيبٍوا قّوًمْا بٌجّهّالّةُ فّتٍصًبٌحٍوا عّلّى" مّا فّعّلًتٍمً نّادٌمٌينّ } حجرات الآية 6
فثمة معلومة في هذه الآية (وهي النبأ)، ومرسل للمعلومة (وهو الفاسق أو غيره)ومستقبل لها (وهم الذين آمنوا أو غيرهم)، وناتج عن وصول المعلومة ألا وهوالفعل أو اتخاذ القرار المتمثل في هذه الآية بقوله (تصيبوا قوما بجهالة)، وبين وصول المعلومة واتخاذ القرار يأتي دور معالجة المعلومة وتمحيصها والتأكد من مصدريتها ودرجة موثوقيتها (والتي جاءت بنص الآية: فتبينوا)، هذه المحاورالأربعة هي التي تشكل نظرية الاتصال الحديثة (رسالة، ومرسل، ومستقبل، وأثر)، ونحن في هذا المقام لسنا بصدد تأصيل شرعي لهذه القضية، ولكن أحببنا أن تكون هذه الآية الكريمة مدخلا للحديث عن المعلومة وأثرها في السلوك أو اتخاذ القرار، وفي تراثنا أيضا نجد أن علماء الأصول بنوا قاعدة مهمة فيما له صلة بالمعلومة وأثرها في الحكم أو القرار فقعدوا قاعدة مفادها «أن الحكم على شيء فرع عن تصوره»، فما لم يكن هناك معلومات متوافرة ومتصورة عن قضية ما، فإن الحكم بدوره قد يكون ضعيفا، هذا إن لم يكن فاشلا، ولا يمكن أن يتأتى تصور بدون معلومات.
ويجد الراصد لسلوك الإنسان أنه استجابة لدافع معين يحركه تجاه ذاك الفعل أو عكسه، وتزداد أهمية المعلومة كلما كان القرار المتخذ حيال هذه المعلومة ذا أثر أو تبعة خطيرة كأن يكون قرارا سياسيا مصيريا أو وضعا اقتصاديا خطيرا يتطلب قرارا مصيريا وغير ذلك، بل إن بعض القرارات المصيرية التي أودت أو قد تؤدي إلى كوارث هو بسب ضعف المعلومات التي بنيت عليها تلك القرارات، ونظرا لذلك نجد أن صناعة المعلومات في الدول المتقدمة تعد من الصناعات المهمةليس على الصعيد التجاري فحسب، ولكنها على الصعيد السياسي أيضا، حيث تولي هذه الدول المعلومات أهمية بالغة، فنجد الميزانيات الطائلة التي تذهب لمراكزالبحوث والدراسات والاستشارات التي تحظى بدعم السلطات العليا في تلك الدول، هذا الدعم المتواصل لمثل هذه المراكز ليس من باب المصادفة أو العبث. وإنمايعرف متخذوا القرار في تلك الدول أن تلك المراكز هي الآلية الصحيحة التي يتحركون من خلالها، وذلك نظرا لما تؤديه من خدمات جليلة في تقوية وتعزيز وتدعيم القرارات التي يتخذونها، وفي عصر الانفجار المعلوماتي، فالمعلومات في ازدياد مطرد وبحاجة ماسة للتبويب والتصنيف والتنظيم من أجل أن تكون مثمرة وفاعلة، هذا التبويب والتنظيم يجعل المعلومة طيعة وفي متناول اليد حينما يحتاج إليها من أجل توظيفها التوظيف الأمثل، واستثمارها الاستثمار الصحيح.
ولأجل ذلك تم بناء وإنشاء قواعد البيانات، وقواعد المعارف، وتطوير نظم تدعيم القرارات، وغيرهم من النظم الذكية والنظم الخبيرة لتحسن من أداء اتخاذ القرار، والوصول به إلى أعلى درجات الصواب والدقة، وحري بأصحاب القرار أن تراجع سياستهم فيما يتعلق بصناعة المعلومات في عالمنا العربي والإسلامي.
والله الموفق.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved