كان موضوع الحلقة السابقة عن تأثير انخفاض أسعار الأسهم على المتغيرات الاقتصادية الحقيقية وعلى الحالة الاقتصادية بشكل عام، وأن أثر هذا الانخفاض لا يقتصر فقط على المتعاملين بالأسهم بل يمتد إلى آخرين ليس لهم علاقة بأسواق الأسهم.
ومن المتغيرات سريعة التأثر بما يحدث في أسواق الأسهم توقعات الأفراد والمستثمرين المستقبلية بالنسبة للحالة الاقتصادية للمجتمع. فمن الطبيعي أن يؤدي انخفاض أسعار الأسهم واستمراره لفترة طويلة نسبياً من الزمن وتعزيز الاتجاه الهبوطي للأسعار عن طريق انخفاض أسعار أسهم شركات عملاقة في أنشطة اقتصادية متنوعة إلى إشاعة درجة من التشاؤم وعدم الاطمئنان لدى الأفراد والمستثمرين مما يؤثر سلباً على قراراتهم المستقبلية سواء تلك المتعلقة بالإنفاق الاستهلاكي أو الاستثمار وهو ما يؤثر بالتالي على معدلات النمو الاقتصادي ومعدلات البطالة ومستويات الأجور وعلى غيرها من المتغيرات الاقتصادية.
وربما تتسبب الرؤية التشاؤمية للوضع الاقتصادي في دولة ما في تناقص الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى هذه الدولة، وربما يتطور الأمر إلى انسحاب الاستثمارات الأجنبية المتواجدة فيها، الأمر الذي يتسبب في اهتزاز صورة الاقتصاد عالمياً وفي تأثر سعر صرف العملة المحلية.
مشكلة الاقتصاد العالمي والأمريكي على وجه الخصوص في الوقت الراهن ليست في الأساس اقتصادية، بل تكمن في اهتزاز الثقة في اقتصاد كان ينظر إليه على أنه أكثر اقتصاديات العالم أماناً واستقراراً وأنه خال من المخاطر غير المتوقعة تقريباً. هذا في جانب، وفي جانب آخر فإن الاقتصاد الأمريكي في كثير من تعاملاته قائم على الثقة والتي تأثرت كثيراً بقضايا الفساد المالي التي طالت عدداً من الشركات العملاقة، فلما اهتزت الثقة كان لا بد من تأثر أسواق الأسهم والتي جرت خلفها العديد من الآثار السلبية على العديد من المتغيرات الاقتصادية التي يدعم بعضها بعضاً ويعززه.
(*)قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
| 
