Tuesday 10th September,200210939العددالثلاثاء 3 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

أمريكا تدخل آسيا الوسطى تحت راية 11 سبتمبر أمريكا تدخل آسيا الوسطى تحت راية 11 سبتمبر

  خلال عقد التسعينيات عندما تراجع الاهتمام الأمريكي والدولي بأفغانستان سيطر زعماء الحرب على البلد وأنهكوها لذلك رحب الأفغان بحكم حركة طالبان.
ولكن عودة الولايات المتحدة حاليا إلى هذه المنطقة بالقوة وتغيير نظام الحكم في أفغانستان وتجديد التحالف مع باكستان وتأمين موطئ قدم لأمريكا لأول مرة في أوزباكستان وكازاخستان. كل هذه الأمور يمكن أن تجعل من هجمات الحادي عشرمن سبتمبر نقطة البداية لإعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة الهشة في قلب العالم.وهذا لن يحدث إلا إذا استمر الاهتمام الأمريكي بهذه المنطقة من العالم. فالحذرمطلوب تماما عند التعامل معها. ولكن المؤشرات عن الموقف الأمريكي متضاربة، فالرئيس بوش تعهد بعدم التخلي عن الشعب الأفغاني والجنرال تومي فرانكس قائد القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن العمليات في أفغانستان يقول ان القوات الأمريكية هناك ستبقى لفترة طويلة.
وحتى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي لا يقتنع بفكرة المساعدة في بناء الدول بعد الحرب قال إن القوات الأمريكية ستتحول من عمليات تطهير الكهوف إلى أداء مهام ذات طابع مدني. وكانت الأنباء قد ترددت الأسبوع الماضي عن موافقة وزارة الدفاع الأمريكية على توسيع نطاق عمل قوة حفظ السلام الدولية في أفغانستان إلى خارج العاصمة كابول كما هو الوضع حاليا. ولكن حجم المساعدات الأمريكية والدولية للحكومة الأفغانية لا يساند هذه التصريحات. فمن بين مساعدات مالية تصل إلى 5 ،4 مليارات دولار تعهدت أمريكا والدول الحليفة بتقديمها لم يصل إلى افغانستان إلا القليل رغم أن أمريكا دفعت 350 مليون دولار وتضغط على الآخرين لدفع المزيد من الأموال. كما أن محاولات دمج الفصائل المسلحة في جيش وطني لم تنجح بعد.
ويرى ريتشارد هولبروك مندوب أمريكا السابق في الأمم المتحدة انه على أمريكا أن تبذل المزيد من الجهود من أجل تحقيق الاستقرار لأفغانستان. ولكنه في نفس الوقت يرى أنه لا يجب التقليل من قيمة الجهود التي تمت ومهدت الطريق لإعادة بناء أفغانستان وتشكيل حكومة يتزعمها حميد قرضاي الذي ينتمي إلى طائفة الباشتون. ولكن الحكومة تخضع لسيطرة واسعة من جانب الطاجيك الذين كانوا يشكلون التحالف الشمالي الموالي لأمريكا في الحرب ضد طالبان. ولكن قرضاي يحاول الآن تعيين المزيد من غير الطاجيك في الحكومة. كما أن أعداد الباشتون في الحكومة والحياة السياسية تتزايد. فقد عاد الملك السابق محمد ظاهر شاه إلى العاصمة وإن لم يعد إلى عرشه ولا حتى كرئيس شرفي. كما أن الحكومة الأفغانية الحالية لديها على الأقل حتى الآن وعود بمساعدات دولية كبيرة.
ورغم أن أفغانستان ما زالت بعيدة عن الأمن فإنها أيضا لا تعاني من نفس الحروب التي فرضها زعماء الحرب خلال التسعينيات. وهذا هو ما أغرى ملايين اللاجئين بالعودة إلى البلاد وهذا ما يتيح لعمال الإغاثة مواصلة عملهم رغم وجود بعض المشكلات في عدة مناطق وبخاصة في الشمال حيث أوقفت بعض منظمات الإغاثة نشاطها.
وقد ساعد اهتمام قوات التحالف على مطاردة مقاتلي القاعدة وطالبان على تهدئة الأمور. وبالطبع قد تكون الأمور أفضل إذا تم نشر هذه القوات على طول البلاد بدلا من تركيزها على الحدود الباكستانية. كما أن الأمور ستكون أفضل بالنسبة لأمريكا إذا أوقفت التعاون مع زعماء الحرب في مواصلة الحرب ضد الإرهاب رغم أن البعض يقول إن هذه الاستراتيجية يمكن أن تساعد في تحقيق الاستقرار لأفغانستان ولكن من الباب الخلفي.
ومهما يكن فإن أمريكا أصبحت الآن لاعبا رئيسيا في آسيا الوسطى وسوف يزداد دورها بمرور الوقت. والحقيقة أنه لا روسيا ولا الصين أبدت معارضة جادة لهذا الدور وهو ما يعني أنهم لا يرفضون تدخل القوة العظمى في هذه المنطقة رغم أنهم لن يرحبوا ببقائها. وحتى إيران أو على الأقل الجناح المعتدل فيها لم يبد هذه المعارضة. ورغم أن أمريكا لم تتمكن من اعتقال ابن لادن ولا زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر فإن الهدف الرئيسي لأمريكا قد تحقق حيث تم ابعاد كلا الرجلين عن معقلهما وحتى إذا كانا على قيد الحياة فإن قدرتهما على شن عمليات جديدة قد تقلصت. وهذه أنباء جيدة ليس فقط لأفغانستان وأمريكا ولكن أيضا لباكستان وباقي آسيا الوسطى كلها.
وإذا كنا نحذِّر من تكرار إهمال المنطقة مرة أخرى ونطالب أمريكا بالبقاء في المنطقة والاهتمام بها فإننا أيضا نحذِّر من خطورة استمرار أمريكا في المنطقة كقوة مفردة لأن ذلك ينطوي على مخاطر كبيرة. وقد تجلت هذه المخاطر في باكستان.
فمنذ أن سمح الرئيس الباكستاني برويز مشرف للولايات المتحدة الأمريكية باستخدام أراضي باكستان في الحرب ضد طالبان تصاعدت المخاوف من انقلاب الحركات الإسلامية المتشددة في باكستان ضده والاطاحة بحكومته.
إن فكرة احتمال سقوط الترسانة النووية الباكستانية وصواريخها بعيدة المدى في أيدى المتشددين قائمة. أليس كذلك؟ بالتاكيد الخطر موجود. فالمعروف أن هناك المئات من مقاتلي القاعدة وطالبان فروا من أفغانستان إلى باكستان، حيث اختبئوا في منطقة القبائل التي لا تخضع لسيطرة الحكومة المركزية. وبالنسبة للجنرال مشرف فإن الجائزة التي تلقاها من أمريكا نظير التحالف معها هو مليارات الدولارات من المساعدات والقروض التي وافق صندوق النقد الدولي على منحها لبلاده ورفع العقوبات عنها وغير ذلك الكثير. و تحوله إلى بطل في واشنطن. ولكن كل هذا لن يحميه من أعدائه. وهؤلاء الأعداء قلة من حيث العدد ولكن احتمال اغتياله أو الانقلاب عليه من خلال ضباط الجيش الموالين للجماعات الإسلامية يظل قائما.
وقد كان الرأي العام في باكستان يؤيِّد التحالف مع أمريكا ولكن الرئيس مشرف فقد هذا الرأي العام من خلال تعديلاته الأخيرة، حيث تحالف الجميع ضده سواء الإسلاميين المعتدلين منهم او المتشددين أو الاحزاب العلمانية وبخاصة تلك التي كان يقودها الخصوم السابقون والحلفاء الحاليون بناظير بوتو ونواز شريف.
وكلما ابتعد الجنرال مشرف عن الديموقراطية كان موقفه أكثر ضعفا. ويمكن أن نشير هنا إلى إسلام كريموف رئيس جمهورية أوزباكستان الذي قدم قواعد جوية لأمريكا في بلاده ثم انقلب على حقوق الإنسان فكانت المحصلة النهائية تراجع قوته داخل البلاد وخارجها. ففي هذه الدولة كما حدث في قيرغيزستان التي فعلت نفس الشيء تزايد الدعم للأحزاب المعارضة ليس فقط الأحزاب العلمانية ولكن أيضا للأحزاب الدينية مثل حزب التحرير الإسلامي الذي يهاجم الوجود الأمريكي في قيرغيزستان. وفي أوزباكستان على وجه التحديد تم سجن آلاف الإسلاميين المعتدلين وهو الأسلوب الأمثل لتحويلهم إلى معسكر التشدد بل تحويل أصدقائهم وأسرهم أيضا إلى نفس المعسكر.
وفي قيرغيزستان تم اعتقال أحد زعماء المعارضة ومات زعيم آخر بسبب الإضراب عن الطعام ولم تقم الحكومة بالتحقيق في مقتل ستة أفراد عزّل في إحدى المظاهرات على يد قوات الشرطة في مارس الماضي.
بالطبع فإن قادة هذه الدول يعتمدون على الدعم الأمريكي لهم بسبب المزايا التي تحصل أمريكا عليها من وجودها في هذه الدول. ولكن على أمريكا أن تدرك أن عدم الضغط على زعماء هذه الدول لتحسين سلوكهم فيما يتعلق بحقوق الإنسان والديموقراطية سوف يؤدي إلى مخاطر كبيرة في هذه المنطقة. وإذا تخلت أمريكا عن هذه المنطقة فإن العواقب ستكون وخيمة.

مجلة الإيكونومست

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved