Tuesday 10th September,200210939العددالثلاثاء 3 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

عام على مرور الحدث الذي غيَّر خارطة العالم عام على مرور الحدث الذي غيَّر خارطة العالم
تأييد مطلق للسياسة العدوانية الإسرائيلية
كيف غيَّرت أحداث سبتمبر السياسة الأمريكية في الداخل والخارج؟

  كان 11 سبتمبر نقطة تحول ليس فقط بسبب كونه جريمة منكرة. ولكن أيضا بسبب طبيعة الهجمات. قتل خمسون ألف أمريكي خلال عقد واحد من الحرب في فيتنام. كانوا محاربين. قتلوا في ميادين القتال. قتل ما يزيد على 3000 شخص ذات صباح في نيويورك. واشنطن وبنسلفانيا. كانوا في رحلتهم اليومية للبحث عن العيش حتى جاءهم الموت من سماء زرقاء صافية. لم يعد الأمريكيون بأمان في وطنهم وهو أمر لم يكن كذلك في حرب فيتنام أو الحرب الكورية أو الحرب العالمية الثانية.
تقول إحدى الأساطير التي ظهرت مع اكتشاف أمريكا إنها مكان منعزل. قارة تحميها البحار العالية. ومن تحذير توماس جيفرسون للجمهورية الوليدة من «الحلفاءالمربكين»، إلى دعوات رونالد ريغان لمواطنيه من أجل بناء نموذج ل«مدينة فوق جبل» ظل الأمريكيون ينظرون إلى بلدهم كمكان آمن بعيد. جعل هذا الاعتقاد الأمريكيين مختلفين بشكل عميق عن الاوروبيين - باستثناء البريطانيين - الذين يعيشون مع ماض قريب من الجنود الغزاة داخل حدود بلادهم. لم يهاجم أمريكا غزاة منذ عام 1812. يصف وولتر روسيل ميد من معهد العلاقات الخارجية النتيجة بكونها «اسطورة العزلة الفاضلة». ولوقت طويل كان هذا ما جعل أمريكا مختلفة. قبل عام مضى. اهتزت الاسطورة. وبعد تجريدهم من غطاء البعد والحرمة المنيعة. وجد الأمريكيون أنفسهم في حرب في أفغانستان. وربما على وشك توسيع الصراع إلى العراق. وهم شرعوا. ولو بشكل متواضع. في مواجهة بعض خصائص بلد يعد نفسه لحرب في الداخل: تشديد الأمن. على حساب الحريات المدنية في بعض الأحيان. وإقامة مصلحة حكومية جديدة للدفاع عن الجبهة الداخلية. وبتعريض الأمريكيين لتجربة عايشها الآخرون قبلا. جعلت الهجمات الأمريكيين مثلهم ومثل بقية العالم.
في ذات الوقت. اختبر الأمريكيون وعززوا، بطرق ما احساس الأمة بنفسها كمكان منعزل، لوقت طويل ظل الأمريكيون متفردين بين الأنظمة الديمقراطية بنزعتهم الدينية. بعد 11 سبتمبر قال 78% باعتقادهم أن أثر الدين في الحياة العامة محل تنام، تراجعت بحدة قياسات روح التفاؤل منذ ذلك الوقت، ما يشير إلى أن جانبا من فورة ما بعد سبتمبر كان رد فعل مؤقت لأمة انتهكت حرمتها. مع ذلك. ما تزال بعض الآثار باقية: هذا العام. على سبيل المثال. حقق الجيش أهدافه التجنيدية في زمن قياسي. ما يشير إلى أن التزامات المواطنين جرى الوفاء بها بحماس أكبر. يزيد أهمية. أن قوة رد الفعل قد أعادت لأذهان الأمريكيين بعض الفضائل التي عفا عليها الزمن: حب الوطن. احترام الدين. والتماسك الاجتماعي. بالتالي لم يأت التأكيد الوطني بأي جديد. إنه قوى فقط العقليات القديمة والإيمان المتوطن في الأعماق، بذلك الفهم، فإن وجهة النظر الأمريكية فيما يتعلق بالذات كانت معتدلة، وربما يثبت مع مرور الوقت أن الأثر على وجهة النظرالأمريكية تجاه العالم كان أكثر عمقا.
تبدد الزبد
ولأن 11 سبتمبر أعاد تأكيد الاتجاهات والمواقف القديمة أكثر من خلقه مواقف جديدة، فإن الحياة السياسية لم يصبها بالمقارنة سوى القليل من التغيير، في الأسابيع التالية للهجمات، كان هنالك بعض الأمل في أن تكون المشايعة الحزبية محدودة، وأن يتم استرجاع الثقة في الحكومة، وأن يحتل الأمن الوطني مكانة متقدمة في المناظرات السياسية، بل وأيضا أن يتم إصلاح ما يسمى ب «أمة ال 50 : 50» - التقسيم الانتخابي الذي كشفت عنه انتخابات عام 2000، لم يحدث أي شىء من هذا.الانتخابات النصفية على بعد شهرين، وتعتبر الموضوعات الرئيسية في ذهن الرأي العام: الاقتصاد، الفساد داخل المؤسسات الكبرى والرعاية الصحية، ويواجه الحزبان مرة أخرى طريقا مسدودا، بعد الهجمات، ارتفعت قليلا ثقة الرأي العام في مؤسسات الحكومة: ارتفعت الثقة في الرئاسة، الكونغرس والخدمات العامة نفسها، جميعا، لمستويات لم يشاهد مثلها إلا في الستينيات، مع ذلك، وباستثناء جزئي يتمثل في شعبية الرئيس، تراجعت تلك القياسات إلى صورتها الطبيعية، تسترد أمريكا بالكاد عافيتها من الركود الاقتصادي، لكن علاقة هذا الأمر ب11 سبتمبر محدودة، بدأ الانهيار قبل ذلك اليوم بكثير، وبدأ استرداد العافية الاقتصادية بعده مباشرة. إن ضعف الاقتصاد الذي حدث بداية هذا العام يتصل ب«كين ليى»، أرثر اندرسون وورلدكوم أكثر مما يتصل بأسامة بن لادن أو القاعدة. كان الأثر الاقتصادي المباشر ل11 سبتمبر قليلا للغاية. على الرغم من أن الأثر غير المباشر لا سيما التفاخر في الإنفاق الحكومي الناتج عنه قد يؤثر على الاقتصاد لبعض الوقت، بالتالي ليس الأمر بالضبط كما لو أن هجمات 11 سبتمبر لم تحدث إطلاقا، بالأحرى، كان الأمر بمثابة وميض برق أضاء بشدة وبصورة خاطفة المشهد دون إحداث تغيير فيه، مرت العاصفة، دعا الرئيس بوش الأمريكيين للعودة إلى التسوق والسفر جوا، وليس إلى تقديم تضحيات من أجل الحرب، لكن إذا كان الأمر كذلك داخليا، فإن الأمور على المستوى الدولي كانت مختلفة للغاية.
الساحة الدولية
بالنسبة لإدارة بوش، ساقت الهجمات لعهد جديد من العلاقات الدولية. قالت كونداليزارايس، مستشارة الأمن القومي، «حقيقة أعتقد أن هذه الفترة تشابه الفترة 1945 1947، في أن الأحداث قد بدأت في تغير تكتوني (يتعلق بطبقات أديم الأرض) في العلاقات الدولية» انطوى حديثها على قدر من المبالغة، لقد بدأ بعض التغير قبل وقت طويل مضى، لكن، بشكل عام، كانت مصيبة في قولها، وجدت أمريكا نفسها راغبة في إعادة تنظيم العالم عالم أثبت، في بعض الحالات، بما يدعو للدهشة تقبلا لذلك الهدف.
مرة في العمر
ما كان رد فعل أحدهم أسرع، أو أكثر حسما في الترويج لتغيير السياسة، من رد فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لقد قبل إلغاء معاهدة عام 1972 الخاصة بالصواريخ الباليستية، نشر قوات أمريكية في الجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى وجورجيا، وإمكانية إجراء توسيع كبير لحلف الناتو.
في المقابل، كان القليل من الدول أكثر انفعالا تجاه الأوضاع الجديدة. أوأكثر ترددا حول تغييرات السياسة، من أعضاء الاتحاد الاوروبي، عندما وصف السيد بوش الحرب ضد الارهاب بكونها «محل تركيز ادارتي»، فهو قد أوضح ما كان جليا منذ نهاية الحرب الباردة: اوروبا لم تعد خط الدفاع الأمامي للصراع الاستراتيجي الذي يتأجج ضد الإدارة الأمريكية، لا يعني ذلك أنه كان من غيرالمناسب، منذ 11 سبتمبر، أن تتعمق بصورة كبيرة المشاركة في المعلومات الاستخباراتية، غير أنه يعني أن الشراكة عبر الأطلسي لم تعد تمثل مركز رؤية أمريكا للعالم.
بدراستها لهذا المشهد المائع، قالت رايس إنه يوفر فرصة العمر التي لا تتكرر.
وأضافت «من المهم محاولة انتهاز ذلك وإيجاد موضع لمصالح أمريكا ومؤسساتها قبل أن تزول حالة الميوعة ويصبح المشهد صلبا من جديد» منتهزة هذه الفرصة. عادت الإدارة، مثلها كالرأي العام لحد ما، لاسلوب الأحادية اقبلوا هذا أواتركوه الذي يتم التعبير عنه بارتباك داخل صفوفها. في هذا الصدد، على الأقل، كان هنالك نوع من الاستمرارية حتى في السياسة الخارجية، عقب 11 سبتمبر مباشرة، زعم جون غاري، وهو مؤرخ بريطاني، أن «عصر العولمة قد ولى» بعد شهرين على ذلك، بدأ أعضاء منظمة التجارة العالمية، المجتمعين في الدوحة، جولة جديدة من تحرير التجارة، وهم فعلوا ذلك، إلى حد ما، كردفعل ل11 سبتمبر.
قال بوب زوليك، ممثل التجارة الأمريكية، إن تجارة أكثرحرية تمثل جانبا من الحرب ضد الارهاب، رغم المشكلات المالية في أمريكا اللاتينية وتبني الإدارة بدوافع سياسية حماية الصلب والزراعة، فان 11 سبتمبر لم يبطىء من تسارع الخطى نحو العولمة، بصورة عامة، لم تكن هنالك مؤشرات لتراجع الإدارة نحو اسلوب الثلاثينيات الانعزالي.
في الشهور التالية لـ11 سبتمبر، اقترح السيد بوش زيادة مساعدات التنمية بنسبة 50%، وهو بعث بقوات إلى دول بعيدة مثل كولومبيا، والباكستان والفلبين.
وكما تقول جيسيكا ماثيوس، رئيسة صندوق كارينجي للسلام العالمي، «كان الأثرالأكثر إثارة في هذا العام هو التمدد الهائل في الارتباطات الخارجية لأمريكا. «غير أن هذا لا يعني أن الإدارة تقوم بتهدئة نبضها الأحادي السابق، في الواقع، عزز ذلك الارتفاع المفاجىء في الروح الوطنية احساس الإدارة بالتفوق الأمريكي، تشكيلا لردود فعلها وتوضيحا لماذا فعلت ما فعلته، وهذا هو السر في أن إعادة التأكيد على الاستثنائية الأمريكية قد كلفت السياسة الخارجية تبعات كبيرة، لنأخذ تفجر الوطنية أولا، كان هذا تذكرة على أن الأمريكيين، أكثر من الاوروبيين، ينظرون للأمة كمستودع أساسي ونهائي للسيادة والقانون، إنهم قد يجادلون حول مدى السلطات الفيدرالية. غير أن الأمريكيين يظلون مجردين من العاطفة تجاه المفهوم الاوروبي للقانون الدولي أو السيادة المجتمعة، حقا، يمنع دستورهم نقل السلطات السيادية للكونغرس، إن النظام الخاص بأمريكا هو الأفضل.
في مواجهة خلفية من الوطنية المتجددة، لم يكن مثيرا للدهشة أن تقوم ادارة تميل بأية حال نحو الأحادية بالتحرك خطوات قليلة في اتجاه مشاركة جماعية، لقد حاربت بضراوة ضد تأسيس المحكمة الجنائية الدولية، وعارضت نصوصا جديدة مقترحة لتنفيذ المعاهدة الخاصة بالأسلحة البيولوجية، ورفضت للمرة الثانية إرسال معاهدة الحظر الشامل للتجارب إلى مجلس الشيوخ للمصادقة، وهي زادت بذلك الإمكانية النظرية لتصميم واختبار جيل جديد من القنابل النووية، وضع هذا حدا لآمال عريضة في احتمال قيام أمريكا بعمل تحالف عالمي ضد الارهاب.والذي كان الرئيس نفسه قد دعا إليه عندما أخبر طلاب الكلية الحربية في سيتاديل، وهي مدرسة عسكرية في كارولاينا الجنوبية، ان «تهديدا جديدا للحضارة يمحو سطورا من التنافس والاستياء بين الأمم» في الواقع، لم تقم الإدارة بمحاولات تذكر حتى تجعل ذلك موضع التنفيذ، وبزيادته للمخاطر، فإن 11 سبتمبر ربما يكون قد جعل من الإدارة أكثر، وليس أقل، إصرارا على السعي وراء مصالحها الوطنية بطريقتها الخاصة.
الشر وأشكاله المختلفة
يفسر المظهر الثاني للاستثنائية الأمريكية نزعتها الدينية بعضا من التباسات السياسة الراهنة، لوقت طويل ظلت لدى السياسة الخارجية الأمريكية عناصر أخلاقية قوية، لا يعتبر الأعداء مجرد تهديد للأمن الوطني، إنهم يمثلون الشر، ابتدع السيد بوش محوره من هذا الشر، وكان للعبارة مغزى أكثر لدى الأمريكيين من أي عبارة أخرى، ليس هنالك شىء يعادل الصديق المناسب. قال السيد بوش «هنالك أحد أمرين إما معنا أو ضدنا، «كانت النتيجة الحتمية الارتباك في التعامل مع دول لا تجد مكانا يناسبها في أي من الفئتين، كان هنالك ارتباك داخل الإدارة بسبب، على الأقل في وزارة الخارجية، أن متطلبات السياسة والدبلوماسية الحقيقية تعارضت مع دوافع الأخلاق.
كما كانت هنالك أيضا درجة كبيرة من الريبة في التعامل مع إسرائيل وفلسطين بسبب، إضافة إلى الصعوبات الجوهرية للصراع، أن الإدارة قد وقعت الآن تحت تأثير الأصوات العالية لاولئك الذين يستحثونها للتحول من وسيط نزيه في المنطقة لمؤيد مطلق لإسرائيل.
وأخيرا، أظهرت هجمات 11 سبتمبر إلى السطح خصلة أمريكية جرى نسيانها مؤخرا.
وبشكل مختلف عن أي ديمقراطية أخرى، باستثناء محتمل لبريطانيا، تتوفر لأمريكا مجموعة ضغط قوية تناصر الحرب، يميل الأمريكيون للاعتقاد أن الحروب تسوي الأمور، وهم يميلون لتأييد الإنفاق العسكري الضخم وأن يروا نشر أكثر الأسلحة هولاً.
يعتبر هذا نقيضا لما ساد الاعتقاد به على مستوى العالم. بعد الانسحاب المخزي من الصومال. والرفض الأولي لوضع قوات داخل البلقان.

المصدر: مجلة الايكونوميست

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved