Sunday 8th September,200210937العددالأحد 1 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

إقالة المصيبيح إقالة المصيبيح
خالد الدلاك

إقالة مدير الكرة الهلالية «الكابتن» فهد المصيبيح من منصبه جاءت لتكشف لنا بشكل فاضح الطرق الإدارية التي تدار بها الأندية والتي قد تساهم في استمرار الفاشل وتعثر الناجح.. فالنجاح والفشل داخل الأندية لا يحكمهما التميز والتمكن بقدر ما يحكمهما ويحدد مداهما العلاقة مع المسؤول الأول والأخير بالنادي.. وأعني بذلك الرئيس - بمعنى: لو استمر سمو الأمير سعود بن تركي رئيساً للهلال لما استطاع أحد «زحزحة» المصيبيح من مكانه لثقة سموه فيه وإدراكه لمدى الجهد الذي يبذله لخدمة الفريق.
والأمثلة على ذلك في الأندية الأخرى كثيرة فبعد تخلي سمو الأمير محمد العبدالله عن الأهلي تبعه بأيام أحمد حكيم.. ولو رحل سمو الأمير خالد بن سعد عن نادي الشباب لما بقي سلطان خميس.. وعاد عبدالعزيز الدوسري للاتفاق وعاد معه هلال الطويرقي.. وهذا يعكس في الواقع خصوصية في العلاقات وارتياحا نفسيا يولد الثقة والعمل في أجواء مريحة تشجع على العطاء والنجاح.
* والمصيبيح «أُسقط» كون الهلال في هذه المرحلة يدار بطريقة «كل من أيدو إلو» أو على طريقة حسني البرزان «إذا أردنا أن نعرف ما يجري بالهلال فلا بد أن نعرف ما يجري في باريس وإذا عرفنا ما يجري في باريس عرفنا ما يجري في الهلال!».
هذا مع الاحترام والتقدير للإداري المحنك ابن النادي المخلص فواز المسعد.. فهو في كل الأحوال رئيس مكلف لا بد أن يستجيب في النهاية للضغوط الشرفية والإعلامية ويقرر ما قد لا يتفق مع قناعاته ومعرفته بالدور الكبير الذي يقوم به «المصيبيح» في «لملمة» الفريق ومطاردة المتخلفين والمتخاذلين والمبتعدين من اللاعبين أصحاب الاجازات الطويلة بالانذار والخصم تارة والتهديد والوعيد تارة أخرى!
* ووسط هذا الكفاح والجهد والسعي للبحث عن التميز وتطبيق النموذج الأمثل في الثواب والعقاب «غرق» المصيبيح في بحر النتائج المتواضعة في مسابقة كأس الأمير فيصل بن فهد تحت «23» سنة.. وهي نتائج لم تسعفه لاقناع الهلاليين بجدوى سياسته الصارمة.. التي ما كان يحتاج إلى تطبيقها لو أن اللاعبين المحترفين التزموا بنظام الاحتراف الذي لا يربطهم به مع الأسف إلا الراتب الخيالي الذي يستلمونه بعد كل أربعة أشهر أو أكثر.. وساعد على «إسقاطه» فقدانه للعضد والسند الذي كان «يبصم على العشرة» على كل ما يقرره المصيبيح ويقترحه ليس ضعفاً أو تبعية وإنما عن قناعة تامة ودراية كاملة بأحوال الفريق.. سببها في المقام الأول قدرة الكابتن الخلوق فهد المصيبيح على ايصال المعلومة بأسلوب صادق نابع من المصلحة العامة والحرص على تعديل أحوال الفريق إذا مالت.
* وثمة أمر آخر أسقط «المصيبيح» وجعل نهايته بهذا الشكل الدرامي غير اللائق بتاريخ حافل بالعطاء المخلص والجهد الوفير.. وهو صمته وغموضه فهو نادرا ما يتحدث لوسائل الإعلام ونادراً ما يوضح الحقيقة كاملة لمن يسأله حتى لو كان أقرب الأقربين للنادي.. كان يطلق للسانه العنان ويفتح قلبه فقط للرئيس لحرصه الشديد على أن تبقى مشاكل اللاعبين في نطاق ضيق ولا يعلم بها إلا القلة.. فالمهم لديه تعديل وإصلاح الأحوال بعيداً عن الفضيحة ونشر غسيل النادي أمام الملأ وحتى لو حدث وان رد إعلامياً كما حصل في الآونة الأخيرة عندما بلغ السيل الزبى فإنه يتحدث بعموميات ورموز تعكس بكل تأكيد معاناة وتجسد أوضاعاً سلبية موجودة لا يجب الكشف عنها قاصداً بذلك الخروج بأقل الخسائر وطالباً الستر حتى وهو يصحح مفاهيم خاطئة نال بسببها الانتقادات والاتهامات..!
** كما أن هناك أمر مهم ساهم في التأثير سلبياً على عمله وأضر به أكثر مما نفعه وهو منحه كافة الصلاحيات وإصداره ما يشاء من القرارات دون مناقشته ومراجعته والاستيضاح منه.. وهو في النهاية بشر فليس من المعقول أن تكون كل قرارته صحيحة وكل خطواته سليمة.. ولو حدث أن أتيحت فرصة محاسبته ومناقشته ومكاشفته والاجتماع به من قبل أعضاء مجلس الإدارة ورفض بعض قراراته الخاطئة لأمكن أن ينجح أكثر مما نجح ولما تجرأ أحد على المطالبة بإقالته.
** وعموماً وبعيداً عن كل ملابسات الموضوع وجوهره.. فالرجل وشهادة حق تقال فيه من أنزه وأخلص من عرفهم الوسط الرياضي.. حيث كان «مصباحاً» يضيء للهلاليين دروب النصر عندما كان لاعباً ومن ثم خدم النادي إدارياً لفترة سنوات طويلة وحقق العديد من الانجازات التي تذكر فيشكر عليها.. ولم يختلف معه إلا المتمردون على النظام والمتخاذلون عن أداء الواجب.. أما اللاعبون الملتزمون والمنضبطون فلم يختلفوا يوماً معه وأسفوا لرحيله بهذه الطريقة التي لم يشفع له فيها تاريخه الطويل المليء بالانجازات والانتصارات والأمجاد.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved