إذا كان المنطق يقول إنَّ الإنسان يأكل ليعيش..، فإنَّ الذي يأكله لا بدَّ أن تتوفَّر فيه عناصر الفائدة والسلامة، ذلك لأنَّه يمدُّ جسده بما يحتاج إليه من مقوِّمات السَّلامة والصِّحة كي يعيش في عافية، ويتجنَّب وعثات الأمراض، وعثرات الوعكات..، ولأنَّه ما هدف من أكله من العيش إلا ليكون سليماً قادراً على العمل والتفكير والأداء..
غير أنَّ كافَّة ما تشير إليه التقارير الصِّحية التي تتناقلها وكالات الأنباء، وتنشرها وسائل الإعلام، ويصرِّح بها مسؤولو الصحة، ويدلي بها الأطباء.. تقول إنَّ كلَّ الذي يتناوله الإنسان فيه شيء غير يسير من المضرَّة..، فالتغذية المعلَّبة مضرَّة، والمياه المحفوظة مضرَّة، والألوان المختلفة في العصائر أو في أيِّ أنواع غذائية خطيرة، والمجمَّدة غير سليمة، والخضراء ملوَّثة، والتُّربة التي تغذي الفواكه والثِّمار والخضروات تحمل «قنابل» من الأمراض.. والمبيدات نذير طواعين فاتكة.. فماذا يأكل الإنسان كي ينجو من الأدواء الثَّقيلة والخفيفة غير المطمئنة والمخيفة..؟... وكيف له أن يعيش سليماً كي يفرغ إلى عمارة الأرض في عافية عقلية وجسدية و نفسية وهو مشغول بخوفه ممَّا يشرب وممَّا يأكل، بل ممَّا يتنفَّس في شهيقه، وزفيره؟
هل يكتفي بالهواء؟
وكيف له أن يكتفي به وهو ملوَّث بما صنعه؟
ألا يفكر الإنسان كيف أنَّه أعمل عقله، بما أشغل فكره، بما جعله في ورطة ما صنع ومأزق ما فعل؟
أليس هو الذي شوَّه طبيعة النَّقاء في خلق الأرض بما ركَّبه من مؤثرات في بيئة الحياة التي يعيشها لكي يعيش، ويحياها لكي يقلق فيها؟
إنَّ ثمَّة ما على الإنسان أن يفعله.. في ضوء هذا...
هو أن يُغلق فمه عن الأكل، وأنفه عن النَّفَس، وعينه عن الرُّؤية وأذنه عن السَّمع..، فربما يعيش لحظات في الإحساس بمدى ما غدا عليه أمره ووباله على الحياة..، فماذا تأكل؟ وكيف تعيش؟ وقد أصبح الطِّب في عجز عن إيجاد علاج لأسقامك أيُّها الإنسان؟! فهل أنت فاعل كي تنجو؟.
|